التاجر الحكيم هو الملم بمجريات الأمور، يفهم ما يدور حوله من أحداث، وعلى دراية واعية بأحوال السوق من حوله، فهو يحلل ويراقب بعين بصيرة، لكي يأخذ القرارات السليمة والصحيحة في أوقاتها المناسبة، وعندما يتمتع التاجر بتلك الحكمة وذلك الإلمام، ويزينهما بحب الخير للناس والحرص على النصيحة؛ فقد فاز بحظ وافر من الخير والصلاح.
وتوضح هذه القصة الواقعية وهي رواية د. يعقوب يوسف جاسم الحجي، الباحث في التراث البحري الكويتي، مثالاً ونموذجاً لصاحبها التاجر خالد عبداللطيف الحمد رحمه الله، وتبين قيمة النصيحة التي أسداها لرفيقه التاجر محمد عبدالمحسن الخرافي رحمه الله، حيث كان حريصاً على نفعه وعدم الإضرار بالصالح العام في ذات الوقت.
يقول د. يعقوب الحجي: “في لقاء لي مع المرحوم خالد عبداللطيف الحمد عام 1994 قال لي: أنا سبق أن نصحت محمد عبدالمحسن الخرافي ألا تدخلوا سوق الأسهم (المناخ) حيث إنكم من كبار التجار بالكويت، تتوافر لديكم السيولة والإمكانات المادية الكبيرة، وبذلك تستطيعون التحكم في معظم مجريات السوق، بل سيكون باستطاعتكم التحكم في معظم الأحداث والمعاملات، وتفرضون السيطرة على السوق، وهذه ليست من أصول التجارة ولا من أساسيات العمل بها، وبالفعل تجاوب التاجر محمد عبدالمحسن الخرافي لي، وطاوعني في النصيحة فسلم هو وأخوته من أزمة المناخ، وشكروا لي هذه النصيحة فيما بعد”.
ويستطرد التاجر خالد عبداللطيف الحمد رحمه الله كلامه قائلاً: “وكنت أثناء كلامي ونصيحتي للتاجر محمد عبدالمحسن الخرافي أستشهد بما فعلته عندما كنت عضواً في بنك الكويت الوطني، حيث لم أقم وقتها بفتح أي اعتمادات خاصة لي، فبالرغم من حقي في ذلك، وإمكانية فتح تلك الاعتمادات بسهولة، فإنني آثرت السلامة وفضلت المصلحة العامة على مصلحتي الخاصة، وذلك حتى أكون حكماً عدلاً في الخصومات التي ترد إلى البنك بين الأعضاء”.
وهكذا ضرب لنا التاجر خالد عبداللطيف الحمد رحمه الله نموذجاً يحتذى به في الحكمة وحب الخير للآخرين وبذل النصيحة لهم، وهكذا كان أهل الكويت من أبناء هذا الجيل الفريد، كانت قلوبهم مليئة بالخير والإخلاص والحب الصادق لوطنهم ولأبناء جلدتهم، فكان النجاح حليفهم، والتوفيق من الله نصيبهم، وأصبحوا قدوة حسنة يحتذى بها، ويذكرون بالخير في كل المواقف، رحمهم الله جميعاً رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته.
WWW.ajkharafi.com