ألقى حضرة صاحب السمو أمیر البلاد الشیخ صباح الأحمد الجابر الصباح، اليوم الأحد، كلمة دولة الكویت في اجتماع الدورة الـ39 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخلیج العربیة، ھذا نصھا:
“بسم الله الرحمن الرحیم، الحمد رب العالمین، والصلاة والسلام على نبینا محمد وعلى آله وصحبة أجمعین..
خادم الحرمین الشریفین الملك سلمان بن عبدالعزیز آل سعود، حفظھ الله..
أصحاب الجلالة والسمو..
معالي الأمین العام لمجلس التعاون لدول الخلیج العربیة..
أصحاب المعالي والسعادة..
السلام علیكم ورحمة الله وبركاته..
یسرني بدایة أن أتقدم بخالص الشكر والتقدیر لأخي خادم الحرمین الشریفین الملك سلمان بن عبدالعزیز آل سعود على المبادرة الكریمة باستضافة أعمال دورتنا التاسعة والثلاثین، وعلى حفاوة الاستقبال وحسن الإعداد لھذا اللقاء المهم الذي یجمعنا في إطار بیتنا الخلیجي، مؤكدین حرصنا على دعمه وسعینا المتواصل على الحفاظ علیھ، كما یسرني بمناسبة انعقاد دورتنا ھذه التي تتزامن مع ذكرى تولي أخي خادم الحرمین الشریفین الملك سلمان بن عبدالعزیز آل سعود مقالید الحكم في الثالث من ربیع الثاني أن أتقدم لجلالتھ بخالص التھنئة، متضرعاً إلى الباري عز وجل أن یمده بموفور الصحة والعافیة لیواصل مسیرة العطاء والازدھار للمملكة الشقیقة.
أصحاب الجلالة والسمو، إن انعقاد ھذه الدورة لمجلسنا الموقر في موعدھا المحدد رغم الظروف التي نمر بھا یؤكد حرصنا جمیعاً على مجلس التعاون واستمرار آلیة انعقاد دوراته، كما یجسد إدراكنا لحجم الإنجازات التي تحققت لنا في إطاره وسعینا للحفاظ على ھذه المنجزات باعتبارھا تحقیقاً واستجابة لتطلعات وطموح أبناء دول المجلس.
وفي ھذا الصدد، فقد توصلنا والحمد لله وبفضل توجیھاتكم وحرصكم إلى عقد اجتماعات لعدد من اللجان الوزاریة على مدى العام الماضي التي تؤكد حیویة وفعالیة مسیرة التعاون بین دول المجلس في كافة المجالات والمرفوعة الیوم لمجلسكم الموقر لإقرارھا.
أصحاب الجلالة والسمو، إننا ندرك الأوضاع التي تعیشھا منطقتنا والتحدیات الخطیرة التي تواجھھا وتصاعد وتیرتھا المقلق الأمر الذي یدعونا أن نجسد وحدة كیاننا، وأن نعزز عملنا المشترك لدعم مسیرتنا، ولعل أخطر ما نواجھه من تحدیات الخلاف الذي دب في كیاننا الخلیجي واستمراره لنواجه تھدیداً خطیراً لوحدة موقفنا وتعریضاً لمصالح أبناء دولنا للضیاع، ولیبدأ العالم وبكل أسف بالنظر لنا على أننا كیان بدأ یعاني الاھتزاز، وأن مصالحه لم تعد تحظى بالضمانات التي كنا نوفرھا له في وحدة موقفنا وتماسك كیاننا، وفي سیاق حدیثنا عن التحدیات التي نواجھھا فلا بد لنا من التأكید على قلقنا من تنامي ظاھرة الإرھاب واستنكارنا لھا، مشددین على ضرورة تضافر جھودنا للتصدي لھا وتخلیص العالم من شرورھا.
