أكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة إسطنبول مدير المركز الثقافي التركي بالدوحة د. أحمد أويصال خطورة الدعوات المشبوهة ومحاولات الترويج للمثلية الجنسية على الأسرة والمجتمعات، خاصة المجتمعات المسلمة التي تتمسك بتعاليم الدين والحفاظ على الأسرة التي هي أساس تماسك المجتمع وعماد بنيويته.
وقال خلال حوار لـ«المجتمع»: إن هناك محاولات حثيثة لإدراج هذه الظاهرة رغم مخالفتها للفطرة البشرية السليمة.
بين الحين والآخر تطفو أزمة تتعلق بالدعوة للمثلية الجنسية كيف تنظر إلى هذا الأمر؟
– تجري في الآونة الأخيرة محاولات لإدراج المثلية الجنسية واللاجنسية وظواهر مشابهة كظاهرة جديدة في تركيا وفي جميع أنحاء العالم، سواء من حيث الحقائق العلمية أو المعتقدات الدينية أو التقاليد القديمة، فيعرف أنّ الإنسان مكون من جنسين، أنثى وذكر، ويظهر بوضوح أنه دون هذه التركيبة لا يمكن استمرار النسل.
كما تمثل هذه الظاهرة خطورة كبيرة وسينتج عن ذلك العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية، وفي هذا السياق، فإن المطالبة بالمثلية الجنسية واللاجنسية تحمل نوعاً من التعدي على وجود الفرد نفسه.
هل تعتبر حركة المثليين في تركيا حركة قديمة؟ وما سبب ظهورها؟
– ظهرت حركة المثليين والمتحولين جنسياً في تركيا في الثمانينيات من القرن الماضي بالتوازي مع الأمراض الأخلاقية في الغرب بسبب التقليد الأعمى بين النخبة التركية القديمة، ولا تهدف هذه الحركة فقط لتحدي قيم ومبادئ الأسرة المحافظة التي تعكس قيم ومبادئ المجتمع التركي المسلم، بل تسعى أيضاً إلى تقويض هيكل الأسرة التركية المزينة بالرموز الإسلامية.
فئة المثليين لا تعد ظاهرة قوية في تركيا لكن هناك محاولات لتضخيمها وتشويه تركيا المسلمة
إلى أي مدى تمثل حركة المثلية الجنسية خطورة على المجتمع؟
– لا شك أن نمو هذه الحركة قد يؤدي إلى نتائج متنوعة غير إيجابية، ويمكن أن يعرض مستقبل كافة الدول في العالم للخطر.
نلاحظ أنّ ظاهرة «LGBT+» التي تجتاح العالم بصوت عال وبدعم الغرب، تهز أسس أكثر القيم الأساسية للمجتمعات؛ مما يسبب تدميرًا في حالتهم النفسية أولاً، ومن ثم يجعلهم أقل قيمة من خلال عمليات الاستهلاك الرأسمالي على كافة المستويات.
برأيك هل هناك جهات معينة تقف وراء الدعوات للمثلية وتدعمها؟
– بالتأكيد، وإننا نرى في هذا النهج أسلوباً يطمح إلى خدمة مصالح متعددة، وهم يستهدفون الدول الإسلامية على وجه الخصوص لأن العائلة كمؤسسة اجتماعية ما زالت قوية في الدول الإسلامية.
وتعمل هذه الهياكل على نطاق عالمي ككيان مُنظم وممول، بهدف إفساد الأجيال، ونحن نعرف أن اللوبيات الغربية تخصص الأموال الهائلة لنشر المثلية والتطبيع معها، ولكن الشعب التركي متمسك بمبادئ أخلاقية إسلامية، كما أن الإنترنت والعولمة تؤثر على جميع المجتمعات في العالم، والمجتمعات العربية والتركية ليست بريئة من هذه التأثيرات.
هل دعاة المثلية في تركيا يمثلون تيارًا قويًا؟
– في السنوات الأخيرة، أصبحت قضية المثلية الجنسية في تركيا محورًا للنقاشات الاجتماعية والسياسية على حد سواء.
