عندما يألف الإنسان أي أمر، فإنه يعتاد عليه، ولا يشعر بقيمته سلباً أو إيجاباً، فينسى الفضل والشكر عند النعم، وينسى التضرع والدعاء عند البلاء، وهذا من الطبيعة البشرية، لذا يحتاج من يذكّره بين الحين والآخر بما يفعل في تلك المواقف المختلفة.
ومن هذه النعم الصحة، التي يُساءل عنها ابن آدم، فينسى أن يحمد الله ويشكره على نعمة الصحة والعافية، وأن يستخدمها بالخير، ومن البلاء المرض، فينسى أن يتضرع إلى الله عز وجل ويدعوه، ولم ولن يشعر بذلك كله إلا من فَقَدَ وابْتُلي.
ولنتذكر أن أمر المؤمن كله له خير، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له.
وكم نحن بحاجة إلى التذكرة المستمرة بذلك، بدءاً من استشعار النعم التي لا تحصى ولا تعد، وانتهاء بالقبول والرضا بقدر الله عز وجل، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط.
وقد من الله علي بنعم كثيرة لأكثر من خمس وخمسين عاماً، لا أعلم إلا اليسير منها، وما خفي أكثر وأعظم، وكم كنت مقصراً في استشعارها وشكرها، وأسال الله المغفرة لهذا التقصير، وكان لي في حياتي بلاءان كبيران .. الاحتلال العراقي للكويت، وقد نجانا الله منه بفضل منه، ومرض أصابني فشافاني الله منه بنعمة منه، وكان لزاما علي تناول الدواء بعد العلاج طول العمر، حتى أستذكر ما كنت به من صحة، ثم مرض، ثم عافية، فأحمد الله وأشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.
وأحمد الله على عودتي بالسلامة على أرض الوطن.. كويتنا الحبيبة، والتقي بوالدي الرائع الذي لم يتوقف عن الدعاء لي، وزوجتي الفاضلة التي كانت توازن بين رعايتي ورعاية أبنائي وبيتي وإدارة عملها بإتقان، وإلى أختي الكريمة المتبرعة لي بخلايا الدم، وجميع أعمامي وإخواني وأخواتي وأرحامي الذين تواصلوا معي دون انقطاع، وإلى أحبابي وأصدقائي الكرام الذين تلهج ألسنتهم بالدعاء لي طيلة فترة العلاج وما زالوا، وكل تلك نعم لا بد أن نستشعرها.
والشكر لكل من اهتم بي منذ بداية مرضي، بدءاً من الشيخ علي الجراح نائب وزير شؤون الديوان الأميري، والشكر موصول لوزارة الصحة لرعايتها الطيبة، ود.خالد السهلاوي وكيل وزارة الصحة، ود.راميش استشاري الأمراض في مركز حسين مكي، وكل الطاقم الصحي الذين راعوني خلال الفترة الأولى من العلاج في الكويت، ود.جمال الدعيج، ود.عبدالله قاسم، وكل من قدم لي رعاية واهتمام.
وأود التأكيد أن العلاج لم يكن من خلال أي واسطة سوى رب العالمين، وعانى أبنائي كثيرا في متابعة إدارة العلاج بالخارج للضغط الرهيب عندهم، ولا بد لهم من حل.
وأخيراً.. لا أنسى ابني العزيز محمد الذي رافقني طيلة فترة العلاج قرابة 7 أشهر، وابني عبدالله الذي حضر لأكثر من مرة إلى لندن، وأبنائي الذين كانوا على تواصل لم ينقطع، وأصحاب الديوانيات، والأخ حسين التمار الذي لم ينقطع عن زيارتي منذ أول يوم، حتى خروجي من المستشفى، وكل من تكبد عناء السفر لزيارتي.
والحمدلله على ما قضى، والحمدلله على سلامة العودة، فالاستقبال كان جوابا لمعنى المحبة بين أهل الكويت.
ولنتذكر جميعا إخواننا المرضى بالدعاء والصدقات.
د.عصام عبداللطيف الفليج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: الوطن