تعد دولة كينيا إحدى دول شرق القارة الأفريقية، خضعت للاستعمار البريطاني عام 1895م، بعد حكم أسرة البوسعيد العُمَانية الذي استمر مدَّة 60 عامًا، لكنها اليوم تشكل حضوراً سياسياً، وتتخذ موقعاً إستراتيجياً في المنطقة، من المهم أن نقف على أوضاع مسلميها بعد أن واجهوا تحديات عديدة في عهد الاستعمار البريطاني الذي لجأ لمجموعة من الحيل السيئة للتخلص من اللغة العربية، وذلك بكتابتها باللغة اللاتينية، ساعياً لصرف المسلمين عن قرآنهم، هكذا بدأت تحديات المسلمين في كينيا، وإن كان وضعهم اليوم يسير إلى الأفضل، وفق مراقبين ومهتمين.
يقول الباحث والمهتم بشؤون المسلمين بمنطقة القرن الأفريقي، عثمان بابكر، حول التعريف بمسلمي كينيا ومناطق انتشارهم: إن تاريخ دخول الإسلام إلى كينيا يعود إلى القرن الأول الهجري، حيث وصل الإسلام إلى الساحل الشرقي لأفريقيا عبر التجار العرب والفارسيين، وأدى التفاعل التجاري والثقافي بين العرب والسكان المحليين إلى انتشار الإسلام بسرعة في هذه المناطق.
ولفت الباحث، في إفادة لـ«المجتمع»، إلى أن الإسلام يعد من الديانات الرئيسة في كينيا، حيث يشكل المسلمون نسبة كبيرة من السكان، خصوصًا في المناطق الساحلية مثل مومباسا، ولامو، ومالي.
وتطرق إلى التعليم الديني في كينيا، وقال: إن التعليم الإسلامي في كينيا يشمل المدارس القرآنية التقليدية، والمعاهد الإسلامية، حيث يُدرّس القرآن الكريم والفقه والعقيدة الإسلامية.
أهم المعالم الإسلامية
وتطرق الباحث بابكر، في حديثه، إلى أهم المحطات والمعالم الإسلامية في كينيا، موضحاً أن مدينة لامو تعتبر أحد أبرز المعالم الإسلامية في كينيا، وهي مدينة تاريخية ذات طابع إسلامي وتقليدي، وقال: يوجد في مومباسا العديد من المساجد التاريخية مثل مسجد الجمعة الذي يعتبر من أقدم المساجد، مشيراً إلى أن المسلمين في كينيا يحتفلون بالأعياد الدينية مثل عيدي الفطر والأضحى، حيث تقام الاحتفالات والصلاة الجماعية وتوزيع الزكاة والصدقات على المحتاجين.
وتُعد منطقة مومباسا مركزًا مهماً للتعليم الإسلامي، ويبرز من المشايخ المؤثرين الشيخ عبدالله صالح الفارس، والشيخ عمر الفاروق، اللذان أديا دورًا كبيرًا في نشر الدعوة وتعليم الشباب، إضافة إلى ذلك، هناك جامعات إسلامية مثل جامعة أم القرى التي تساهم في تخريج علماء دين مؤهلين.
ولم يذهب محمد الحافظ كباشي، الصحفي المقيم في كينيا، بعيداً عن رؤية الباحث بابكر، قائلاً: انتشر الإسلام بدولة كينيا بطريقة جيدة في القرن الحادي والعشرين، وأدى الصوماليون دوراً مقدراً في انتشار الإسلام بدولة كينيا؛ حيث يقيمون دروساً إسلامية بعدد من المساجد بدولة كينيا، وأهمها مسجد أدمس الذي يستضيف يوم الأحد من كل أسبوع درساً حول كيفية انتشار الإسلام ومساعدة سكان هذه الدولة لاعتناق الإسلام.
وأضاف، في حديث لـ«المجتمع»، أن مدينة ممبسا تتميز بالعدد الأكبر من المسلمين في هذه الدولة، وأبرز المعالم مساجد أدمس، وكليماني، جاكا، رود الجديد، وجومي موسك بالتاون، وتتمركز هذه المساجد بنيروبي.
