تشير لفظة المراهقة إلى الفترة التي يبدأ فيها البلوغ الجنسي للطفل وصولًا إلى مرحلة الرجولة؛ حيث النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، وما يصاحبها من تغيّرات ومظاهر نمو قد تمتد لعقد أو يزيد من عمر الفرد، وخلالها يميل إلى الاستقلال الانفعالي عن الآباء والكبار، ويشعر بذاته؛ ما يعرّضه لصراعات متعددة، داخلية وخارجية.
ويعد النمو الفكري من أهم خصائص هذه المرحلة، فيصير لدى المراهق فضول كبير، ويسعى إلى التعلم، ويمتلك قدرًا من التأمل الذاتي، ويعاني المراهق في هذه الفترة من صراع ديني، بين ما تلقاه وهو طفل من مبادئ وشعائر وبين تفكيره الجديد، وجزء من هذا الصراع يكون بين جيله، بآرائه وأفكاره، وجيل الآباء والكبار.
متطلبات تربوية
وبما أن مرحلة المراهقة مرحلة حساسة، يصاحبها شعور بالحاجة إلى إثبات الذات ومزيد من الحرية والاستقلال؛ فإن على الآباء والمربين عبء التعرف إلى المتطلبات التربوية للمرحلة، خصوصًا ما يتعلق منها بأمور العقيدة، بالعمل على تنمية الإحساس لدى المراهق بالمسؤولية، وتوجيهه وتبصيره بعواقب الأمور، ويكون ذلك مقرونًا بإبداء التقدير والاحترام والعطف لشخصه، وحسن الإصغاء إليه، والاستماع إلى أفكاره ورؤاه، ومشاركته مشكلاته وهمومه، والتقليل –قدر الإمكان- من إصدار الأوامر والنواهي.
ومن المهم متابعته في اختيار أصدقائه؛ إذ عليهم دور كبير في تكوين قناعاته وميوله، وكلّ ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بالفرض والقمع، والأمر ذاته ينطبق على اختياراته في التقليد؛ ففي هذه المرحلة يقلد المراهق بعض الرموز والشخصيات التي تجذبهم عادة، من الفنانين والكُرويين وغيرهم، فيجب التعامل مع هذه النزعة بالتوجيه والإرشاد المغلّف بالحب، والتأصيل لفكرة الهُوية والانتماء، وزرع الثقة بنفسه، وترسيخ قدرته على مواجهة الحياة.
المراهقون والإنترنت
غدا الإنترنت، وفي القلب منه وسائل التواصل الاجتماعي، جزءاً لا يتجزأ من حياتنا العصرية، وغدت اللغة الرقمية هي لغة المراهقين، وعلى ما أحدثته الشبكة العنكبوتية من ثورة ثقافية وإتاحة شتى أنواع المعرفة في قوالب تكنولوجية في كل الأوقات؛ فإنها مثّلت خطراً كبيراً على عقول وأفكار الناشئة؛ ما يتطلب يقظة تامة من الأهل والمربين، خصوصاً ما يتعلق بشرائع الدين ومنظومة القيم والأخلاق، فيتم التشديد على عدم التعاطي مع كل ما ينافي هذه الشرائع والقيم، والتنفير من المفاهيم والأعراف المغلوطة، وفي المقابل التشجيع على الوسائط التي تدعو إلى الفضيلة، وتحثُّ على البر والتقوى، والتكافل والتعاون، وتوجب طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والوالديْن، وكل ما يجعل المراهق بارًّا بكل من حوله، وما حوله، متوازنًا في حياته، منضبطًا في سلوكه.
مبادئ تعليم الإسلام
تعليم مبادئ الإسلام للأطفال يبدأ، كما هو معلوم، منذ مجيئهم إلى الحياة؛ فمما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «أذَّن في أُذن الحسن بن عليّ عند ولادته» (أبو داود والترمذي).
وقد أوجب العلماء على الآباء تعليم الطفل كلمة التوحيد بمجرد استطاعته النطق، ثم المداومة على تربيته وتعليمه منهج الإسلام والأخلاق الفاضلة في كل مراحله بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، وإذا كان يثبت بالبلوغ التزام أحكام الشرع، فيجب:
– أن يتعلم القرآن؛ فيتعلم أحكام التلاوة، ويُكلّف بالحفظ ولو بمقدار يسير في البداية، ويتعلم التفسير من أجل سلامة الفهم، وللقناعة العقلية بمعانيه.
– وأن يتعلم الحديث؛ ليتعرف على سُنة النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن أن يكون ذلك من خلال كتاب «الأربعون النووية».
– وأن يتعلم السيرة؛ ليتصور حقيقة الإسلام بصورة عملية متجسدة في شخص النبي صلى الله عليه وسلم وليس الوقوف على الأحداث التاريخية فقط.
– وأن يدرس جزءًا من حياة الصحابة، وفي مقدمتهم العشرة المبشرون بالجنة؛ للتعرف إلى نماذج اتخذت الإسلام منهجًا وسلوكًا، فوقع ذلك التحوّل الكبير في حياتهم، ومن ثمّ كان لهم هذا التأثير العظيم على الدنيا بأسرها.
– وأن يتعلم العقيدة، فيعرف أركان الإيمان الستة، ويتعلم مفهوم الإيمان، وأهميته، وأنواع التوحيد، وأن يُربّى على معرفة الله عز وجل، وأن يُغرس في نفسه إخلاص المحبة له، والترغيب فيه، وإفراده سبحانه بجميع أنواع العبادات.
– وأن يتعلم جزءًا من الفقه؛ بمعرفة الأحكام الشرعية للعبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج، وأن يعرف معنى كل عبادة وجوهرها، وأن يؤديها أداء صحيحًا بالكيفية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
– وأن يعرف مفهوم حسن الخلق، ومظاهره ووسائل اكتسابه، والعلاقة بينه وبين الإيمان، وأن يتأسى في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتوظيف الأحداث العامة والشخصية لاكتساب حسن الخلق.
– وأن توضح له وسائل تزكية النفس، ومحاسبتها، والخوف من الله، ونهي النفس عن الهوى، والتقصير، والتوبة إلى الله، وأن يُذكّر بالموت، ويتعلم أهمية الدعاء، وفضله، وأن يتدرب عليه.
– وأن يهتم بأمر المسلمين؛ فيفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، ويتابع أحوالهم، ويعرف ما يحاك لهم من مؤامرات ومآسٍ، وليعلم أن ذلك من تمام الإسلام؛ فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.