اشتريت سيارة جديدة بعد صراع مرير مع سيارتي القديمة، وأوصاني البائع بضرورة فحص سيارتي الجديدة بعد أن تقطع ألف كيلومتر من المسير.
مضى أول ألف كيلومتر، فاتصلت بكراج السيارات في منطقة الري عدة مرات، فلم يرد على أحد.
شكوت إلى البائع الذي باعني السيارة سوء التواصل مع الكراج، فأرشدني إلى رقم آخر، فاتصلت بالرقم الآخر عدة مرات فلم يرد على أحد.
مضت الأيام ومضى معها عداد المسافات في الارتفاع حتى وصل إلى خمسة آلاف كيلومتر وأنا في حيرة من أمري، إلى أن قررت الذهاب بنفسي إلى الكراج في منطقة الري قبل صلاة الظهر، فوصلت إلى الباب العمومي على الشارع الرئيسي، فوجدته يعج بالسيارات، فلم أستطع الدخول إلى الكراج.
ركنت سيارتي على قارعة الطريق، فدخلت أسأل عن الموظف المسؤول، فأرشدوني إليه، فقلت له: سيارتي تجاوزت مسافة خمسة آلاف كيلومتر، وصار الوصول إليكم صعباً جداً. فقال لي: رجاء أوقف سيارتك خلف الطابور، وانتظر دورك! قلت له: من المسؤول الأعلى هنا؟ قال لي: إنه الاستاذ علي في الجانب الآخر من الكراج.
ذهبت أسأل عن الأستاذ علي، فأخبروني أنه لم يأت للعمل بعد، ولكن نائبه مصطفى مدير الخدمات موجود في مكتبه.
ذهبت إلى مصطفى فلم أعثر عليه، فأخبروني أنه يمشي في ساحة السيارات في الخارج.
حينما رآني مصطفى استقبلني استقبالاً حسناً، ولاسيما حينما علم أنني دكتور في الجامعة، فقصصت عليه القصة فسألني: من أي باب دخلت الكراج؟ قلت له: من الباب العمومي على الشارع الرئيسي. قال لي: كان ينبغي لك أن تدخل بسيارتك من هذا الباب الخاص بكبار الشخصيات، وأنت منهم. اجلب لي سيارتك من فضلك من هذا الباب!
حينما وصلت إلى الباب الخاص، فإذا بالبوابة الإلكترونية تفتح لي! ويتم استقبالي استقبالاً حسناً، ووعدني المهندس المختص أن خدمة سيارتي تستغرق 40 دقيقة. قلت له: إذن اإذن لي أن أصلي صلاة الظهر جماعة في مصلى الكراج ثم آتي إليك، فحينما وصلت، كان الناس قد صلوا، ولم يبق في المصلى إلا مواطن كويتي واحد، قد أنهى صلاة السنّة البعدية، فأقمت الصلاة لنفسي، فبادرني وقال لي: سوف أصلي معك لتكسب أجر الجماعة!
ثم قال لي بعد الصلاة: ما هو العمل الصالح الذي أنجزته مؤخراً، والذي من أجله سخرني الله سبحانه لأصلي معك جماعة، وتكسب أجرها؟ قلت له: أعمالي الصالحة كثيرة، ولكن كان آخرها التبرع النوعي والمالي لأهلنا في قطاع غزة. ثم قلت له: ما اسمك وأين تعمل؟ قال لي: معك مشعل مدير العلاقات العامة في الكراج. قلت له: سيارتي تحت الفحص ويستغرق فحصها 40 دقيقة، هل تسمح لي المكوث في مكتبك قليلاً؟ قال لي: تفضل معي.
جلست معه وهو يحكي لي قصصه مع المراجعين، وكيفية حل مشكلاتهم، واحتوائها. يقول لي مشعل: من هذه القصص، قصة فتاة جلبت سيارتها إلى الكراج، وقد دخل الطين مع الأمطار في سيارتها، وتوقف المقود عن الحركة، وهي تطلب أن يتم إصلاح سيارتها على بند الكفالة، ولكن المسؤول في الكراج رفض طلبها لأن تلك الخدمة لا تشملها الكفالة، فلما استيأست قالت: كم تكلفة إصلاحها؟ قالوا لها: 700 دك! قالت وهي تصرخ: لا أستطيع دفع هذا المبلغ! فطلبوا منها أن تدخل مكتبي شخصياً لعلي أجد حلاً لها. قلت لها: دعيني أنظر إن كانت هناك حالة في العالم شبيهة بحالة سيارتك، كي نجعل هذه الخدمة ضمن كفالة السيارة. وبعد برهة قال لها: بكل أسف، لا توجد حالة شبيهة، ولكن سوف نعطيك خصماً مقداره 90 ديناراً لتدفعي 610 دينارً فقط عند استلام سيارتك في نهاية الأسبوع القادم. ثم قال لها: تأكدي أن تتصلي بي قبل أن تدفعي المبلغ، لعل الله تعالى يوفقني إلى حل مشكلة سيارتك وإصلاحها بلا مقابل.
وحينما ذهبت الفتاة في نهاية الأسبوع المقبل لدفع المبلغ، تذكرت نصيحة مشعل، فاتصلت به، ففاجأها، وقال لها: لا تدفعي المبلغ! إن الخدمة سوف تكون مجانية لك ولكل حالة شبيهة بسيارتك. ثم سألها: ترى ما هو العمل الصالح الذي أنجزتيه مؤخراً، والذي من أجله سخرني الله سبحانه لك، لتكون خدمة سيارتك مجاناً بلا مقابل. قالت الفتاة: أعمالي الصالحة كثيرة، ولكن كان آخرها الدعاء لأهلنا في قطاع غزة بالعزّة وللمجاهدين بالنصر، والدعاء لأعدائهم بالهزيمة، والدعاء بتحرير المسجد الأقصى، والصلاة فيه ركعتين.
قلت للأخ مشعل: أعجبتني هذه القصة، وسوف أهدي لك كتاباً قمت بتأليفه بعنوان (كيف تصبح شخصية كاريزمية جذابة؟) وقد رأيت فيك سمات الشخصية الكاريزمية. ثم قلت له: ترى ما هو العمل الصالح الذي أنجزته مؤخراً، والذي من أجله سخرني الله تعالى لك لكي أهديك نسخة من كتابي؟ فقال لي: أعمالي الصالحة كثيرة، ولكن كان آخرها التبرع العيني من بطانيات وملابس وأطعمة لأهلنا في قطاع غزة.
قلت له: ما رأيك أن نصيغ قاعدة معاً في هذا الأمر مفادها: أنه من أراد لأموره أن تتيسر، ويسخر الله تعالى له من يقوم بأدائها، فليقم بأداء عمل صالح ولاسيما هذه الأيام لمصلحة أهلنا في غزة.