– هناك مخاوف من أن تدخل المنطقة في مرحلة أكثر خطورة على حقوق الإنسان
– رغم القمع الذي تقوم به الحكومة الهندية فإنها فشلت في حمل الكشميريين على وقف احتجاجاتهم
– رئيس القوات الهندية اعترف بأن التعامل مع الأزمة أمنياً وسّع الهوة في المنطقة
– كشمير باتت تمثل نزيفاً حقيقياً للمنطقة ومصدر قلق في الهند ومعاناة مستمرة
انفجرت أزمة سياسية في إقليم كشمير الواقع تحت السيطرة الهندية، وذلك بعد انهيار التحالف السياسي في كشمير بين حزب الشعب الهندوسي الحاكم في الهند والجماعات الكشميرية بقيادة محبوبة مفتي، وأعلنت السلطات الهندية في الإقليم أن أغلب أفراد الحزب المتحالف مع الحكومة قدموا استقالتهم الجماعية من البرلمان وقرروا الاستقالة من الحكومة والبرلمان ومن جميع مناصبهم، وذلك بعد قرار حزب الشعب الهندوسي فك ارتباطه بالتحالف.
وفق القانون الهندي، فإن انهيار الحكومة سيؤدي آلياً إلى فرض الحكم المباشر على الإقليم، وتعطيل البرلمان ومؤسسات الدولة فيه، وتحويل عملية الإشراف عليه إلى الجيش الهندي باعتبار الإقليم من المناطق المتنازع عليها التي تشهد نزاعاً مسلحاً وتمرداً مند فترة.
وتشير التقارير المحلية إلى أن التطورات الجديدة في كشمير ستؤدي إلى مضاعفة القوات الهندية من إجراءاتها القمعية في الإقليم؛ إذ إن انهيار الحكم المدني وتحوله إلى الحكم العسكري سيعني أن الوسائل السلمية ستكون من الماضي، وأن الجيش سيشدد قبضته على الإقليم باستخدام وسائل أكثر قوة وشدة مع الاستقلاليين والمتظاهرين والرافضين للحكم الهندي عليهم، ويُخشى بعد انهيار التحالف السياسي أن تدخل المنطقة في نفق مظلم.
استقالة الحزب الحاكم
وبسبب استمرار المواجهات والاحتجاجات، وعدم قدرة الحكومة المحلية بقيادة حزب الشعب الهندوسي الحاكم (بي جي بي) على الاستمرار في أداء مهامها، قرر الحزب تقديم استقالته من منصبه، وأعلن عن انهيار التحالف الحاكم في الإقليم بين الحزب وأحزاب كشميرية تقودها محبوبة مفتي.
ورفض بدوره زعيم المعارضة في البرلمان الكشميري عمر عبدالله أن يتولى منصب رئيس الحكومة في الإقليم بعد انهيار الحكومة فيه، وعدم قدرة التحالف على الاستمرار في الإشراف على منطقة مشتعلة ولا يمكن السيطرة عليها.
وكانت استقالة حزب الشعب وانهيار التحالف الحاكم قد تزامن مع استقالة جماعية للبرلمانيين الكشميريين بسبب الأوضاع الأمنية الخطيرة، وممارسة الحكومة الهندية وقوات الجيش والأمن العنف، والاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين من الاستقلاليين الكشميريين.
ويقول الكشميريون: إنه إذا قررت الهند فرض الحكم المباشر على الإقليم، ومنح الجيش مسؤولية الإشراف عليه بشكل مباشر، وأبعدت المدنيين، فإنه سيتحول إلى ثكنة عسكرية جديدة، وسيُحرم السكان من أبسط حقوقهم المدنية والإنسانية، وستتسع رقعة الإجراءات التعسفية والمظالم في حق المجتمع الكشميري.
