رأيته أول مرة في ثمانينيات القرن الماضي في عمَّان
خير كله ولا نزكيه على الله.
بعدُ نظرٍ ورؤيةٌ ثاقبة.
قدرة فائقة على الإقناع والحجة الباهرة.
“كريزما” شخصية لا يمتلكها الكثيرون من القادة.
رأيته أول مرة في ثمانينيات القرن الماضي في عمَّان ولم تغِب عني تلك اللحظات.
رأيت رجلاً مهيباً وسيماً يتحدث بأفكار متدفقة لا يتلعثم، يشي حديثُه بثقافة واسعة وبكلام كبير فعلاً، فقلت في نفسي قبل أن أتعرف عليه: الحمد لله الذي جعل من رجالات الإخوان المسلمين أمثال هذا الرجل الفذ.
سألت عنه وإذا رصيده من العمل والممارسة أكبر من مظهره وحديثه وتنظيره، فإذا له باع في التكوين والتنظيم حتى كان الوحدوي الذي تذوب أمام وعيه الهويات الصغيرة فيأتي في عام 1978م بمشروع ليوحد تنظيم الإخوان المسلمين الفلسطينيين مع تنظيم الإخوان في الأردن في تنظيم واحد يطلق عليه “تنظيم بلاد الشام”، وبقي على هذه الحال حتى عام 2006م عندما استجدت ظروف وأحوال وقناعات.
ووجدته في مشروع المجمع في غزة الصامدة صاحب فكرة وممولاً وراعياً، ووجدته في الجامعة الإسلامية في غزة حيث كانت حلماً فأصبحت حقيقة وكان حامل لوائها فنياً ومالياً هو وإخوانه يرحمه الله.
كنت أزوره أحياناً خلال أداء العمرة، تجلس إليه فيحدثك عن الاحتلال والمقاومة وعن مشكلات العالم الإسلامي ويسألك عن تفصيلات تشعر أنه يتابع دقائقها.
أوذي في الله فصبر وغفر واحتسب، ولقي الله على العهد.
وإن كانت الظروف قد باعدت بينك وبين إخوانك وبين مسقط رأسك ومهوى فؤادك الأول، فقد زالت الحواجز الآن وأنت في ضيافة الجواد الكريم سترى من منعت من رؤيته ومجالسته وقد استودعت أحباءك وإخوانك كوكبة من الفرسان تربّت.
في بيت طهر وفضل، رضعوا حب الخير والأرض والدين والهمة العالية رجالاً ونساءً، ثقلت برحيلك أعباؤهم، وتضاعفت مسؤولياتهم، أعانهم الله ونفع بهم.
غادرت كما يغادر الكبار في العادة بلا ضجيج وبسرعة، ونحن الأحوج إليك، لكنها سُنة الله التي لا تتخلف.
جمعنا الله بك في مستقر رحمته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها.