أكثر من 130 ألف قتيل سقطوا جراء “الحرب الأهلية السورية” التي دخلت عامها الرابع، وخرجت من طورها السلمي المنادي بالحرية والديمقراطية إلى طورها المسلح المنقسم بين جماعات مقاتلة على الأرض منها من ينادي بالديمقراطية والعلمانية، ومنهم من ينادي بالشريعة الإسلامية.
4 سنوات مرت ومازال الشعب السوري يعاني الويلات بسبب الحمم التي أهداها له النظام عن طريق طائرات الميغ والبراميل المتفجرة والصورايخ الموجهة.
كل هذه الهدايا التي وصلت السوريين كانت مصدرها روسيا التي لم تبخل يوماً ما على النظام من أجل تزويده بكل وسيلة تزهق الأرواح وكان آخرها تزويده بـ6 طائرات ميغ 31 حديثة روسية الصنع وفق اتفاقية تسليح مبرمة بين البلدين، وذلك حسب ما أعلنته وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء.
المصدر نفسه أكد حصول دمشق على دفعة جديدة من صورايخ كورنت 5 متطورة ومدفعية من عيار 130 مم وذلك ضمن خطة التسلح التي تم توقيعها بين البلدين منذ 3 سنوات.
الحلفاء الروس لم يبخلوا على النظام السوري طيلة الصراع المسلح في سوريا، بل قدموا كل خبراتهم من أجل تدريب عناصر من الجيش السوري حيث يتواجد عدد من الضباط والخبراء العسكريين الروس على الأراضي السورية منذ بداية الثورة، بل كشفت فيديوهات مسربة في سنة 2012 و2013 عن وجود عناصر من الجيش الروسي تقود المعارك في سوريا رفقة عناصر من حزب الله والميليشيات الشيعية.
في الخامس عشر من شهر مارس 2011 كانت بداية تاريخ أصعب تحرك احتجاجي شهده العالم العربي بأسره، هذا التاريخ الذي تتمسك به المعارضة السورية كموعد انطلاق للثورة السورية، في حين يرى ناشطون من درعا أن يوم 18 مارس كانت الشرارة الحقيقية لانتفاضة الشعب ضد نظام بشار الأسد.
بداية الاحتجاجات شهدت اختلافات بين فصائل المعارضة في الاتفاق على تاريخ فعلي لبداية أحداث الثورة السورية أي أن الثورة السورية كتب عليها أن تبدأ بالخلافات.
هذه التحركات الاحتجاجية التي بدأت شرارتها في مدينة درعا بسبب اعتقال الأمن السوري لخمسة عشر طفلاً قاموا بكتابة شعارات تنادي بالحرية، وتطالب بإسقاط النظام على جدار مدرستهم يوم 26 فبراير، سرعان ما تحولت إلى مظاهرات عارمة شهدتها عدة مدن سورية يومي 15 و 18 من شهر مارس.
بدأت الثورة السورية عفوية عن طريق دعوات التظاهر والاحتجاج ومطالبة النظام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كالثورة التونسية والمصرية التي سبقتها.
ظلت الاحتجاجات سلمية طيلة أربعة أشهر في كل المناطق السورية، حيث خرجت المظاهرات من المدن السورية مطالبة النظام بإصلاحات جذرية ومحاربة الفساد ومزيد من الحريات، وكان من أبرز الشعارات المرفوعة في تلك الفترة “الله سوريا حرية وبس”.
لكن أبى النظام إلا أن تكون القبضة الأمنية في مواجهة تلك الاحتجاجات الشعبية ليزج بكل قواته الأمنية والعسكرية لقمع المظاهرات وقتل المتظاهرين لتصل حصيلة القتلى بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات إلى أكثر من 2300 قتيل وفق إحصائيات الهيئة العامة للثورة السورية.
صدق من سمّى هذه الثورات العربية “بالفاضحة”، فقد فضحت الهيئات الأممية وكل الدول في العالم التي ما فتئت تؤجج الحرب السورية بشتى الوسائل، وكان الخاسر الوحيد ذلك السوري البسيط الجائع المصطف خلف طوابير طويلة أمام فرن بدائي ينتظر الظفر برغيف خبز يابس يسد به رمق الجوع الذي أصابه هو وعائلته، ولكن يأبى بشار الا قصفه وقصف المصطفين معه ليتحول حلم الحصول على رغيف الى أمل في النجاة من مخلفات الشظايا، أو أمل في تقبيل أبنائه قبل الانتقال إلى الدار الآخرة.
4 سنوات وخمسة أشهر مرت على الشعب السوري والعالم ينظر الى أنهار الدماء وملايين النازحين ومئات الألاف من الجرحى والمهجرين.