مؤتمر دعوى بنيروبي
وفي سياق متصل حول جهود ومناشط العمل الإسلامي في كينيا، شهدت العاصمة نيروبي مؤتمراً دعوياً، شارك فيه نحو 1000 كيني وإثيوبي مقيمين في كينيا، بتنظيم من مجموعة دعوية إثيوبية، تُعرف باسم «Gaddisa Islaamaa»؛ وتعني «في ظلال الإسلام».
والمؤتمر الذي عقد في دورته الرابعة شهد حضوراً بارزاً يتقدمهم الشيخ أمين إبرو، ود. الشيخ محمد حميدين، والشيخ عبدالسلام خضر، إلى جانب العديد من الأساتذة والدعاة الإثيوبيين، مما أضاف قيمة وعمقاً كبيراً للمناقشات والتعاليم المقدمة في المؤتمر، وفق أحد المشاركين في المؤتمر بنيروبي، خلال تصريح لـ«المجتمع».
واختتم المؤتمر الذي استغرق 5 أيام الأحد الماضي، مشتملاً على العديد من الموضوعات والمناشط، بينها التشاور مع قادة المجتمع والأئمة خاصة خطباء الجمعة، تحت شعار «تحت ظلال الإسلام».
وأوضح الصحفي الإثيوبي محمد أمين حسين أن برامج ومناقشات المؤتمر تركزت حول تربية الأبناء تربية إسلامية، فضلاً عن تقديم المشورة للمسلمين الإثيوبيين حول كيفية تربية أطفالهم بطريقة إسلامية أثناء العيش في مجتمع مختلف.
وشدد المؤتمر أيضاً على الحاجة إلى الاحترام والتفاهم المتبادلين، وشجعوا الحضور على التفاعل بشكل إيجابي مع مجتمعاتهم الجديدة، ولفتوا إلى أنه من الممكن التمسك بالقيم الإسلامية مع الاحترام والانفتاح على عادات وتقاليد المجتمع المضيف.
وتميز المؤتمر بمشاركة حماسية من الحاضرين، الذين شاركوا في المناقشات وطلبوا التوجيه بشأن مختلف جوانب العيش كمسلمين في بيئة متعددة الثقافات، ووفر هذا الحدث منصة قيمة لتبادل الأفكار والتعلم من العلماء والمعلمين ذوي الخبرة.
ووصف حسين المؤتمر بالناجح، باستهدافه عدداً كبيراً من الكينيين والإثيوبيين؛ مما عزز الشعور بالانتماء للمجتمع والهدف المشترك، وأضاف أن المؤتمر قدم دعمًا للمسلمين الإثيوبيين الذين يتنقلون في الحياة في سياق ثقافي جديد، وأكد الاستقبال الإيجابي والمشاركة الفعالة للمشاركين على أهمية وتأثير مثل هذه التجمعات في تعزيز الروابط الإيمانية والمجتمعية.
وبالعودة إلى إفادة الباحث والمهتم بقضايا المسلمين في منطقة القرن الأفريقي بابكر، أن المجلس الإسلامي في كينيا حقق إنجازات بارزة في دعم التعليم الإسلامي وتوسيع نطاق الدعوة، فضلاً عن تعزيز دور المسلمين في المجتمع المدني والسياسي.
وأضاف: يشارك المسلمون في كينيا في السلطة التنفيذية والتشريعية، ولهم عدد من النواب والوزراء المسلمين.
لكن استدرك قائلاً: ومع ذلك، يواجه المسلمون تحديات عدة، منها التمييز الديني، والضغط السياسي، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي تؤثر على دعم المؤسسات الإسلامية.
ويُعتبر المجلس الأعلى لمسلمي كينيا (SUPKEM) من أبرز الهيئات الدينية التي تنظم شؤون المسلمين وتدير التعليم الإسلامي، كما تؤدي المحاكم الشرعية دورًا مهمًا في الفصل في القضايا الدينية والأسرية، كما تشمل المؤسسات الخيرية العديد من الجمعيات التي تقدم الخدمات الاجتماعية والطبية والتعليمية للمجتمع المسلم.