اعتبر سياسيون وكتَّاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بانسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، خطوة سينتج عنها تأثيرات سلبية على المنطقة.
وأمس الثلاثاء، أعلن ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الذي عقدته الإدارة السابقة والدول الكبرى مع طهران، وتعهد بأن تفرض واشنطن “أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني”.
وفي عام 2015، وقعت إيران، مع الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن روسيا والولايات المتحدة وفرنسا والصين وبريطانيا وألمانيا، اتفاقًا حول برنامجها النووي، قبل أن تعلن واشنطن أمس الانسحاب منه.
وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع العقوبات عنها.
وقال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة في سلسلة تغريدات له على “تويتر”: فعلها ترمب كما كان متوقعاً، انسحابه من اتفاق النووي، وبقاء الأوروبيين يجعل الموقف أكثر صعوبة على إيران، مع أن التهديد بالعودة للتخصيب لم يكن جدياً، المعلم الأهم في القضية أن قراره هو لأجل “إسرائيل” ولا علاقة به بالعرب، ودفع ثمنه عبث مضاعف.
وأضاف: قرار ترمب هو جزء من لعبة الابتزاز بحق إيران لصالح الكيان الصهيوني، ولا صلة له بعدوانها على الغالبية في المنطقة، لكنه من زاوية أخرى قد يقرّب لحظة الرشد الضرورية لوقف هذا النزيف الذي أرهق شعوب المنطقة، ولم يستفد منه سوى الصهاينة والقوى الاستعمارية، بما فيها روسيا.
وتابع: ترمب يبتز الجميع لصالح الصهاينة (مالياً وسياسياً)؛ العرب وإيران، لا تنسوا هنا أن قرار الانسحاب من النووي، يتزامن مع قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ويتزامن مع ضغوط لإعادة الفلسطينيين للمفاوضات، وتمرير “صفقة القرن” أو الحل الإقليمي، وكلها تصفية للقضية الفلسطينية.
وأردف قائلاً: اتفاق النووي كان أصلاً لصالح “إسرائيل”، وهي رحبت به باستثناء مزايدات نتنياهو التقليدية، لكن الحريق الراهن منحها فرصة جديدة للابتزاز، فاستغلتها، لا سيما أن في البيت الأبيض رئيس لم يحصلوا على مثله في تاريخهم
وكتب النائب الكويتي جمعان الحربش على حسابه في “تويتر”: التاريخ يقول لا مواجهة «أمريكية إيرانية» فكلاهما يعرف أين يتوقف.. أخشى أن تكون النتيجة مزيداً من الابتزاز والاستنزاف لدول المنطقة.
وقال النائب الكويتي وليد الطبطبائي: الاتفاق النووي الإيراني هو ترياق الحياة للنظام الإيراني، وإلغاؤه سيكون كارثة اقتصادية على إيران، وقد بدت آثار الكارثة قبيل القرار بهبوط غير مسبوق بقيمة العملة الإيرانية؛ ولذا فإن إعلان ترمب إلغاء الاتفاق سيعجل من نهاية نظام الملالي.
وقال النائب الكويتي أسامة الشاهين: إلغاء الرئيس الأمريكي الاتفاق النووي مع إيران، تبعته تداعيات بالخليج والكيان الصهيوني وأوروبا والأمم المتحدة؛ بإذن الله ثم حكمة القيادة ووحدة الشعب تكون الكويت بعيدة عن أي تأثيرات سلبية.
وبرأي الأكاديمي بالجامعة الإسلامية في غزة د. صالح الرقب: أمريكا معنية بالحديث عن وجود بعبع دائم ومخيف في العالم العربي، لتبقى الأنظمة العربية في حضن أمريكا الدافئ، وليستمر شراء السلاح الأمريكي، ودفع المليارات للحامي الأمريكي، ولتستمر قواعده في المنطقة.. وتبقى دولة الكيان الصهيوني هي السيد الذي يمارس كل أنواع العلو والاستبداد.
ورأى الكاتب الصحفي في جريدة “الجريدة” الكويتية بدر الديحاني أن إلغاء الاتفاق من قِبل أمريكا التي يقودها حاليا الجناح اليميني المتطرف لن يتضرر منه سِوى الشعب الإيراني الذي يعاني ظروف اقتصادية صعبة، وسيخلق بؤرة توتر جديدة ومتفجرة بالمنطقة تزداد معها قوة إسرائيل ومبيعات مصانع الأسلحة الأمريكية لشفط ميزانيات دول المنطقة.
وأوضح قائلاً: من المستحيل تغيير الجغرافيا والتاريخ، ومشكلات دولنا مع إيران يمكن حلها بالطرق السياسية والدبلوماسية لأجل السلام والتعايش السلمي وتحقيق المصالح المشتركة لدولنا وشعوبنا، وتابع: أمريكا تدافع عن مصالحها، وتستخدم الاستفزازات الإيرانية والعامل الطائفي وسيلة لابتزاز دول المنطقة، واستنزاف مواردها.
وقال نائب رئيس مجلس الشورى العُماني سابقاً إسحاق بن سالم السيابي: الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني يؤكد بأن السياسة الأمريكية متقلبة وتراعي مصالحها فقط، ولا تعير مصالح الدول الأخرى ولا السلم الدولي أية أهمية.
واعتبر أن توقيت الانسحاب من الاتفاق النووي درس بعناية فائقة للفت الأنظار عن نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس.