ما زلنا مستمرين في عرض وسائل التدريب الآسرة للمتدربين، والجاذبة لانتباههم، وها قد وصلنا لوسيلتين مهمتين يستخدمهما المدرب المتألق في تقديم دورته التدريبية، وهما:
– توزيع ورق على المتدربين لقراءته:
مهم جداً أن يقوم المدرب بتوزيع ورق على المتدربين لقراءته، فهذا يساعد على تثبيت المبادئ في أذهانهم.
مثال (1): في دورة تدريبية بعنوان «كيف تتخطى توقعات الآخرين؟»، التي قدمت لجمعية المعلمين الكويتية، في 10 أبريل 2011م، تم توزيع مقال على المتدربين بعنوان «كل له وجهة نظر تختلف عن الآخر حتى وإن كانوا جميعاً يعيشون في بيئة واحدة»، ثم طُلب من المتدربين التعليق على هذا المقال بعد قراءته، وتوضيح طرق تخطي التوقعات التي وردت فيه.
وفي ذلك، يعلم المدرب المتألق أن تخطي توقعات المتدربين سبيل من سبل نجاح دورته التدريبية.
مثال (2): في إحدى الدورات التدريبية حول «أسرار القيادة الفعالة»، في 6 يونيو 2022م، تم توزيع ورقة تحكي قصة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إبرهام لنكولن، الذي كان يتمتع برؤية واضحة، حيث لم تثنه المصائب التي مر بها مع زوجته وأصحابه عن تحقيق رؤيته في أن يكون رئيساً لأمريكا، وقد تحققت رؤيته، رغم كثرة الإحباطات التي أحاطت به، والفشل الذي أصابه، قبل أن يصبح رئيساً لأمريكا في 5 مارس 1861م.
توزيع ورق على المتدربين لقراءته يساعد على تثبيت المبادئ بأذهانهم
ومن ذلك، يستنتج المدرب المتألق أن الفشل أحياناً في أداء دورته التدريبية، والتقييم السيئ الذي يأتيه من بعض المتدربين؛ أمر متوقّع، وهو طريقه إلى النجاح.
مثال (3): في إحدى الدورات التدريبية في جمعية المعلمين الكويتية لأكاديمية إعداد القادة، بعنوان «بناء فريق العمل»، في 15 أكتوبر 2018م، تم توزيع وريقات عن هجرة الطيور، وطلب من المتدربين الاستدلال على فن إدارة فريق العمل من وحي ظاهرة هجرة الطيور.
وذكر المتدربون استدلالات كثيرة؛ منها تحديد هدف يتفق عليه جميع أعضاء الفريق، وتوزيع الأدوار بين أعضاء الفريق، وتشجيع أعضاء الفريق بعضهم بعضاً، ومساعدة البطيء في أدائه، والتناغم في الأداء، ولكن أهم الاستدلالات على الإطلاق هو وجود قائد يقود مجموعات الطيور، والامتثال لخط سيره.
لذلك، على المدرب المتألق أن يعلم أن فريقاً بلا قائد فريق فاشل!
مثال (4): في إحدى الدورات التدريبية التي قدمت للقطاع النفطي، بعنوان «فن إدارة الوقت»، تم توزيع مقال بعنوان «بس دقيقـة.. قصة عانقت الروعة»، طُلب من المتدربين قراءة المقال، واستقاء العبر منه في كيفية إدارة الوقت.
واتفق المتدربون على أن استغلال الوقت وفن إدارته هو الفارق بين الناجح في الحياة والفاشل فيها، وأن الدقيقة الواحدة قد تكون هي الفارق بين النجاح والفشل في حياة الإنسان، وأن أكبر سارق للوقت هو المقاطعات والتوافه في حياتنا التي قد تصل نسبتها إلى أكثر من 20%.