أصحاب الجلالة والسمو، انطلاقاً من حرصنا على الحفاظ على وحدة الموقف الخلیجي، وسعیاً منا لتدارك الأمر في وضع حد للتدھور الذي نشھده في وحدة ھذا الموقف، وتجنباً لمصیر مجھول لمستقبل عملنا الخلیجي، فإننا ندعو إلى وقف الحملات الإعلامیة التي بلغت حدوداً مست قیمنا ومبادئنا وزرعت بذور الفتنة والشقاق في صفوف أبنائنا، وستدمر كل بناء أقمناه وكل صرح شیدناه، إننا على ثقة أیھا الإخوة أنكم تشاركونني الرأي بأھمیة الاستجابة لھذه الدعوة بوقف الحملات الإعلامیة التي ستكون مدعاة ومقدمة لنا جمیعاً لتھیئة الأجواء التي ستقود حتماً إلى تعزیز الفرص بقدرتنا على احتواء أبعاد مما نعانیه الیوم من خلاف.
أصحاب الجلالة والسمو، إننا نؤكد بأن استمرار الصراع في الیمن یشكل تھدیداً مباشراً لنا جمیعاً، ونأمل كل التوفیق للمشاورات السیاسیة الدائرة الآن في السوید التي استجابت بلادي بتقدیم الدعم اللوجستي لھا، وصولاً إلى الحل السیاسي المنشود القائم على المبادرة الخلیجیة وآلیاتھا التنفیذیة ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن (2216)، مشیدین في ھذا الصدد بالأصدقاء في السوید على رعایتھم لھذه المشاورات وسعیھم لتوفیر الظروف المناسبة لإنجاحھا، ولا یفوتني ھنا الإشادة بالجھود الكبیرة التي یبذلھا التحالف الدولي لدعم تلك المشاورات وإنجاحھا إضافة إلى المساعدات الإنسانیة الضخمة التي یقدمھا التحالف للتخفیف من آثار الظروف الإنسانیة القاسیة التي یكابدھا أشقاؤنا في الیمن.
لا تزال الكارثة الإنسانیة في سوریة الشقیقة مستمرة ولم تفلح الجھود الدولیة في إیجاد حل لھا لتستمر المعاناة ویتضاعف التھدید لأمن واستقرار المنطقة والعالم، متمنین لمبعوث الأمین العام للأمم المتحدة الجدید لسوریة السید بیدرسن التوفیق في مھمته الجدیدة وصولاً إلى الحل السیاسي المنشود القائم على قرارات الشرعیة الدولیة وجنیف، ومقدرین الجھود التي بذلھا سلفه السید ستیفان دیمستورا.
أصحاب الجلالة والسمو، نھنئ الأشقاء في العراق على التطورات الإیجابیة التي تحققت لھم باستكمال العملیة السیاسیة باختیار القیادات الثلاث، ونعرب عن تطلعنا بأن یتمكن الأشقاء في العراق من إعادة البناء لإزالة آثار ما شھده العراق الشقیق من دمار ولیتحقق لأبنائھ تطلعاتھم بالأمن والاستقرار والازدھار.
وحول مسیرة السلام التي وبكل أسف تعاني جموداً وتجاھلاً من قبل المجتمع الدولي، فإننا نؤكد حرصنا على المسارعة باستئناف عملیة السلام وصولاً إلى اتفاق سلام شامل ودائم وفق قرارات الشرعیة الدولیة ومبادرة السلام العربیة دعماً وتعزیزاً لاستقرار المنطقة والعالم.
نؤكد مجدداً أن تستند علاقاتنا مع الجمھوریة الإسلامیة الإیرانیة إلى مبادئ أقرھا میثاق الأمم المتحدة وفي مقدمتھا عدم التدخل في الشؤون الداخلیة واحترام سیادة الدول والالتزام بقواعد حسن الجوار تحقیقاً لكل ما نتطلع إلیھ جمیعاً من أمن واستقرار وسلام لمنطقتنا.
وفي الختام، أجدد الشكر لكم جمیعاً، داعیاً المولى جل وعلا أن یحفظ دولنا ویعزز وحدتنا ویوفقنا لما فیه العزة والمنعة لأوطاننا والرفاه لشعوبنا.
والسلام علیكم ورحمة الله وبركاته”.