اعتبرت صحف عالمية عدة أن هجوم الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، على وسائل الإعلام هدفه التخفيف من ضغط القضاء الأمريكي عليه، على خلفية قراراته الأخيرة حول المهاجرين واللاجئين.
وكشفت صحيفتا “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” الأمريكيتان، بالإضافة إلى صحيفة “ذا جارديان البريطانية”، عن تمييز ترمب ضدّ المسلمين وتجاهل إدارته عمداً لضحاياهم جراء “الاعتداءات الإرهابية”.
وركزت الصحف المذكورة على هذا الموضوع، بعدما نشر البيت الأبيض، الإثنين، قائمة بـ”الاعتداءات الإرهابية” حول العالم، تضمنت 788 اعتداءً “لم يحظَ بتغطية إعلامية كافية”.
وعمدت إلى اتباع أسلوب التحليل والمقارنة، وخلصت إلى اتهام الإدارة الأمريكية بتجاهل ضحايا “الإرهاب” المسلمين وغير الغربيين.
وأفادت “واشنطن بوست” بأن لائحة البيت الأبيض تضمنت أخطاء مطبعية ومعلومات غير دقيقة، وأولت أحداثاً معينة أهمية كبرى، بينما تجاهلت أخرى.
وأوضحت الصحف أن بعض الدول الأكثر تضرراً من “الإرهاب” تمّ تجاهلها تمامًا، مشيرة إلى أن ثلاثة أرباع عدد ضحايا الاعتداءات تركزوا عام 2015م، في خمس دول فقط، وهي أفغانستان، العراق، نيجيريا، باكستان، وسورية.
ولم تتضمنهم لائحة البيت الأبيض، وذكرت باقتضاب هجوماً في باكستان، حيث تعرض مواطن أمريكي لإصابات، بالإضافة إلى تفجير انتحاري في أفغانستان أدّى إلى مقتل 14 من حراس الأمن النيباليين، في العام الماضي.
وأشارت “واشنطن بوست” إلى أن بعض الإحصائيات قدرت نسبة الضحايا المسلمين جراء الإرهاب بـ95% حول العالم، مؤكدة أن 98% من الاعتداءات الإرهابية حدثت خارج الولايات المتحدة وغرب أوروباً، بين عامي 2001 و2015م.
كما لفتت الصحف إلى أن لائحة البيت الأبيض لم تشمل الاعتداءات الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية على يد غير المسلمين أو غير المتعاطفين مع “تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش) أو تنظيم “القاعدة”، كما تجاهلت الضحايا المحليين في الاعتداءات الإرهابية داخل الدول الإسلامية، وركزت على الضحايا الأجانب.
واعتبرت “واشنطن بوست” أن الانتقاد الحقيقي الذي يستحقه الصحفيون في الغرب هو تركيزهم على الحوادث التي تضمّ مواطنين غربيين، وذلك على عكس ما تدعيه قائمة ترمب تماماً.
وانتقدت “نيويورك تايمز” غياب التفجيرين الانتحاريين في العاصمة اللبنانية بيروت في نوفمبر عام 2015م عن لائحة البيت الأبيض، بالإضافة إلى اعتداءات “بوكو حرام” في شمال نيجيريا، علماً أنها من أعنف الاعتداءات الإرهابية في العالم.
كما استعرضت الصحيفة الاعتداءات المذكورة في اللائحة، وأضافت روابط من الصحيفة للتأكيد على تغطيتها، ودحض اتهامات ترمب.
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن دراسة جديدة أفادت بأن معدلات “العنف اليميني” ارتفعت في الولايات المتحدة الأمريكية، وحصدت عدداً من الأرواح أكثر من “الهجمات الإسلامية” في بعض السنوات.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: إن قائمة ترمب تعطي انطباعاً بأن إدارته تسعى لاستهداف المسلمين بسياسات أخرى، مثل تقييد الهجرة من الدول ذات الأغلبية المسلمة.
واعتبرت “ذا جارديان” أن استمرار الصراعات في الشرق الأوسط ساهم في جعل التغطيات الإعلامية “أكثر اتزاناً”، مقارنة بالعقد السابق، مشيرة إلى أن هذا التغير كان موضع إشادة من قبل الاختصاصيين الذين شددوا على أن هدف الإرهاب هو الترهيب، أي خلق خوف لا عقلاني.
واستعرضت الصحيفة البريطانية عدد الضحايا الذين تجاهلتهم لائحة البيت الأبيض، إذ قُتل 32658 شخصاً جراء أعمال إرهابية في عام 2014م، بينهم حوالي 10 آلاف في العراق، أكثر من 7 آلاف في نيجيريا، أكثر من 6 آلاف في أفغانستان وباكستان، وحوالي ألفي شخص في سورية.
أما في عام 2015م فبلغ عدد الضحايا 29376، وتركز ثلاثة أرباعهم في الدول الخمس نفسها.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: إن الإعلام الغربي مذنب بعدم تقديم تغطية إعلامية كافية لقسم كبير من ضحايا التطرف الإسلامي، وهم المسلمون.