يعد مشروع د. هيثم طلعت في مواجهة الإلحاد من أهم المشاريع الفعلية المرتكزة على قواعد علمية رصينة، وهو واحد من أبرز المشاريع الفكرية التي تتناول نقد الإلحاد والدفاع عن قضايا الإسلام، استطاع أن ينازل هذه الحلبة ونجح بالفعل في أن يضيء مساحة كبيرة في هذا المجال.
يعد الكتاب الرئيس في هذا المشروع «بصائر»، الذي يمثل خلاصة جهود 18 عامًا من البحث والنقاشات في مجال نقد الإلحاد، بجانب دراسة لاقت رواجًا كبيرًا في أوساط المثقفين بعنوان «الإلحاد يسمم كل شيء»، حيث حذر فيها من خطورة الإلحاد على الأسرة الصغيرة والمجتمع والدولة المعاصرة.
فعندما تنتشر هذه الأفكار تكون الكارثة، وهو ما أرساه في دراسة أخرى بعنوان «إما الإيمان أو الفوضى»، واعتبر أن الإلحاد يؤدي إلى الفوضى وانعدام الأخلاق والقيم لأنه لا يحكمه صواب أو خطأ على الإطلاق، وفيما يلي إطلالة على مشروعه الفكري في مواجهة الإلحاد.
يتناول المشروع عدة محاور رئيسة، منها:
1- تفنيد آراء الملحدين حول نشأة الكون والحياة: يقدم براهين وآيات تثبت وجود الخالق سبحانه وتعالى من زوايا عديدة وأفكار مختلفة معظمها من خارج منظومة الأديان، حيث إن الملحد يرفض النصوص الدينية.
2- أهمية الدين للإنسانية: يوضح المشروع أهمية وضرورة الدين ومكانته في حياة البشر.
3- أدلة صحة الإسلام وصدق النبوة: يقدم أدلة على صحة رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
4- تفكيك شبهات الإلحاد: يكشف حقيقة الوسواس القهري في العقيدة والفرق بينه وبين الشبهات.
5- الرد على أشهر شبهات الملحدين: يتضمن ردودًا مفصلة على الشبهات المعاصرة.
6- مكانة المرأة بين الإسلام والإلحاد: يعرض الفروق بين موقف الإسلام والإلحاد من المرأة.
7- نقد الأفكار الضالة: ينتقد أفكارًا مثل إنكار السُّنة، النسوية، قانون الجذب، العلاج بالطاقة، التطبيع مع المثلية، والنباتية.
ومن هنا نستطيع أن نقوم بتحليل خطاب د. طلعت عن الإلحاد كما يلي:
– الموضوع والمحتوى: يتناول خطاب د. طلعت موضوع الإلحاد، حيث يقدم مجموعة من الحجج والانتقادات الموجهة للإلحاد من منظور علمي وفلسفي، ويُصدر تقريبًا مؤلفاً كل عام بجانب حسابه على «يوتيوب» وعدد كبير من الحوارات والنقاشات والمناظرات، التي يركز فيها على مناقشة الجوانب المختلفة للإلحاد، وتقديم أدلة تدعم وجهة النظر الدينية في مواجهة هذه الظاهرة.
– المنهجية والأسلوب: يعتمد د. طلعت في خطابه على منهجية الجدل والمناظرة بالتي هي أحسن، حيث يقدم حججًا منطقية وأدلة علمية وفلسفية لدحض الإلحاد، يستخدم أسلوبًا واضحًا ومباشرًا، مع التركيز على تبسيط الأفكار لتكون مفهومة لجمهور واسع من المتلقين؛ مما يساعد في توصيل الرسالة بشكل فعال.
– الأبعاد الأيديولوجية: من الناحية الأيديولوجية، يعكس خطاب د. طلعت تمسكًا قويًا بالقيم الدينية، حيث يسعى إلى الدفاع عن الإيمان الديني وتقديمه كبديل منطقي وأخلاقي للإلحاد، يؤكد البعد الأيديولوجي أهمية الدين في توفير معنى وقيمة للحياة، منتقدًا الإلحاد باعتباره يؤدي إلى الفراغ الوجودي وفقدان القيم الأخلاقية.