ولا تنتشر المثلية الجنسية بشكل واسع في البلاد، ولكن من الواضح أن بعض الجماعات الهامشية تحاول تصوير هذا الأمر كما لو كان متفشيًا باستخدامه كأداة للدعاية السياسية لتشويه صورة تركيا في العالم العربي والإسلامي.
ومن العجيب أن يحاول بعضهم تصوير تركيا كبلد «إسلام سياسي»، والبعض يحاول تصويرها كبلد غير إسلامي.
هناك حملات دعائية ممولة من جماعات غربية لنشر وتقوية ظاهرة المثلية خاصة في الدول المسلمة
هل القوانين التركية تسمح بتواجد فئة المثليين أو دعاة المثلية؟
– على الرغم من عدم وجود قوانين مباشرة في الإطار القانوني لتركيا تحمي المثليين، فإنه من المعروف أن هذه الجماعات وجدت لنفسها مساحة بعد أن منحت السلطة حق فتح الجمعيات في الفترة من عام 2003 إلى 2004م.
لماذا لا تقوم الشؤون الدينية التركية بدور كبير في محاربة الظاهرة؟
– لا ننسى أنه كان هناك تحديدات على الممارسات الدينية، وكان الباب مفتوحاً لحرية ارتكاب المعاصي، وحزب العدالة والتنمية هو من حرر المجال الديني دون أن يمنع الثاني طبقًا لمنهج التدرج والقوانين العلمانية.
تركيا دولة مسلمة، لماذا لا تفرض قوانين لوأد هذه الحركة؟
– يزيد كون تركيا دولة إسلامية من حساسية القضايا الاجتماعية، وخاصة المثلية، في ضمان السلام والاستقرار الاجتماعي، ومع ذلك، فإنه من الضروري تجنب خلق بيئة صراعية بين المعارضين في هذا الصدد، والتأكيد على ضرورة تشكيل القوانين وفقًا لطابع النظام العلماني بدلاً من النظام الإسلامي.
وفيما يخص قضية المثلية الجنسية، هناك مجموعات تُدرك أنها ترتبط بالاضطرابات الجينية، بينما تنظر إليها مجموعات أخرى على أنها انحراف، ضمن إطار الشريعة الإسلامية توجد أحكام وإمكانات محددة للأشخاص الذين يحملون جينات ذات جنسين، ومع ذلك، توجد هياكل تسعى إلى نشر المثلية كأيديولوجية بواسطة «ثقافة الووكا» بين المجموعات التي تُعتبر تهديدًا محتملاً للمجتمع.
تتواجد في تركيا جماعات دينية ونسبة كبيرة من المحافظين، لماذا لا تدعمهم الدولة أو تستعين بهم في مواجهة هذه الظاهرة والحد منها؟
– بالفعل، المنظمات غير الحكومية المختصة في مجال الدين والدراسات الإسلامية في تركيا تعمل منذ فترة طويلة على اتخاذ إجراءات جادة ضد أنشطة مثل هذه الهياكل بتنظيم مسيرات لحماية الأسرة وبرامج توعية لتثقيف الشباب حول هذه الأيديولوجيات.
ومع ذلك، فإن هذه الهياكل التي تعتبر مشروع تلاعب على المستوى العالمي لا تزال تسعى للتأثير على الشباب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والسينما وغيرها من وسائل الاتصال.
كيف يمكن تحجيم هذه الفئة؟
– على أساس حفظ عالمنا ومستقبلنا من الفوضى والوصول إلى الرفاه الفردي والاجتماعي، يجب أن تكون الأخلاق والعقل والأسرة المبادئ الأساسية الواجب الاعتماد عليها، ويجب الحفاظ على هذه القيم الأساسية دون التنازل عنها، ومواجهة من يهاجمون هذه القيم بحزم وبقوة.
ولا شك أن الحفاظ على الأسرة يعني الحفاظ على المجتمع، فبعد 80 سنة من محاولة إبعاد الشعب التركي عن الإسلام، والهوية والأخلاق الإسلامية ما زالت الأسرة قوية في تركيا بعيداً عن الدعاية المفبركة.