تسريب أراض واسعة من الأوقاف الكنسية من قبل الكنيسة اليونانية في القدس المحتلة ومناطق أخرى في فلسطين لشركات وهمية تابعة للاحتلال والمستوطنين يعتبر من القضايا الخطيرة.
الحلقة الأضعف
د. جمال عمرو، الخبير بجغرافيا القدس، تحدث لـ”المجتمع” عن تاريخ الكنيسة اليونانية وكيف وجد الاحتلال فيها الحلقة الأضعف للاستيلاء على أراض تعتبر في أهميتها كنوزاً ذات قيمة من حيث الموقع والمساحة والقيمة.
يقول عمرو: الكنيسة اليونانية كانت ذات حظوة لدى الدولة العثمانية في آخر أيامها، وتم منحها أراضي واسعة في القدس وهي في الأصل أراض وقفية إسلامية، بمساعدة دولة الروس وقتها التي كانت لها علاقات وطيدة مع الدولة العثمانية، لذا كانت الكنيسة اليونانية من أغنى الكنائس من حيث اتساع الأملاك الوقفية التابعة لها، نتيجة العلاقة مع الحاكمين في إسطنبول ودعم الروس لهم.
اتصال جغرافي
وأضاف: القائمون على الكنيسة اليونانية ليسوا من العرب وهم من اليونان؛ لذا لم يكن لهم أي انتماء وطني مسؤول، بينما رعايا الكنيسة من العرب الفلسطينيين رفضوا توجه قيادة الكنيسة والبطريرك السابق الذي من خلاله تم تسريب أراض ذات قيمة مثل ساحة عمر بن الخطاب في باب الخليل وهي أراض لها أهميتها الكبيرة وأقيمت عليها فنادق ومبان مهمة، وكذلك تم تسريب أراض في منطقة مار إلياس بين بيت صفافا وصور باهر، حيث ستبنى في المنطقة ستة آلاف وحدة استيطانية، وسيتم إغلاق المدخل باتجاه بيت لحم من خلال هذا البناء الاستيطاني بحيث يكون هناك اتصال جغرافي بين مستوطنة جيلو ومستوطنة جبل أبو غنيم، وهناك تسريب في البلدة القديمة لأراض مثل أرض البركة على مدخل العروب بجانب الشارع الرئيس بين القدس والخليل.
عقود التحكير
وعن أصل هذه الأراضي الكنسية التابعة للكنيسة اليونانية قال عمرو: هناك عقود تسمى عقود “التحكير”؛ أي تعطى الأراضي من أجل استثمارها من قبل الكنيسة لأهداف إنسانية مثل بناء المستشفيات، فالأراضي التي أقيم عليها مشفى المطلع هي أراض وقفية إسلامية أقامت عليها الكنيسة الألمانية مشفى منذ خمسين عاماً، وتدفع الكنيسة مبلغاً من المال للأوقاف بدلاً من استئجارها، إلا أن الكنيسة اليونانية برئاستها السابقة فرطت بالأوقاف بزعم أنها لا تعلم طبيعة الشركات الوهمية التي قامت بشرائها، مع أن هذا الادعاء كاذب وهي تعلم علم اليقين طبيعة هذه الشركات الوهمية التابعة للاحتلال والمستوطنين.
وأشار عمرو: الاحتجاجات على تصرف بطريرك اليونان دليل على فساد من يدير أملاك الكنيسة اليونانية صاحبة أكثر الامتيازات في الأراضي الوقفية، وهناك مناشدات لملك الأردن والسلطة للتدخل في هذا المجال من قبل رعايا الكنيسة من الفلسطينيين.
بدوره، قال د. حنا عيسى، أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية، في لقاء معه: إن ما يجري من تداوله بخصوص الأملاك الوقفية للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية وتسريبها إلى سلطات الاحتلال والمستوطنين مصدره الإعلام العبري، وموقف المسيحيين في فلسطين يتمثل بمعارضة التسريب للأراضي أو بيعها أو تأجيرها إلى أجل بعيد، وهي أملاك يجب الحفاظ عليها، والبطريرك السابق تمت إزاحته عام 2004م، والبطريرك الحالي قام برفع دعوى أمام النائب العام الفلسطيني ولم يكن هناك أي رد من قبل النائب العام الفلسطيني على تلك الدعوى، وننتظر نحن كمسيحيين رد النائب العام وكلمة القضاء في ذلك لاسترجاع المنطقة في باب الخليل ومباني الأعظمية في البلدة القديمة.