دعا حقوقيون ووزراء سابقون في عهد الرئيس الشهيد د. محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا بمصر، إلى إجراء تحقيق ومحاكمة دولية لقاتلي الرئيس مرسي بعدما أكد تقرير للأمم المتحدة أن وفاته نتيجة إهمال طبي متعمد يرقى إلى الاغتيال.
وقالت الأمم المتحدة: إن ظروف سجن الرئيس الراحل محمد مرسي يمكن وصفها بأنها وحشية، وإن موت مرسي يمكن اعتباره وفق هذه الظروف “قتلاً عقابياً تعسفياً من قبل الدولة”.
وقالت الأمم المتحدة في بيان رسمي، موقّع باسم خبيرة الأمم المتحدة السيدة إجنيس كالامارد: “اعتقل د. مرسي في ظروف لا يمكن وصفها إلا بأنها وحشية، خصوصاً خلال سنوات الاعتقال الخمس في مجمع سجن طرة”، مضيفاً أن “موت مرسي بعد استمرار هذه الظروف يمكن أن يصل إلى القتل التعسفي العقابي من قبل الدولة”.
وفي تحقيق جديد مستقل، خلص اثنان من خبراء الأمم المتحدة إلى أن ظروف احتجاز الرئيس الشهيد محمد مرسي كانت “وحشية”، وأنها “قد تكون أدت بشكل مباشر” إلى وفاته، وحذر التقرير من أن آلافاً من السجناء في مصر يعانون ظروفاً وحشية مشابهة وينبغي إنقاذهم.
وأضاف البيان: “لقد استلمنا أدلة موثوقة من عدة مصادر أن آلاف المعتقلين الآخرين قد يعانون من مخالفات كبيرة لحقوقهم الإنسانية، وأن العديد منهم يواجهون خطر الموت.
وزيران يطالبان بتحقق أممي
ورحب الوزيران السابقان، عمرو دراج، وزير التخطيط والتعاون الدولي، ويحيى حامد، وزير الاستثمار، بما توصل له خبراء الأمم المتحدة بشأن وفاة الرئيس مرسي، ودعوا إلى تحقيق أممي يشمل ملابسات وفاة نجله عبدالله أيضاً الذي يشكك حقوقيون في قتله بطرق بوليسية وتشويه سمعته.
وفي بيان نشره يحيى حامد على صفحته بـ”فيسبوك، قال يحيى حامد: “أؤيد تمامًا المبادرة التي اتخذها خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة للتحقيق في وفاة الرئيس مرسي، لكن لفهم الحقيقة الكاملة يجب على الأمم المتحدة أيضًا التحقيق في وفاة عبدالله مرسي أيضاً”.
وأكد عمرو دراج: “نرحب ونؤيد بالكامل تحقيق الأمم المتحدة في الظروف التي أدت إلى وفاة الرئيس مرسي حيث يمثل هذا التحقيق خطوة مهمة إلى الأمام”.
وقال الوزيران السابقان: إنه قبل عام من وفاة الرئيس مرسي، كلف أفراد عائلته لجنة من البرلمانيين وكبار المحامين في المملكة المتحدة للتحقيق في ظروف احتجازه، وترأس الجلسة الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية البريطانية كريسبين بلانت.
وقد نشر الفريق تقريراً يحذر فيه من أنه إذا استمرت ظروف الاحتجاز الرديئة للغاية للرئيس مرسي، فسيؤدي ذلك إلى “وفاته المبكرة”.
وقال كريسبن بلانت: “لقد وجدنا أن اعتقاله يرقى إلى التعذيب وفقًا للقانون المصري والدولي، ووجدنا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي هو المسئول عن التعذيب وهي جريمة الاختصاص العالمي، لأن ظروف اعتقال د. مرسي ذات أهمية لسلسلة القيادة المصرية”.
