تعتبر الثوابت الدينية من الأسس الحيوية في بناء المجتمعات وضمان استقرارها، إذ تتجلى أهميتها في توجيه السلوك الفردي والجماعي وتعزيز الهوية الثقافية، ودعم الاستقرار النفسي وتنمية التعاون الاجتماعي وتقوية التوجه الروحي للفرد والمجتمع، وهي تؤدي دورًا محوريًا في تشكيل هوية الأفراد والمجتمعات على حد سواء.
ومن هذا المنطلق، يسعى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين طبقاً لنصوص نظامه الأساسي لتحقيق جملة أهداف وغايات، من بينها الحفاظ على الهوية الإسلامية للأمة وحمايتها من التحديات وموجات الهدم لتبقى دائماً أمة وسطاً شهيدة على الناس، فيسعى لمواجهة التيارات الهدامة والدعوات المعادية للإسلام الداخلية منها والخارجية بجميع الوسائل المتاحة، وتوحيد قوى الأمة بمختلف مذاهبها واتجاهاتها، كما يعمل على توحيد جهود العلماء ومواقفهم الفكرية والعلمية في قضايا الأمة الكبرى، ويعمل الاتحاد على مواجهة الغلو في الدين والانحراف في تأويل نصوصه، وتقوية الروح الإسلامية في الشخصية الفردية والجماعية، وتثبيت قواعد العمل لتطبيق الشريعة من خلال الاجتهادات المعاصرة المعتبرة، باعتبار ذلك سبيلاً لتحقيق صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان.
إن الدور المهم للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في التصدي لمحاولات هدم الثوابت الدينية يتحقق من خلال عدة وسائل وجهود، ومنها:
– إصدار الفتاوى والبيانات: يصدر الاتحاد الفتاوى والبيانات الرسمية التي ترد على الشبهات الدينية وتوضح المواقف الشرعية من القضايا الجدلية، ويسعى إلى تقديم التفسيرات الصحيحة للنصوص الدينية وتوضيح الثوابت من المتغيرات.
– التوعية والتعليم: ينظم الاتحاد المؤتمرات والندوات العلمية التي تهدف إلى توعية المسلمين بتعاليم الدين الصحيحة، كما يقدم الاتحاد دورات تعليمية وبرامج تدريبية للأئمة والدعاة لنقل المعرفة الدينية الصحيحة والتصدي للمفاهيم الخاطئة.
– النشر والإعلام: يقوم الاتحاد بنشر الكتب والمقالات والأبحاث التي تتناول القضايا الدينية من منظور علمي موثوق، ويستخدم وسائل الإعلام المختلفة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، لنشر الوعي والتصدي للأفكار المغلوطة والمنحرفة والمتطرفة.
– التعاون الدولي: يتعاون الاتحاد مع المؤسسات الدينية والعلمية الأخرى لتعزيز الجهود المشتركة في حماية الثوابت الدينية، ويشارك في الحوار مع الأديان والثقافات الأخرى لتعزيز التفاهم المتبادل وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام.
– الدعم الاجتماعي والسياسي: يقدم الاتحاد الدعم المعنوي والسياسي للمجتمعات المسلمة في مواجهة التحديات التي تهدد هويتهم الدينية، وبدوره يسعى إلى التأثير في السياسات العامة لحماية حقوق المسلمين ومعتقداتهم.
– البحث العلمي والدراسات: يشجع الاتحاد على إجراء الأبحاث والدراسات التي تعزز الفهم الصحيح للإسلام وتواجه المحاولات الرامية إلى هدم الثوابت الدينية، وينشئ لجاناً متخصصة لدراسة القضايا المعاصرة وتقديم الحلول الشرعية المناسبة لها.
من خلال هذه الجهود وغيرها، يسعى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى التصدي لمحاولات هدم الثوابت الدينية والحفاظ على الهوية الإسلامية، والتمسك بتعاليم الدين الصحيحة، ويتخذ الاتحاد لتحقيق أهدافه جميع الوسائل المشروعة المتاحة، ويركز خاصة على الخطاب الإعلامي التثقيفي المباشر للمسلمين تصحيحاً للمفاهيم والمواقف وفقاً لتعاليم الإسلام الحنيف، والتوعية المستمرة بالقضايا والأحداث المهمة ذات العلاقة بالإسلام والمسلمين أياً كانت طبيعتها، وتوجيه النصح بالحكمة والرفق لقادة المسلمين وذوي التأثير بما يدفعهم إلى الوقوف في الصف الإسلامي العام، ومن هذه الوسائل كذلك التعاون مع المؤسسات العاملة لتحقيق مصلحة الإسلام والمسلمين، والحوار مع التيارات الثقافية والمذاهب الفكرية والتجمعات السياسية الموجودة في الساحة الإسلامية أياً كان توجهها، والتعاون مع المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية العاملة في مختلف المجالات للتوعية بقضايا الإسلام والمسلمين في كل مكان، وعقد المؤتمرات والندوات الجماهيرية والعلمية لمناقشة القضايا ذات العلاقة بالإسلام والمسلمين وبلورة رأي إسلامي عام حولها.