دعوية اجتماعية خيرية تلتزم بالمنهج الإسلامي القائم على الشمول والوسطية
تعمل لوحدة الأمة ورفض التجزئة والاحتراب الطائفي والسياسي والعرقي
تسعى إلى حماية الشباب من الفكر «الداعشي» وتعرية أدلته وفضح مقاصده
الحمد لله الحكيم الخبير، وصف أمة الإسلام بأنها الأمة الوسط؛ فقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة:143)، والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
بداية: التطرف من الطرْف أو الطرَف وهو منتهى كل شيء.
وقد حذرت النصوص الشرعية من التطرف عندما عبرت عنه بالغلو والتنطع والتشديد؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين».
وصدق الله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ {77}) (المائدة).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون» قالها ثلاثاً، وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «لا تُشددوا، فيُشَدَّدَ عليكم، فإن قوماً شددوا على أنفسهم، فشُددَ عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات: رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم».
مظاهر التطرف:
التعصب للرأي تعصباً لا يعترف معه للآخرين، وجمود الشخص على فهمه جموداً لا يسمح له برؤية واضحة لمصالح الخلق ولا مقاصد الشرع ولا ظروف العصر، ولا يفتح نافذة للحوار مع الآخرين.
ومن مظاهر التطرف التزام التشديد الدائم مع قيام موجبات التيسير بل وإلزام الآخرين به حيث لم يلزمهم الله به.
ومن مظاهر التطرف الغلظة في التعامل وسوء الظن بالآخرين.
ولعل أهم أسباب التطرف هو ضعف البصيرة بحقيقة الدين وقلة البضاعة في فقهه.
العلاج:
إن بيان هذا التطرف وعلاجه وتحديد المراد به بعلم وبصيرة هو الخطوة الأولى في طريق العلاج؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) (النساء:59).
وقد عملنا في جمعية الإصلاح الاجتماعي على مدى 50 عاماً على ترسيخ الشراكة والإيجابية، مبتعدين ما استطعنا عن كل العوائق من التطرف ونحوه، منطلقين للخير والدعوة إلى الله بالحكمة ونبذ العنف، متحلين بالرفق؛ فقد جاء في (المادة الثالثة) من النظام الأساسي لجمعية الإصلاح الاجتماعي:
«أهدافها:
– المساهمة في تعزيز الاتجاهات الإيجابية لكافة شرائح المجتمع نحو عمل الخير والاستقامة وشغل أوقات الفراغ بما يفيد وينفع.
٢- الشراكة المجتمعية مع مؤسسات المجتمع المختلفة فيما يعود بالخير على الصالح العام».
وقد اتخذت الجمعية – بكل اعتزاز – قول الحق سبحانه وتعالى: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {88})(هود)، شعاراً لها.
وجاء في رؤية جمعية الإصلاح المستقبلية في سبيل الإصلاح والنهضة:
– تعمل الجمعية لوحدة الأمة ورفض التجزئة والاحتراب الطائفي والسياسي والعرقي قال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ {92}) (الأنبياء).
– تعمل الجمعية على التربية بمفهومها الشامل في الإسلام، فهو أساسنا الأول الذي نعتمد عليه في الإصلاح والتغيير، قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:11).
– نبذ العنف بكل صوره وأشكاله؛ فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.
وجاء في هويتنا الفكرية:
جمعية الإصلاح جمعية دعوية اجتماعية خيرية تلتزم بالمنهج الإسلامي المستمد من الكتاب والسُّنة القائم على الشمول والوسطية، وفق الأصول والقواعد التالية التي تضمنها ميثاق الوحدة الفكرية الجامعة للعمل الإسلامي الموقع من مجموعة من العلماء في 13 نوفمبر 2007م، والتي منها:
– لا نكفّر مسلماً أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاها وأدى الفرائض – برأي أو معصية – إلا إن أقر بكلمة الكفر، أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، أو كذب صريح القرآن، أو عمل عملاً لا يحتمل تأويلاً غير الكفر، أو أتى بناقض من نواقض الإيمان، أو ارتد بعد إيمان وأقيمت عليه الحجة، ومرجع ذلك كله إلى القضاء الشرعي.
– الخلاف بين الطوائف الإسلامية يبقى محصوراً في الحوار العلمي الرصين المثمر، ولا يُبالَغ به لإثارة الفتنة في المجتمع والإخلال بالوحدة الوطنية، مع التزامنا ببيان ما نعتقده أنه الحق وفقاً للأدلة الشرعية في القضايا الخلافية.
– الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سبباً للتفرق في الدين، ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء، ولكل مجتهد أجره، ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة، من غير أن يجر ذلك إلى الخلاف المذموم والتعصب.
– نتبنى الوسطية في فهم الإسلام والدعوة إليه، فلا تطرف أو غلو ولا تفريط أو تمييع لأحكام الإسلام وثوابته.
