يتصرف سكان المستوطنات على الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية كأنهم أصحابها، ويتوسعون باتجاه الأراضي المحيطة بها، ويحرم الفلسطينيون أهل الأرض والديار من أرضهم والتوسع فيها وإقامة آية منشآت عليها.
في الأغوار يقول موثق الانتهاكات الإسرائيلية الحقوقي عارف دراغمة: المستوطنون من البؤرة الاستيطانية في السويدة يضعون براميل للمياه ومشارب داخل أراضي السكان في خربة سمرة لري أبقارهم ويمددون خطاً للمياه إلى داخل أراضيهم المزروعة بالقمح، فهي سياسة توسعية من قبل المستوطنين، كما أنهم يسيطرون على أراض شاسعة من الأغوار ويتلقون الدعم الكامل من حكومة الاحتلال.
وفي مستوطنة “قدوميم” شرق قلقيلية التي أقيمت على أراضي قرية كفر قدوم عام 1976، توسعت المستوطنة حتى أصبحت من كبرى مستوطنات الضفة الغربية، وبالقرب من الطريق الواصل بين قلقيلية ونابلس أقام المستوطنون مرفقاً لتربية الخيول وإجراء السباق في المكان.
مراد أشتيوي منسق المسيرة الأسبوعية في كفر قدوم التي دخلت عامها التاسع في الأول من يوليو الجاري، يقول: مستوطنة قدوميم يتم توسعتها وإقامة مرافق ترفيهية بها من أجل راحة المستوطنين، بينما يحرم أكثر من 4 آلاف مواطن من أبناء القرية من حرية الحركة من خلال مدخل القرية الرئيس المغلق منذ عام 2003م، ويضطر الأهالي إلى الالتفاف في طريق طويلة ووعرة من أجل الوصول إلى المحيط الخارجي، وسكان مستوطنة قدوميم يتواصلون بحرية باتجاه الطريق الرئيس ومن جهة الطريق الالتفافي من الجهة الشرقية.
ويضيف أشتيوي: يتم الاعتداء علينا أسبوعياً بصورة وحشية من قبل الجنود ومنذ تسع سنوات وقرية كفر قدوم في عين سياسة القمع والإرهاب والاعتقال والاقتحام، والمستوطنون ينعمون براحة وتوسع على حساب أرضنا وأمننا.
وفي الجهة المقابلة لمستوطنة “قدوميم” توسعت بؤرة “جفعات جلعاد” على حساب أراضي أماتين وجت، وتمت مصادرة أراض في المنطقة لصالح التوسعة الاستيطانية.
المواطن ياسر صوان من أماتين يقول: بعد مقتل حاخام من البؤرة الاستيطانية عام 2017 على الطريق الالتفافي لمستوطنة “يتسهار” جنوب نابلس، استغل المستوطنون هذا الحدث الأمني وقاموا بعملية توسعة للبؤرة على حساب أراضينا وأقاموا كرفانات بعيدة عن المستوطنة حتى تتم مصادرة المنطقة الواقعة بين المستوطنة والكرفانات، فهم يتوسعون ونحن نحرم من أرضنا، فكل حدث أمني تسارع حكومة الاحتلال ومجلس المستوطنات على استباحة الأرض، فبعد مقتل الحاخام تم شرعنة بؤرة جلعاد وتوسعتها بشكل مرعب.
ويقول المزارع المسن فوزي غانم من قرية أماتين: المنطقة الصناعية في مستوطنة عمانويل توسعت على حساب أراضي أهل القرية وأرضي، وحاولوا تزوير صفقة بيع، وبعد صراع طويل في المحاكم الإسرائيلية منذ عام 1991 حتى عام 2017م استطعت استرجاع 12 دونماً تمت مصادرتها من مستوطن مليونير، وبعد استرجاع الأرض ما زالت الاعتداءات على الأرض قائمة والتهديدات مستمرة، فهم يتوسعون بكل الطرق.
وفي منطقة واد قانا الشهير الذي يعتبر أكبر محمية طبيعية في فلسطين بمساحة عشرة آلاف دونم، يتم محاصرة الوجود الفلسطيني في المكان.
رئيس بلدية دير أستيا سعيد زيدان يقول: بلدية دير أستيا تمتلك معظم أراضي واد قانا، ومنذ وجود الاستيطان في المكان تم اغتيال الوادي بعدة طرق، منها ما يسمى بسلطة الطبيعة والإدارة المدنية ومجلس المستوطنات، فقد تمت السيطرة على مياهه الجوفية وتجفيف الينابيع السطحية، ومنع زراعة أي أشتال جديدة من أشجار الحمضيات بدلاً من التالف منها، ومنعت البلدية من وضع مقاعد للمتنزهين، بينما سكان المستوطنات يقيمون الحفلات والمحاضرات والمخيمات الصيفية ويضايقون أصحاب المكان بإجراءات عسكرية لحمايتهم، لذا فنحن أصحاب المحمية نحرم منها بينما المستوطن المغتصب تكون له الحرية الكاملة في المكان.
وفي أكبر مستوطنة في الضفة الغربية وهي مستوطنة “أريئيل” التي يصل عدد سكانها ما يقارب 50 ألف مستوطن ومساحتها تمتد إلى عدة كيلومترات طولية، يمارس مجلس المستوطنة فيها عربدة على أهالي القرى المحيطة ومدينة سلفيت التي أقيمت على أراضيها.
الناشط محمد زيد يقول: تم الاستيلاء على مناطق تاريخية في المنطقة المحيطة لمستوطنة “أريئيل” لكي تكون ضمن خارطتها الهيكلية، وبالتالي يتم السيطرة على المكان وتاريخه، من خلال إقامة متحف على أرض الواقع من خلال الأماكن التاريخية في المنطقة، وهذا أكبر تزوير لتاريخ الأرض لصالح الاستيطان والمستوطنين.
ويرى الخبير بشار القريوتي في تصرف المستوطنين على الأرض كأنهم أصحابها قائلاً: نحن أمام استيطان ليس له مثيل في العالم، فهو لا يستهدف الأرض بل يحاول طمس أصحابها، فقد أقيمت المرافق السياحية في عدة مناطق في الضفة الغربية في خرب أثرية، وحتى في مقابر هم كانوا يتعمدون المصادرة كما هي الحال في مستوطنة “شيلو” حيث المقبرة خارج حدود المستوطنة، بينما يحرم الفلسطيني من إقامة أي منشأة حتى لو كانت عريشة بسيطة في أرضه.
ويضيف: أقام المستوطنون مشاريع زراعية ضخمة في أراضي الضفة الغربية والأغوار، ولها مردود اقتصادي كبير، فهذا التصرف فوق الأرض له دلالات توسعية خطيرة تؤدي في نهاية المطاف إلى إفقار الفلسطيني وإغناء المستوطن.