ما زال كابوس الجوع يلاحق قطاع غزة، وكل ما يروج له من دخول مساعدات ما هي إلا لقيمات لا تسمن ولا تغني من جوع، فالحاجة أكبر بكثير؛ الأمر الذي جعل المجاعة تعود ثانية في معاناتها لأمعاء أهالي غزة الخاوية.
وهذا الأمر يزداد في مؤشراته لنساء قطاع غزة خاصة الحوامل منهن، فإنهن يعانين من نقص حاد في التغذية، ليست التغذية السليمة فحسب؛ بل بالتغذية بأي شيء يسد رمق جوعهن.
أبسط حقوقهن
جميع المؤسسات الغذائية الدولية كانت تتغنى بحق المرأة وخاصة النساء الحوامل بالحصول على العناية الطبية والغذائية، حيث لهما دور كبير في الحفاظ عليها وعلى سلامة جنينها.
لكن التطبيق العملي لذلك مفقود في قطاع غزة، فلم تعد النساء فيهن بحاجة للحديث عن حقوقهن ورفع شعارات وهمية لم تحرك بخطوات عملية لمساندتهن وخاصة الحوامل منهن.
فإنهن اليوم يخضن أشرس حرب ظالمة حرمتهن من أبسط حقوقهن، وكن محل استهداف من قبل صواريخ الاحتلال ليس هن وحدهن، بل أيضاً أجنتهن.
الأمر الذي يجعلنا نسأل: أين المؤسسات الطبية والحقوقية والإنسانية والنسوية الدولية التي تتغنى بحقوق المرأة من نساء غزة وأجنتهن؟!
سوء التغذية
الكثير من المواد الغذائية مفقود في قطاع غزة؛ الأمر الذي شكل معاناة مضاعفة لهن، فإنهن بحاجة إلى تغذية صحية أدناها الحصول على كوب من الحليب وبيضة واحدة، لكن هذا الأمر محال لهن، خاصة مع ندرة وجودهما وارتفاع أسعارهما جداً.
هذا كله كان له تأثير على صحتهن، وكثير من الأوقات على فقدان أجنتهن.
وهذا يقابله عدم وجود رعاية صحية بالشكل المطلوب، خاصة بعد أن استهدفت صواريخ الاحتلال مستشفى الشفاء أكبر مستشفى في قطاع غزة، واستهداف العديد من المستشفيات والمراكز والطواقم الطبية؛ الأمر الذي أضعف الخدمات الصحية خاصة مع نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وعدم توفر الفيتامينات وندرتها وغلاء أسعارها كان لها تأثير كبير على زيادة سوء التغذية.
حليب المرضعات
ومن تتم شهورها حملها وميلادها في ظروف صعبة تفتقر لأدنى المقاومات الغذائية والطبية، فلم تنته معها الحكاية بسماع صوت صرخات طفلها، فالحاجة تزداد خاصة أن الرضيع في هذا التوقيت يكون الحصول على غذائه الأساسي من الرضاعة.
وأصبحت الرضاعة منقطعة خاصة حينما لا تجد الأم المرضعة الغذاء الذي يتقوى به جسدها النحيل؛ وبالتالي ينقطع لديها الحليب، فتكون عاجزة عن تقديم أبسط حقوق طفلها بالرضاعة.
وفي هذه الظروف، يصعب عليها شراء علبة حليب أطفال لندرتها وارتفاع ثمنها، خاصة أن العديد من هؤلاء الرضع ولدوا أيتاماً بعد أن استشهد آباؤهم خلال الحرب.
والكثير من هؤلاء الرضع خرجن من أرحام أمهاتهن ولم يجدوا لهم بيتاً بعد أن قصف الاحتلال بيوتهم قبل أن يلدوا، فهم بذلك يعيشون رغم ضعفهم أشرس حرب لم ترحم طفولتهم البريئة، فلم تحرمهم من أمانهم وآبائهم وبيوتهم فحسب؛ بل حرمتهم من أبسط حقوقهم بالرضاعة.
فهل سمعت مؤسسات حقوق الطفل الدولية صرخات الرضع في قطاع غزة بعد أن سرقت المجاعة حليب أمهاتهم؟!