“يدعوت أحرونوت”: جيورا آيلند
نشر خبران مقلقان مؤخراً عن “تنظيم الدولة الإسلامية”؛ في الخبر الأول زعم أن التنظيم يستخدم سلاحاً كيميائياً ضد الأكراد في سورية، وفي الخبر الثاني زعم أنه سيطر على مدينة مهمة في شرق ليبيا، يبدو أن لا شيء قادر على وقف انتشار هذا التنظيم الإجرامي في العراق، وسورية، وشمال سيناء، وليبيا.
كيف يحدث هذا؟ لماذا لا ينجح الغرب في وقف هذا العدو، الذي ينتج أخطاراً مخيفة جداً؟ الجواب ينقسم إلى قسمين: تركيا والضعف.
فبالنسبة لتركيا: ينشغل “تنظيم الدولة الإسلامية” بالتصدير والاستيراد، عبر تركيا؛ تصدير النفط، الذي يشكل مصدر دخله الأساسي، واستيراد المقاتلين والمتطوعين الذين يأتون من كل أنحاء العالم عبر تركيا، وبشكل ليس مفاجئاً، فتركيا، التي هي عضو في “الناتو”، تساعد علناً العدو المعلن للحلف.
والسياسة الانتهازية لتركيا تستهدف السماح لـ”تنظيم الدولة الإسلامية” بقمع الأكراد، ولكنها عملياً تعرض مصالح أكبر بكثير للخطر، صحيح أنه بعد عملية لـ”تنظيم الدولة الإسلامية” ضد أهداف كردية داخل تركيا مؤخراً، سمحت أنقرة لطائرات أمريكية باستخدام قواعدها ضد “تنظيم الدولة الإسلامية”، ولكن هذه البادرة الطيبة الصغيرة لا يمكنها أن تغير سياستها العامة، التي بقيت قضية إشكالية.
الشيء الثاني والمدهش بقدر لا يقل عن الأول هو الضعف الشديد العملي للغرب، فمن الناحية العسكرية يعتبر “تنظيم الدولة الإسلامية” عدواً سهلاً، فهو ليس تنظيماً إرهابياً مثل “القاعدة” يختبئ نشطاؤه بين السكان المدنيين، فالحديث يدور عن جيش حقيقي يعمل في أطر كبيرة، له قيادات وأملاك، ومقاتلوه يسافرون في وضح النهار في سيارات “تندر” يسهل التعرف عليها.
ومثال جيد على طبيعة عمل التنظيم كان احتلال مدينة الرمادي في العراق قبل بضعة أسابيع، هذه مدينة كبيرة تقع علي نقطة إستراتيجية مهمة على ضفاف دجلة وعلى الطريق الرئيس بين بغداد وعمَّان، اقترب آلاف من مقاتلي “تنظيم الدولة الإسلامية” من المدينة في وضح النهار على سيارات “تندر” مفتوحة واحتلوها بسهولة من الجيش العراقي المنسحب.
والحق أن عدواً كهذا يمكنه أن يكون “خبزاً سهلاً” لكل جيش غربي قادر بسهولة على أن يعثر على مثل هذه الأهداف ويهاجمها من الجو، ولكن هذا لم يحدث؛ لأن الغرب لم يقرر بعد إقامة منظومة تعالج هذا التهديد بشكل ناجع، مثل هذه المنظومة يمكن أن تبنى على أساسين اثنين فقط، وكلاهما بسيط نسبياً، دون المخاطرة بمرابطة جنود غربيين على الأرض.
الأول: هو إقامة جسم استخباري متداخل يمكنه أن يخلق الأهداف في الزمن الحقيقي، طريقة عمل “تنظيم الدولة الإسلامية” بالذات تسهل على مثل هذا العمل الاستخباري.
الأمر الثاني: هو القرار بأن مهاجمة أهداف “تنظيم الدولة الإسلامية” في دول متفككة مثل العراق، سورية وليبيا (مصر حالة أخرى) لا تستدعي أي تنسيق مع الدولة، بل العمل تلقائياً في المجال الذي أغلق في صالح أسلحة الجو الغربية من طرف واحد، والتداخل بين هذين الأمرين خلق أهدافاً و”إغلاق دائرة” عملياتية في جدول زمني قصير يمكن أن يؤدي إلى هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في غضون وقت غير طويل.
القتال ضد “تنظيم الدولة الإسلامية” يتميز إذن بضعف سياسي أمام تركيا من جهة، وبإهمال عسكري غير مفهوم من جهة أخرى، خسارة أن الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، يتصرف بمثل هذا الإهمال، نأمل ألا يستيقظ إلا عندما يبدأ “تنظيم الدولة الإسلامية” باحتلال أوروبا، عندها سيكون الأوان قد فات.