– الأبعاد الأخلاقية: يبرز مشروع د. طلعت الأبعاد الأخلاقية للإيمان الديني، فيدلل على أن الدين يوفر إطارًا أخلاقيًا قويًا يساعد في تنظيم الحياة الاجتماعية والفردية، ينتقد الإلحاد بأنه يؤدي إلى نسبية الأخلاق وعدم وجود معايير ثابتة للسلوك الإنساني، مما يؤدي إلى فوضى أخلاقية.
– التأثير والتحليل النقدي: يهدف خطاب د. طلعت إلى التأثير على الجمهور من خلال تقديم حجج منطقية وأدلة علمية وفلسفية تدعم وجهة نظر يقينية ضد الإلحاد المعاصر، ومن أجل ذلك يخاطب الملحدين العرب وشبكاتهم الاجتماعية والثقافية.
يرى بعض المختصين في العلوم الفلسفية أهمية التعامل مع مشروع طلعت بنظرة نقدية، حيث يمكن أن تكون هناك تحيزات محتملة في تقديم الحجج والأدلة، ويجب على القارئ أو المستمع أن يكون واعيًا بالسياق الأيديولوجي للخطاب، وأن يقوم بتحليل الحجج المقدمة بشكل مستقل.
نقد فكر الإلحاد المعاصر
كتاب «نقد الإلحاد» للدكتور طلعت هو المنهج العملي الذي وضعه لمشروعه الفكري، يهدف إلى تفنيد آراء الملحدين ونقد أشهر الشبهات التي يطرحونها، ينقسم الكتاب إلى 3 أجزاء، يتناول الأول منها نقد الأفكار الإلحادية المتعلقة بالكون ونشأة الحياة، والثاني: تفنيد آراء الملحدين في الدين، والثالث: نقد الافتراءات على الإسلام والشريعة.
المستهدفون من المشروع:
– الشباب المسلم المتعرض للشبهات الإلحادية.
– الأقليات المسلمة في دول العالم التي تتعرض لموجات الإلحاد.
أهداف المشروع:
1- تأسيس منهج نقدي لمعالجة الشبهات.
2- تأهيل الشباب المسلم للرد على الشبهات الإلحادية.
3- تعزيز اليقين والإيمان بالله تعالى من خلال الأدلة العقلية والعلمية والقرآنية.
حقيقة المحتوى المقدم في قضية الإلحاد المعاصر ضعيف التأثير حتى الآن أمام الهجمة الشرسة التي تقوم بها منتديات الإلحاد وشبكاتهم الممتدة، نحن نحتاج أضعاف ما يقدم من محتوى، ونحتاج وثائقيات، وإلى جانب ذلك مراكز أبحاث، ومؤسسات، وعلماء، ودعاة، ونفسيين، وخبراء مدربين يقدمون الطرح ويعيدون التأكيد عليه.
مشروع د. طلعت، رغم أنه له وجود وتأثير، فإننا نحتاج من يقدم للأجيال القادمة ما يطمئن الشباب ويعزز ثقتهم واليقين داخلهم بعيدًا عن حالة الاضطراب المتعمدة في الواقع الثقافي والديني الذي نعيش فيه.
يمكن اعتبار خطاب د. طلعت عن الإلحاد محاولة جادة للدفاع عن الإيمان الديني وتقديم بديل منطقي وأخلاقي للإلحاد، حيث يوفر الخطاب حججًا قوية وأدلة تدعم وجهة النظر الدينية، ولكنه يحتاج إلى نظرة نقدية لفهم السياق الأيديولوجي والاعتبارات الأخلاقية المحتملة، لذلك يُنصح بالاطلاع على مصادر متعددة ومناقشة الحجج من زوايا مختلفة.
يمكن أن يكون من المفيد أيضًا قراءة أعمال أخرى في الفلسفة والدين والعلم لموازنة الحجج المقدمة في خطاب د. طلعت وتكوين فهم شامل ومتوازن للموضوع.