يحملون حقائبهم على ظهورهم، ويتوجهون إلى مواقف العمال بالقرب من المدن المحتلة؛ كي يعملوا مع مشغلين صهاينة يطلبونهم للعمل بشكل متقطع.
أعمارهم ما بين الستين والسبعين عاماً، لا يحتاجون إلى تصاريح أمنية تمكنهم من عبور المعابر الأمنية التي أقيمت على نقاط التماس بين الضفة الغربية ومناطق الـ48.
“المجتمع” التقت عدداً من العمال المسنين المتوجهين إلى معبر قلقيلية الشمالي وقت الصباح وهم يحملون طعامهم اليومي بداخل حقائب الظهر، ويسيرون بسرعة لحجز دور لهم من بين آلاف العمال من الشباب.
70 عاماً
الحاج طاهر زيد يقول لـ”المجتمع”: في شهر سبتمبر القادم أدخل في سن السبعين عاماً، ومع ذلك أواظب على العمل والذهاب إلى موقف العمال والعمل بكل الأشغال التي يطلبها مني المشغل “الإسرائيلي”؛ فصحتي تساعدني على العمل وإعالة مَنْ في بيتي، حتى إن ابني الوحيد وزوجته لا يستطيعان تدبير حياتهما بدوني.
ويضيف العامل المسن زيد: لا تستغرب من ذهابي للعمل رغم أن سني كبيرة؛ فالبيوت تحتاج إلى مصروف يومي، وممن أنتظر مصروف عائلتي؟ فلا أحد يستطيع تحمل مصاريف إضافية، ولا يوجد من يساعدنا ولا أستطيع أن أجعل يدي هي اليد السفلى، ويجب أن تكون هي العليا حتى آخر يوم في حياتي.
يشرح الحاج طاهر زيد (أبو مصطفى) ما يجري خلال يوم العمل قائلاً: أصعب شيء دخول المعبر الأمني والخضوع لسلسلة تفتيشات، وأنت مراقب من كل الجهات، وعند الخروج من المعبر نحو مدينة كفارسابا حيث موقف العمال تبدأ مرحلة أخرى وهي البحث عن عمل مع مشغل “إسرائيلي” الذي يأتي للموقف ويريد فئة الشباب للعمل معه، والقليل يأخذني معه ظناً منه أنني لا أستطيع العمل، وخلال التجربة يتمسك بي حتى نهاية العمل الذي يحتاجه، وقال ساخراً: ما يعرف المشغل اليهودي أن “الدهن في العتاقي”، كمل يقول المثل!
الشباب يتعجبون
أما العامل من بلدة عزون شرق قلقيلية صدقي رضوان يقول: عمري تجاوز الستين عاماً، وأعمل في ورش للبناء، ويستغرب العمال الشباب من عملي معهم، وحتى أكون في كثير من الأحيان بنشاط أكثر منهم! كما أن المشغل “الإسرائيلي” يراقب عملي بدهشة، فإنتاجي اليومي يفوق إنتاج العامل الشاب!
ويضيف: ذهابي للعمل نوع من التحدي وعدم الجلوس في البيت، ورغم صعوبة التنقل والخضوع للتفتيش في هذا العمر من قبل مجندات لا تحترم كبر السن، فإن الضرورة لها أحكام، ولن يمنعني سني من العمل لتوفير احتياجاتي بعيداً عن طَرْق الأبواب.
مثال للتضحية
أما سائق المركبة العمومية عزام ساطيف يقول لـ”المجتمع”: يسافر معي في الآونة الأخيرة العديد من العمال ممن تتجاوز أعمارهم الستين عاماً، وعندما أسالهم عن سبب عملهم يقولون لي: ذهابنا للعمل أفضل من بقائنا في المنزل، وبعضهم يعاني من أمراض السكر والضغط، ويكون معهم الدواء والغذاء، ومع ذلك يتوجهون للعمل، فالشعب الفلسطيني كتبت عليه المعاناة وعلى جميع فئاته، ومع أنني أشفق عليهم إلا أنني أعتبرهم مثالاً للتضحية والصمود.
يشار إلى أن أكثر من مائة عامل فلسطيني يتوجهون يومياً إلى ورش الاحتلال “الإسرائيلي” في مناطق الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، ويعملون في ظروف صعبة، ومنهم من يدخل إلى مناطق الـ48 عن طريق وسائل التهريب ويعيشون داخل الورش في ظروف بدائية.