وتخشى الأحزاب الكشميرية والقيادات البارزة، وعلى رأسها زعيم الاستقلاليين الشيخ سيد علي كيلاني، ومير واعظ عمر فاروق، وياسين ملك، من أن تدخل المنطقة في مرحلة أكثر خطورة على حقوق الإنسان، وعلى الحكم الديمقراطي، ودعوا إلى الخروج الجماعي في مظاهرات تطالب بوقف الجيش عن قمع مطالبهم، وفرض منطق الاستسلام عليهم، ومنعهم من مواصلة الدعوة إلى الاستقلال عن الهند وتحقيق مطالبهم العادلة في الإقليم.
حوار حقيقي
ورغم عمليات القمع التي تقوم بها الحكومة الهندية منذ حوالي 3 سنوات في الإقليم، وسعيها إلى قمع الاحتجاجات، والضغط على باكستان بقصف أراضيها وسقوط مئات الباكستانيين قتلى؛ فإنها فشلت في تحقيق تقدم يُذكر في حمل الكشميريين على وقف احتجاجاتهم، وفشلت في حمل باكستان على وقف دعمها لهم.
وظهر أنه بعد حوالي 3 سنوات من الاحتجاجات والمظاهرات وسقوط القتلى والجرحى وتعطل الحياة بشكل كبير في الإقليم؛ فإن الحكومة الهندية باتت غير قادرة على الصمود ومواصلة تدابيرها الأمنية، واليوم تبحث عن مخرج لهذه الأزمة، وحل ينهي الصراع الدموي ومسلسل الاضطرابات التي كلفتها مئات الملايين من الدولارات طيلة هذه السنوات.
فقد اعترف رئيس القوات الهندية بأن التعامل مع الأزمة أمنياً قد وسع الهوة في المنطقة، وزاد من تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية، ولم يحقق للمنطقة استقراراً يُذكر، واعترف القائد الأول للجيش الهندي بأنه بات ضرورياً البحث عن حلول غير عسكرية لإنهاء النزاع في إقليم كشمير، وعدم الاكتفاء بالتعامل مع الاحتجاجات بمنطق القوة والعنف.
ولم يكن هذا رأي رئيس الجيش الهندي وحده، بل شاركه رئيس المخابرات الهندية، وكذلك مستشار الأمن القومي الهندي، فهم جميعهم يشعرون أنه يجب ألا تبقى الأزمة أمنية بحتة، بل ينبغي الشروع في حوار مباشر مع باكستان التي تعتبر الطرف الرئيس في الأزمة، وتطالب بإنهاء معاناة الكشميريين، وتقف خلف مطالبهم الاستقلالية.
وفي رأي عامر رانا، رئيس معهد باكستان لدراسات السلام، فإن اعتراف كبار القادة العسكريين والأمنيين في الهند بضرورة فتح باب الحوار والتفاوض مع باكستان، والبحث عن مخرج يرضي جميع الأطراف، لم يكن بأي حال من الأحوال نوعاً من التدخل في شؤون الآخرين؛ فقد أثبت هذا المنطق أن الصراع لن يشهد أي حل سريع، ولن تشهد الأزمة أي مخرج سلمي لها.
وكانت آخر تلك الاعترافات تصريحات زعماء الحزب الحاكم في الهند الذين باتوا مقتنعين بأنه لن يتحقق الاستقرار في إقليم كشمير بمنطق القوة، وأنه يجب ضم باكستان والكشميريين إلى الحوار الحقيقي والمفاوضات الجادة، والبحث في المخرج الآمن والعادل لهذه القضية.
ولم يكن المسؤولون الأمنيون والعسكريون والسياسيون وحدهم متمسكين بهذه التصريحات؛ بل أيدهم فيها قادة المجتمع المدني في الهند، ورجال الإعلام البارزون، وكبار رجال الأعمال، والفنانون؛ حيث باتوا يعتقدون أن سمعة الهند تضررت بسبب مواصلتها قمع مطالب الكشميريين واستمرارها في قتل المدنيين العزل، وأجمع هؤلاء على أن كشمير باتت تمثل نزيفاً حقيقياً للمنطقة، ومصدر قلق في الهند، ومعاناة مستمرة لسكان إقليم كشمير الذين يبحثون عن حل سياسي لأزمتهم، ومخرج يؤمن لهم ممارسة حياتهم السياسية والمعيشية دون تدخل من أحد.