بعد وفاة الرئيس مرسي بفترة قصيرة، كتب ابنه عبدالله مرسي رسالة خاصة إلى الأمم المتحدة يشكو رسميًا من ظروف الاحتجاز التي شملت الافتقار إلى الرعاية الطبية التي تعتقد العائلة أنها أدت مباشرة إلى وفاة الرئيس.
وقدم عبدالله مرسي للأمم المتحدة أدلة مباشرة على الطريقة التي عومل بها الرئيس وتفاصيل عن شكوك الرئيس بأن “علاجه” كان يهدف إلى التسبب في وفاته.
وبعد وقت قصير من قبول الأمم المتحدة لشكوى عبدالله مرسي، توفي عبدالله فيما اعتبره البعض ظروفًا غامضة، حيث كان عبدالله يبلغ من العمر 25 عامًا عندما توفي بنوبة قلبية كما زعمت السلطات المصرية، وقبل وفاته احتُجز عبدالله لمدة عام من قبل السلطات المصرية بتهم واهيه؛ لأنه كان ناشطًا صريحًا ضد معاملة السلطات المصرية للرئيس مرسي.
دعوات حقوقية لمحاكمة القتلة
وقال حقوقيون مستقلون، وآخرون ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين في الخارج: إن التقرير الذي أصدرته خبيرة الأمم المتحدة السيدة إجنيس كالامارد الذي يؤكد أن موت الرئيس السابق مرسي كان “قتلاً عقابياً تعسفياً من قبل الدولة”، سيكون دليلاً جديداً في حملتهم لمحاكمة رئيس النظام المصري الحالي السيسي ومن شاركوا في قتل مرسي.
وسبق للمتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن طالب في بيان، في يناير 2019، بإجراء تحقيق شامل ومستقل في ظروف وفاة مرسي، وظروف احتجازه، ما أثار غضباً مصرياً واتهمته الخارجية بـ “تسييس وفاة مواطن مصري” غير معترفة بأنه رئيس سابق.
وأكد الحقوقي أحمد مفرح، رئيس منظمة “كوميتي فور جستس”، أن لديه معلومات أن قطاع السجون مكلف من وزير الداخلية بعدم الاستجابة نهائياً لمطالب أي من قيادات جماعة الإخوان الذين يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، ولذلك شكك في بيان النيابة حول وفاة مرسي وطالب بتحقيق دولي.
وطالب نشطاء بتحرك جدي من الأمم المتحدة والعالم لمحاكمة المسؤولين عن قتل الرئيس مرسي ووقف سلسلة القتل بالإهمال الطبي والتعذيب في سجون مصر.
بعدما أكدت المنظمة الدولية: “لقد استلمنا أدلة موثوقة من عدة مصادر على أن آلاف المعتقلين الآخرين قد يعانون من مخالفات كبيرة لحقوقهم الإنسانية، وأن العديد منهم يواجهون خطر الموت”.
وقال خليل العناني، أستاذ العلوم السياسية المقيم في أمريكا: “قد لا تكون خلاصة التقرير مفاجئة، ولكنها مهمة من أجل مقاضاة المتورطين في هذه الجريمة وغيرها مستقبلًا”.
وقالت النائبة السابقة عن حزب الحرية والعدالة (تابع للإخوان) عزة الجرف، على صفحتها علي “فيسبوك”: إن “التقرير الأممي عن قتل الرئيس الشهيد مرسي ليس له أهمية إلا بتحرك دولي يدعمه”.
اتهامات سابقة بالقتل
وسبق أن اتهمت 23 منظمة حقوقية مصرية ودولية السلطات المصرية بتعمد قتل الرئيس محمد مرسي بالإهمال الطبي، وطالبت في بيانات جماعية بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في هذه “الجريمة”.
وطالبت في بيان بعنوان “مرسي لن يكون الأخير.. الإهمال الطبي في السجون أداة نظام السيسي لقتل الخصوم”، بلجنة دولية من الأمم المتحدة تفتش السجون المصرية وتحقق في قتل الرئيس مرسي.