– ننبذ التطرف في فهم الدين والعنف في الدعوة إليه، وندعو بالحكمة والموعظة الحسنة، وحريصون كل الحرص على أمن المجتمع واستقرار الوطن، ولدينا قناعة بأن مواجهة الغلو والتطرف لا يكون إلا بالحوار والنقاش.
وجمعية الإصلاح الاجتماعي على امتداد مسيرتها المباركة، والتزاماً منها بدورها الوطني؛ سعت بكل جهد وأمانة لتحقيق أهدافها المرسومة وفق رؤاها الفكرية والإصلاحية؛ بما يحقق الرفعة والرقي لهذا الوطن وبناء الأجيال الصالحة المصلحة.
إنجازات جمعية الإصلاح للحد من التطرف:
– معرض الكتاب السنوي الذي تقيمه جمعية الإصلاح منذ 41 عاماً؛ حيث صرح عبدالمنعم الفيلكاوي، مدير معرض الكتاب؛ أن جمعية الإصلاح أول مؤسسة كويتية تقيم معرضاً متخصصاً للكتاب؛ لإيمانها بأهمية القراءة والكتاب في تقدم الشعوب ونهضة الأمم، ودوره في تحصين أجيال الكويت من التطرف والغلو من خلال ترسيخ وسطية الإسلام دون إفراط أو تفريط، وكان المعرض تحت شعار «ثقافة أسرة»، برعاية وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان صباح سالم الحمود الصباح يوم 9 أبريل، واستمر حتى 18 من الشهر نفسه عام ٢٠١٦م.
– في يوم 28 يونيو 2015م أعربت جمعية الإصلاح الاجتماعي عن استنكارها وإدانتها للحادث الذي استهدف مسجد الإمام الصادق في منطقة الصوابر وسط مدينة الكويت، وأسفر عن وقوع قتلى وجرحى.
وقال رئيس الجمعية حمود حمد الرومي في تصريح صحفي: إن الجمعية آلمتها مثل هذه الأعمال الإجرامية التي تهدف إلى ترويع وقتل الآمنين وبث الفتنة في المجتمع الكويتي.
– وفي 15 نوفمبر 2007م دعت جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى مؤتمر جامع لأصول فكرية تجمع الدعاة للأخوّة والألفة ونبذ التفرق والتطرف؛ حيث دعا مؤتمر «الأسس الفكرية لوحدة الأمة» إلى إعلان مشروع «ميثاق الأسس الفكرية لوحدة الأمة»، ودعوة الحركات والجماعات والجمعيات الإسلامية في العالم للمشاركة فيه؛ ليكون الكلمة السواء التي تجمع القلوب والعقول والجهود لرفع راية الإسلام.
وحث المشاركون في توصيات المؤتمر الذي أقامته جمعية الإصلاح الاجتماعي على ترسيخ أواصر الأخوة الإيمانية، وتأكيد روابط العقيدة وترسيخها بين أبناء الحركات الإسلامية.
وشددوا على أهمية البعد عن الخلاف ونبذ مظاهر العداوة والبغضاء، والعمل فيما اتفق عليه، والإعذار فيما اختُلف فيه، إضافة إلى إشاعة روح التقارب وثقافة الوحدة بين المؤسسات الإسلامية في الجانب الفكري والدعوي.
– الحملة القيمية للتسامح تحت شعار «السمح زين»؛ تعزيزاً لقيمة التسامح، وللحد من مشكلة العنف؛ حيث أقيم العديد من الفعاليات والأنشطة، وقد حظيت برعاية كريمة من محافظ الفروانية الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح، وبالتعاون مع وزارة التربية، والهيئة العامة للرياضة، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ووزارة الصحة، ومؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي العربي.
– «مشروع البناء الإسلامي المدني» في محافظة مبارك الكبير؛ وهو مشروع اجتماعي وطني قيمي يدعو للتسامح والحوار وحسن الجوار والسلام وقبول الآخر وتعقيل الاختلاف ونبذ التطرف والعنف، وهو يقوم ولا يزال برحلات شهرية للأهالي، وله مجلة بعنوان «مبسم».
– المشاركة الفعالة مع اللجنة الوطنية لمواجهة فكر «الدواعش» حيث من أهداف اللجنة:
1- حماية الشباب من الفكر «الداعشي»، وتعرية أدلته وفضح مقاصده.
2- تصحيح الانحراف الفكري عند أتباع «داعش».
3- بيان المنهج الإسلامي في مواجهة المستجدات الفكرية؛ ومنها «داعش».
4- إبراز مزايا المنهج الإسلامي في الاختلاف والاتفاق.
5- تعزيز الوحدة الوطنية التي تجمع أطياف المجتمع دون تفرقة.
6- التعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية ذات الصلة لمواجهة الفكر «الداعشي».
ختاماً:
نسأل الله تعالى أن يلهمنا السداد والصواب والحكمة لنفع العباد وحماية البلاد وتقديم الخير ودحض الشر، وأن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين، والحمد لله رب العالمين.