حلول ذكرى انتفاضة عام 1987م وهي انتفاضة الحجارة ينكأ جراح الفلسطينيين الذين ذاقوا ويلات إجراءات جنود الاحتلال من اعتقالات جماعية وسياسة منع التجوال لفترات طويلة.
يستذكر أهالي قلقيلية أطول منع للتجوال استمر 27 يوماً، وكان يسمح للأهالي بالتسوق لمدة لا تزيد على ساعتين كل عدة أيام ويتم مداهمة المنازل وإخراج أفراد الحي فيها إلى الشارع.
يقول رياض عبدالرحيم (56 عاماً): استذكر في منع التجوال الطويل كيف قام جنود وحدة جولاني باقتياد معظم شباب الحارة الذين تجمعوا في منزل أحد الجيران لقضاء بعض الوقت مع بعضهم بعضاً، حيث داهم الجنود المنزل واقتادونا بشكل جماعي إلى منطقة المركز وسط المدينة وتعرضنا للإهانة اللفظية والجسدية مع أننا لم نكن في الشارع داخل المنزل، إلا أن العنصرية كانت واضحة والتعليمات تكسير الفلسطينيين نفسياً وجسدياً، وشاهدنا العصي وهم يلوحون بها لإرهابنا وتم ضربنا على ظهورنا ونحن متوجهون إلى منطقة المركز.
ويقول عزام نزال (60 عاماً): لا أستطيع نسيان جيبات الجيش الذي كنا نطلق عليها لقب “صرصور”، حيث كان الجنود في هذه الجيبات يتصيدون بالمواطنين عندما يحاولون التنقل خفية بين المنازل أو شراء بعض الاحتياجات من دكاكين الحي المغلقة، ومن يقع بين أيديهم كمن يقع في الجحيم، فالضرب بقسوة على جميع أنحاء الجسد والتسبب بإصابات تبقى ملازمة لفترة طويلة، وقد شاهدت أحد الشباب وهو يصرخ بين أيديهم وهم يضربونهم بأسلحتهم وعصيهم دون شفقة وتركوه ينزف وقمنا بإسعافه.
اقتحام بيوت
يتذكر عزات أحمد في انتفاضة عام 1987م: اقتحام منزلنا وإخراج من في الحي لجمع المسامير المعكوفة التي كان شباب الانتفاضة ينثرونها كي تتعطل عجلات الدوريات العسكرية، وكان الجنود يجبرون الصغير والكبير على جمع المسامير لمسافة طويلة، وكانت الأجواء باردة وماطرة وقتها، وتستغرق العملية فترة زمنية طويلة في هذا الجو المرعب.
وأضاف: كانوا يجبروننا على محو الشعارات على الجدران، وكانت إحدى فرق الجيش تجبرنا على إزالة الشعارات ومنها علم “إسرائيل” المرسوم على الأرض بنقشه من خلال استخدام الشاقوش والأزميل في صورة من العنصرية والعبودية التي لا يتصورها عقل.
التصعيد
ويوضح وائل درويش أنه في أيام التصعيد ويقصد المظاهرات ضد قوات الجيش، كانت دوريات الاحتلال تحاصر الأحياء وتسير بسرعة فائقة وهي تطلق النار، وكان الجرحى والشهداء جراء إطلاق النار العشوائي ومن خلال الكمائن الليلية لقوات المشاة لإلقاء القبض على الناشطين الذين يضعون الحواجز ويكتبون الشعارات ويوزعون البيانات التي تحمل القيادة الموحدة للانتفاضة وللتنظيمات الفلسطينية.
أول شهيد طفل
يروي الحاج أبو صالح صوي (75 عاماً) من قلقيلية حادثة استشهاد طفله حسين (14 عاماً) وهو أول شهيد في انتفاضة الحجارة في قلقيلية قائلاً: تم استهداف ابني من جندي إثيوبي حاقد في حي النقار برصاصة استقرت في رأسه، ولم يكن ابني الشهيد حسين يشكل خطراً عليه، فالمسافة بعيدة، إلا أن الجندي كان في أول الشارع وابني في الناحية السفلى من الشارع واستهدفه برصاصة متفجرة أدت إلى استشهاده على الفور، ولم تكن حادثة ابني الوحيدة التي ارتكبها الاحتلال ضد عائلتي، فقد تم هدم المنزل عام 1994 بعد تنفيذ ابني الشهيد صالح عملية ديزنجوف في تل أبيب، واعتقل الاحتلال كافة أفراد عائلتي من ذكور وإناث وأحفاد، ومازال لي في الأسر ابني موسى وأحفادي أربكان وأسامة، والاحتلال اقتحم منزلي قبل عدة أشهر وقام بعملية تفجير جزئي داخل المنزل، ومنذ انتفاضة الحجارة إلى اليوم وأنا أعيش جرائم الاحتلال وعائلتي.