وأصدرت منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بياناً منفصلاً اعتبرت فيه أن وفاة مرسي كانت “نتيجة التقاعس عن توفير الرعاية الصحية الضرورية، وهو التقاعس الذي يشكل قتلًا بالامتناع عن تقديم الرعاية الطبية، وفقًا لقانون العقوبات المصري وغيره من المواثيق الحقوقية الدولية”.
وفي 8 يوليو 2018 الماضي، أصدرت خمس منظمات حقوقية مصرية بياناً مشتركاً تحث فيه المجتمع الدولي للتدخل من أجل وقف “القتل التدريجي” للرئيس محمد مرسي وآخرين، مطالبة السلطات المصرية بتوفير الرعاية الصحية اللازمة لمرسي في محبسه ولآلاف المحتجزين غيره.
إلا أن السلطات المصرية لم ترد على هذه النداءات إلا بمزيد من حملات الاغتيال المعنوي والتشوية والتشهير بالمنظمات المصرية المنضمة للبيان وكل من تضامن معها دوليًا، والمضي قدمًا في الاغتيال الفعلي للرئيس الأسبق.
وأكدت المنظمات الحقوقية المصرية العشر، في بيان مشترك، أن واقعة وفاة رئيس الجمهورية محمد مرسي بهذه الطريقة الصادمة أثناء محاكمته، نتيجة الإهمال الطبي والحرمان من الرعاية الصحية، “تفضح اتجاه النظام الحالي للانتقام من خصومه السياسيين في السجون، بالتعذيب والإهمال حد القتل العمدي البطيء والحبس الانفرادي”.
وأكدت أن “محمد مرسي لن يكون الأخير إذا استمر الوضع كما هو عليه، فثمة آخرون خلف القضبان ينتظرون المصير نفسه، طالما بقيت السجون المصرية بمعزل عن المراقبة الفعالة من جهات مستقلة”، وطالبت بالسماح للجنة الصليب الأحمر الدولية بتقصي أوضاع السجون المصرية والوقوف على حالة السجناء.
كما طالبت بالسماح لفريق من خبراء مستقلين تابعين للأمم المتحدة للوقوف على أسباب وفاة محمد مرسي والتحقيق في الأمر، وكذلك محاسبة المسؤولين عن الإهمال الطبي الذي تعرض له محمد مرسي.
وحملت المنظمات الموقعة على البيان السلطات المصرية وعلى رأسها عبدالفتاح السيسي مسؤولية وفاة الرئيس محمد مرسي، “حيث إنه من غير المعقول أن يتم التنكيل برئيس سابق وحرمانه من الرعاية الطبية اللازمة رغم النداءات المحلية والدولية؛ حيث كان يعاني من أمراض مزمنة منها السكري والضغط، دون علم السيسي وتأييده”.
وشددت على أنه “من واقع متابعة المنظمات الحقوقية لحالات عدة يتبين أن تعامل سلطات السجون مع السجناء السياسيين رفيعي المستوى تحددها قرارات سياسية عليا، كتلك التي صدرت بشأن تقديم رعاية صحية فاخرة للرئيس الأسبق حسني مبارك طوال فترة محبسه”.
وطالبت المنظمات الموقعة “بإنهاء الضوء الأخضر الممنوح لتوحش الأجهزة الأمنية لاغتيال الخصوم السياسيين بما في ذلك إباحة القتل بوسائل متنوعة مباشرة وغير مباشرة، وتواطؤ المؤسسات الموالية الأخرى -بما فيها الإعلامية- في القتل المعنوي”.
واستنكرت المنظمات الموقعة على البيان التقاعس الدولي وتجاهل رؤساء الدول الذين سبق أن التقى بهم محمد مرسي خلال فترة ولايته للنداء الذي أطلقته بعض المنظمات الحقوقية من أجل التدخل لإنقاذ حياته، والتقارير الصحفية المنشورة في صحف دولية حول حالة مرسي الصحية المزرية وأوضاع السجون المتردية في مصر، فربما كان لتدخلهم أثره في تحسين ظروف احتجازه أو إنقاذ آخرين غيره ينتظرون في طابور الموت بالسجون المصرية.
