ما عدا قناة “الجزيرة” التي تغرد خارج السرب “الصهيو عالمي” المتآمر على “الربيع العربي”، لا أحد يتحدث عما يجري في ليبيا لا على المستوى العربي ولا الدولي.
ولا شك أن ليبيا وأحداثها لا تقل أهمية، بل تزيد عن أماكن وأحداث أخرى تفرد لها الصفحات وتخصص لها المساحات في تلفزيونات ومواقع إعلام الفتنة والتآمر العالمية.
درنة المدينة التي قضت مع أختها سرت على ذريعة الإرهاب التي أسسها ودعمها وحافظ عليها حفتر وحلفه، الحلف الذي يبدأ من “تل أبيب”، التي تمده بالسلاح والخبراء، تحاصر لتموت في صمت والإذاعات العالمية مشغولة بقضية السماح للمرأة بقيادة السيارة وختان البنات!
هذا الإعلام المتآمر الذي ملأ الدنيا ضجيجاً بسبب انتهاك حقوق امرأة يزيدية – لم يتم التأكد من هذا الانتهاك – لم يرَ ولم يعلم بتدمير مدينة بنغازي وحصار أحياء منها مليئة بالنساء والأطفال والشيوخ لأكثر من ثلاث سنوات وحتى اليوم؟!
هذا الإعلام لم يرَ نبش مليشيات حفتر (الملتحين!) التابعين لربيع المدخلي، للقبور وتنفيذهم لإعدامات بالجملة أمام الكاميرات؟!
ولا يرى، ولا يريد أن يرى حصار حفترهم لدرنة التي تحدته هو وحلفه بطرد “داعش” وإبطال ذريعته في مقاومة الإرهاب.
وموالاة حفتر ودعمه لـ”داعش” ليبيا ثابتة، ولكنها مسكوت عنها بأوامر تحالف السلب والنهب “الصهيو عالمي”، وربما تثبت الأيام تورطه هو وحزبه وحلفه في خلقها.
فقد تأخر حسم المعارك ضد “داعش” ليبيا في درنة؛ بسبب التدخلات التي قامت بها مليشيات خليفة حفتر في المنطقة التي مثلت العقبة الأساسية أمام تحالف الثوار في حربهم ضد التنظيم.
وكان محمد المنصوري، أحد قادة مجلس شورى مجاهدي درنة، قد أرجع تأخر حسم المعارك إلى سبب رئيس هو قطع قوات حفتر – التي تسيطر على عدد من المناطق المحيطة بدرنة – طرق إمدادات قوات المجلس بشكل متقطع.
وكانت قوات حفتر تمد “داعش” بالعتاد وتحمي تحركاته وانسحاباته في الوقت الذي تقطع الطرق وتصادر عتاد ثوار درنة وتمنع علاج جرحاهم في مشافي المدن التي تسيطر عليها مثل طبرق، أو تعتقلهم إن وصلوا إليها!
والأنكى، كما أخبر المنصوري “الجزيرة نت٬” أن طائرات حفتر كانت تقصف تمركزات قوات مجلس مجاهدي درنة٬ في أثناء المعركة مع “داعش” ليبيا؛ أي أن حفتر كان يحارب مع “داعش”!
وذكر الخبير العسكري والطيار السابق عادل عبدالكافي أنه قد تم رصد جرافات تحمل دعماً لـ”تنظيم الدولة” تدخل بشكل يومي عن طريق خليج الخبطة شمال درنة، دون أن تُستهدف من قبل قوات حفتر.
وفي العلاقة بين حفتر و”داعش” ليبيا، قال الخبير العسكري السابق عادل عبدالكافي: إن هناك بقايا من الأجهزة الأمنية للنظام السابق موجودون في الطرفين؛ حفتر و”تنظيم الدولة”، وأضاف أن عدداً من المجرمين الذين أطلق سراحهم من سجون برسس وقرنادة – التابعة لحفتر – وجدوا يقاتلون في صفوف التنظيم في درنة.
وانتصر ثوار درنة ومن عاونهم من تحالف ثوار ليبيا على “داعش” الذي انسحب من درنة كما انسحب سابقاً من بنغازي في حماية حفتر ومليشياته من بقايا نظام القذافي ومتطرفي ربيع المدخلي التي يسميها الجيش الوطني!
درنة تستغيث
لهذا يحكم الحصار على درنة وتجوع وتذبح لأنها رقم صعب استعصت ومازالت وأبطلت وتبطل مؤامراتهم.
وقد حذر المجلس المحلي لمدينة درنة شرق ليبيا، اليوم الأربعاء، من احتمال وقوع كارثة إنسانية، بسبب الحصار الذي يفرضه مسلحون موالون لخليفة حفتر على المدينة.
وقال المجلس في بيانه: إن مسلحي حفتر منعوا وصول المواد الغذائية الأساسية، وغاز الطهي والوقود إلى المدينة؛ مما قد يؤدي خلال أيام إلى انقطاع مياه الشرب عن المدينة لعدم دخول مواد نفطية مشغلة لمحطة تحلية درنة.
وحمّل المجلس “مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني”، ومجلس النواب في طبرق، مسؤولية تدهور الأوضاع في المدينة، مطالباً بفتح الطرق الغربية والجنوبية والشرقية المؤدية إلى درنة؛ من أجل دخول السلع والوقود.
وأضاف المجلس المحلي للمدينة أن استمرار حصار المدينة، والقصف المستمر لطائرات حفتر على مواقع مدنية، من الممكن أن يؤدي إلى ردود أفعال غير محمودة العواقب، مطالباً بوقف القبض على أبناء المدينة بسبب كونهم من درنة.
وتتهم قوات حفتر مجلس شورى “مجاهدي درنة” وضواحيها، بالانتماء إلى “تنظيم القاعدة”! وتطالبه بتسليم أسلحته ومقاتليه لقيادة جيش اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وقد أمر المحور الغربي التابع لحفتر بمنع دخول غاز الطهي إلى المدينة، ويسمح فقط بمرور سيارة وقود واحدة كل عشرة أيام!
وحتى المبعوث الأممي إلى ليبيا العربي غسان سلامة الذي يرى أنه من غير الواقعي تجاهل خليفة حفتر، يتجاهل حصار درنة، لا لشيء إلا لأنه لا يرى أن ذلك من مهامه التي حددوها له!
والعجيب أن ما يسمى بالمجلس الرئاسي بقيادة السراج يصدر بياناً يستنكر الحصار ولا يفعل شيئاً، وكأنه يتحدث عن المسلمين في بورما! أو عما يحدث في الكونغو، أو ربما عن الهوتو والتوتسي!
فإذا كان مجلس رئاسة ليبيا عاجزاً عن مخاطبة حفتر؛ فلماذا لا يدعو المجلس الرئاسي مجلس الأمن للانعقاد لفك حصار درنة؟!