أربع سنوات وبيانات الشجب والاستنكار والنظر ببالغ الأسى والندم والقلق قد انهالت على وسائل الإعلام لتنشر قلق الأمم المتحدة من تصاعد العنف في سوريا، واستنكار الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية، ورفض المنظمات الحقوقية للاستعمال المفرط للقوة من قبل الجيش السوري.
فرضت الأحداث والواقع الذي صنعه الأسد من الشعب السوري أن يحمل السلاح بعد حصول انشقاقات في صفوف الجيش السوري لتدخل الثورة السورية طريق الدماء والأشلاء والمفخخات وقصف الطائرات حتى وصل عدد القتلى في شهر جوان 2015 إلى 133355 قتيلاً سقطوا جراء الاقتتال الدائر في سوريا في إحصائية نشرها موقع قاعدة بيانات شهداء الثورة السورية التابع للمعارضة.
صحيح أن العدد مرشح للارتفاع، لكن هذا العدد المهول للقتلى كشف لكل مبصر مدى زيف الدعاوى التي رفعها كثيرون أنهم مع سوريا ومع الشعب السوري، وسيبذلون كل المساعي للإطاحة ببشار الأسد ووقف نزيف الدماء.
لقد فضحت الثورة السورية هيئات الإغاثة العالمية التي عجزت عن توفير أبسط مقومات العيش الكريم للنازحين السوريين، وفضحت المشايخ الذين تصدروا مجال الإفتاء فأفتوا الناس في تحريم قيادة المرأة للسيارة وحرمة الخروج على ولي الأمر، وعجزوا عن الإفتاء في نازلة جواز أكل” كل ذي ناب من السباع” للمضطر من السوريين الذي عجز أن يجد ما يسكت به الأصوات المنبعثة من بطنه الذي لم يصل اليه أي طعام منذ أيام وليالي.
فضحت سوريا الدول العربية التي أعلنت في العلن مساندتها لإرادة الشعب وفاوضت في السر النظام ومولته ودعمته ولم تنزع منه الشرعية من خلال إقامة علاقات دبلوماسية معه.
كل يوم قتلى بالعشرات وجرحى بالمئات وما زال العالم يحتفل بأكبر صحن فول في العالم، وبأكبر سندويتش وبأضخم عرض للألعاب النارية في العالم، ونسي هؤلاء أن أضخم عرض ألعاب نارية في العالم شهدته سوريا في جوها وبرها بالبراميل المتفجرة التي يلقيها الجيش السوري، بدعم من كل قوى الشر العالمية وعلى رأسها روسيا وإيران.
لقد فضحت الثورة السورية القوميين العروبيين الذين مازالوا يصدعون رؤوسنا بدعمهم للنظام في السر وفي العلن، مدعين أنه نظام المقاومة والممانعة، ولكن المقاومة والممانعة لم نر ما يشهد لها في الحقيقة إلا قتل نظام الممانعة 6298 سورياً في شهر اوت من سنة 2012.
2614 قتيلاً شهرياً معدل القتلى في سوريا، ومازال العالم يبحث عن البديل المناسب للأسد، ومازالت حصيلة القتلى ترتفع يوماً بعد يوم، ولا تزال المعارضة السورية متمتعة بفنادق تركيا وباريس وأمريكا، تنال أقساطاً من الراحة وتتناول ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات بأنواعها، ثم يتنافسون فيما بينهم لانتخاب رئيس للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وانتخاب رئيس وزراء للحكومة السورية المؤقتة في تركيا للمتاجرة بدماء السوريين.
وفي الأخير، أقتبس ما قاله الحجاج بن يوسف وإن كان طاغية من طغاة العرب إلا أن الحكمة قد خرجت من فيه عندما خطب أهل الشام وقال لهم: “يا أهل الشام إنما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه ينفي عنه القذر ويباعد عنها الحجر ويكنها من المطر ويحميها من الضباب ويحرسها من الذباب، يا أهل الشام أنتم الجنة والرداء وأنتم الملاءة والحذاء، أنتم الأولياء والأنصار والشعار والدثار بكم يذب عن البيعة والحوزة وبكم ترمى كتائب الأعداء ويهزم من عاند وتولى”.
فرغم البلاء والإبادات التي تعرض لها السوريون في التاريخ القديم والحديث إلا أن النصر كان حليفهم في كل محنة تمر بهم، ولو ظلت الويلات تنهال عليهم لسنوات وسنوات يُكشف فيها عن زيف الدعاوى التي يرفعها كثيرون لأن النصر يكون مع الصبر طال الزمان أو قصر.