واتفق المتدربون، كذلك، على أن المقاطعات والتوافه في حياتنا أمران طبيعيان، على ألا تزيد نسبتهما في المتوسط على 20%، ويبقى 80% من حياتنا يُوجّه للتخطيط والطوارئ! نحن بهذا نطبِّق مبدأ إدارياً مهماً في علم الإدارة؛ وهو «مبدأ باريتو» في توزيع الأوقات؛ وهو أن 80% من أولوياتك العظمى في حياتك تنجز بعيداً عن 20% من الإحباطات التي تصيبك في حياتك.
ومن المقاطعات التي تكلم عنها المتدربون: زيارة صديق لك في منزلك أو مكتبك وأنت مستغرق في أداء شغلك، والاتصالات الهاتفية التي تأتيك من مصادر مجهولة، والمساعدات المستعجلة التي يطلبها الناس منك.. وهي في حقيقتها ليست ضرورية، وليس لها أولوية في حياتك!
ومن التوافه التي تكلم عنها المتدربون: كثرة شرب الشاي والقهوة في بيئة العمل، وقراءة جميع رسائل البريد الإلكتروني، والانشغال في فرز الأوراق القديمة لديك بحسب موضوعاتها!
ويستخلص المدرب المتألق من ذلك إدراك أهمية إدارة الوقت في دوراته التدريبية.
– استعمال الهاتف (النقال):
مثال (1): في إحدى الدورات التدريبية التي تدور حول عجائب الشخصية الكاريزمية والثقة بالنفس، التي قدمت لمؤسسة الرواد العالمية بمدينة إسطنبول التركية، في 25 فبراير 2016م، طُلب من المتدربين استعمال هواتفهم النقالة في تصوير وجوههم وهي مبتسمة، ثم النظر إلى صورهم وتقييم نسبة رضاهم عن ابتساماتهم!
العجيب في الأمر أنه لم يرصد أحد من المتدربين النسبة المئوية الكاملة 100%! والأعجب من ذلك أن واحداً منهم رصد نسبة 40%! وكثير منهم رصد نسبة 80%!
والهدف من هذا التمرين هو أن ما تراه في نفسك من سلوك تحسبه متزناً، قد يراه غيرك سلوكاً غير متزن، وابتسامتك لنفسك قد تحتاج إلى تغيير حتى ترضى عنها!
لذلك، على المدرب المتألق أن يحرص دائماً على تقييم نفسه من حين إلى آخر؛ من أجل أداء أفضل.
الهاتف أداة فعَّالة ويمكن استخدامه في إحياء الدورات التدريبية
مثال (2): في إحدى الدورات التدريبية لمركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة الكويت، بعنوان «أسرار القيادة الفعالة»، في 13 فبراير 2022م، لصالح الحرس الوطني الكويتي، طلبنا من الحضور استعمال الهاتف للدخول على موقع «يوتيوب» في شبكة الإنترنت، لمعرفة الفرق بين قيادة الرجل في بيئة العمل وقيادة المرأة، وما الذي يميز كل منهما عن الآخر في قيادة الآخرين؟
بعد المشاهدة للقطة رائعة في علم النفس للفروق بين الرجل والمرأة، توصّل المتدربون إلى أن القيادة سمات وصفات، متى ما وجدت في أي إنسان فهو قائد، فالرجل قائد في مجاله، والمرأة قائدة في مجالها، فكل واحد منهما قائد ومسؤول عن رعيته، والقيادة مرتبطة بالتأثير في الآخرين ودفعهم نحو تحقيق أهدافهم في الحياة.
مثال (3): في إحدى الدورات التدريبية، طلبنا من المتدربين استعمال الهاتف لمعرفة طرق مكافأة المتدرب لنفسه عند إنجاز أهدافه، وتوصّل المتدربون لطرق كثيرة في كيفية مكافأة النفس عند الإنجاز، منها: السفر إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، ومشاهدة فيلم وثائقي، وتناول وجبة طعام في مطعم متميز، وقراءة كتاب ثقافي، وممارسة هواية المشي والسباحة.
إذاً، المدرب المتألق يجعل الهاتف أداة فعالة، ويمكن استخدامه في إحياء الدورات التدريبية.