وقالت: إن السجون المصرية تحولت إلى معسكرات اعتقال كبرى منذ جاء السيسي، الهدف منها هو معاقبة المعارضين السياسيين على نشاطهم السياسي، تارة بالحبس وأخرى بالإهمال الطبي المتعمد سواء لاحتياجاتهم الصحية أو ما ألمّ بهم من أمراض جديدة بسبب ظروف الاحتجاز السيئة.
حملة دولية لمقاضاة من قتلوا مرسي
وسبق أن أكدت صحيفة “مونيتور” الأمريكية أن قوى إسلامية -على رأسها جماعة الإخوان المسلمين- وحقوقيين ومنظمات دولية طالبت بحملة لمقاضاة السيسي ونظامه بتهمة قتل آلاف المصريين؛ حيث بدأت الجماعة تساندها منظمات دولية وحقوقيون حملة لمقاضاة العسكريين الذين شاركوا في انقلاب 3 يوليو 2013 فرداً فرداً وبشكل شخصي.
وأكد القياديّ في جماعة الإخوان المسلمين مراد غراب الذي هرب من البطش في مصر في نهاية عام 2013، لـ”المونيتور”، أنّ الجماعة في صدد إطلاق حملة دوليّة موسّعة لاستهداف قانون تحصين قيادات الجيش، عبر فضح مساعي النظام للتغطية على الجرائم التي ارتكبها ضدّ الإخوان والجماعات الإسلاميّة منذ عام 2013.
وقال: يعمل محامو الجماعة حاليًّا على إعداد ملف كامل سيتمّ ترويجه دوليًّا ضدّ القيادات العسكريّة في مصر، أمام المحكمة الدولية والبرلمان الأوروبي والكونجرس الأمريكي وعدد من المنظمات الدولية لزيادة الضغط على سلطة الانقلاب.
وأوضح أن هذه المرّة لن نطالب بالتحقيق مع النظام المصريّ، كما حدث في عام 2014، ولكن ستتمّ المطالبة بمقاضاة القيادات العسكريّة بشكل شخصيّ.
وعن قانون التحصين، الذي أصدره السيسي ليحصن نفسه وقادة عسكريين، قال: في القانون عوار دستوريّ وقانونيّ كبير، فلا يوجد شيء اسمه تحصين أيّ مجموعة من المحاكمة، والقانون يخالف نصّ دستور السيسي.
إذ تنصّ المادّة (53) من الدستور على: “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريّات والواجبات العامّة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعيّ، أو الانتماء السياسيّ أو الجغرافيّ، أو لأيّ سبب آخر”.
وسبق أن أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ورقة تحمل عنوان “قانون معاملة كبار قادة القوات المسلحة في سؤال وجواب”، أكد فيها تفاصيل ما قال: إنه الصفقة بين العسكر والسيسي من وراء هذا القانون، وإنه يجوز محاكمتهم دولياً.
الدراسة أكدت بوضوح أن “الصفقة” التي عقدها السيسي مع جنرالاته تقوم على أنه “لا عقاب للقادة العسكريين المتورطين في جرائم الماضي مقابل انفراد الرئيس بالسلطة مدى الحياة”، وأن القانون عكس بشكل واضح كيف أن الغاية الرئيسة منه هي “التستر الكامل على جرائم الماضي وإفلات العسكريين المتورطين فيها من العقاب”.
وأوضحت أن القانون “يبعث برسالة واحدة مفاداها أن القانون الدولي والمحاكم الدولية هي الوسيلة الوحيدة لمحاسبة القادة العسكريين المتورطين -بالأمر أو التنفيذ- في جرائم خطيرة أودت بحياة المئات خلال السنوات السبع الماضية”.
أي أن على من يرغب في محاسبة جنرالات الانقلاب على جرائمهم أن يلجأ إلى القضاء الدولي والمحاكم الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية التي تختص بمحاكمة الأفراد على جرائم ارتكبوها في حق الإنسانية.