“على مدار آلاف السنين، تحكمت مصر في نهر النيل، والآن سد جديد يهدد هذا الوضع”.. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريراً حول أزمة سد النهضة، وتهديده لحصة مصر في مياه النيل.
واستهلت الصحيفة التقرير، بحسب ترجمة “مصر العربية”، بمشهد لمزارع مصري يندب ثروته المتمثلة في حقل مغبر بالتراب، فقبل سنوات قليلة، كان الحقل مزروعاً بالقمح وتغطيه الصوبات الزراعية المملوءة بالطماطم، ولكنه الآن يواجه التصحر.
يقول المزارع حامد جار الله، وهو يشير إلى التربة الرملية، والصوبات المهجورة: “انظر.. كيف أصبحت عقيمة”، عازياً هذا الوضع إلى تناقص مياه الري من النيل المثقل بالأعباء.
ويعاني النيل بالفعل من التلوث والتغير المناخي والنمو السكاني في مصر الذي بلغ رسميا 100 مليون نسمة هذا الشهر، لكن جار الله أشار إلى كارثة جديدة تلوح في الأفق، وهي سد ضخم لإنتاج الطاقة الكهرومائية يبنى على مسافة 2000 ميل في أعالي النيل في أراضي منخفضة بإثيوبيا.
ويهدد هذا البناء الضخم المعروف بسد النهضة بمزيد من التقليص لإمدادات المياه في مصر، حيث من المقرر أن تبدأ عملية ملء خزان السد في فصل الصيف.
وعن هذا الخطر يقول جار الله: “نشعر بالقلق.. مصر لن توجد بدون النيل.. أرزاقنا تدمر، ربنا يساعدنا”.
وأشارت الصحيفة إلى أن النزاع بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة الذي تزيد كلفة بنائه على 4.5 مليار دولار، وهو الأكبر من نوعه في أفريقيا مع خزان يقترب من حجم لندن، أصبح شاغلاً وطنياً في كلا البلدين ومؤججاً للروح الوطنية والمخاوف الراسخة، وحتى للحرب.
ولفتت الصحيفة إلى أن السد بالنسبة للإثيوبيين يمثل رمزاً عزيزاً لطموحاتهم، فهو مشروع ضخم له القدرة على إضاءة ملايين المنازل، وكسب المليارات من مبيعات الكهرباء إلى البلدان المجاورة وتأكيد مكانة إثيوبيا كقوة أفريقية صاعدة.
أما بالنسبة لمصر، فقد عبر الرئيس عبدالفتاح السيسي عن موقف بلاده من السد أمام الأمم المتحدة، في سبتمبر الماضي، بقوله: “النيل مسألة حياة وقضية وجود بالنسبة لمصر”.
وتتخوف مصر من أن يقلص السد الذي تم الإعلان عنه في عام 2011، إمداداتها الشحيحة أصلاً من مياه نهر النيل التي يعتمد عليها سكانها البالغ عددهم أكثر من 100 مليون نسمة بشكل كامل تقريباً.
وفي المقابل، تنفي إثيوبيا إمكانية أن يقوض السد سبل حصول مصر على المياه، مؤكدة في الوقت ذاته أن السد مشروع حيوي لنموها الاقتصادي في ظل سعيها لأن تصبح أكبر مصدر للطاقة الكهربائية في أفريقيا بطاقة تقدر بأكثر من 6000 ميجاوات.
وعلى مدار 8 سنوات، يتنازع مسؤولون في مصر والسودان وإثيوبيا دون جدوى، حيث انتهت العديد من الاجتماعات دون اتفاق.
وعبرت مصر عن قلقها من عدم تقديم إثيوبيا ضمانات كافية بأن ملء السد سيتم إبطاؤه خلال أوقات الجفاف.
ونتيجة لهذا الفشل في التوصل لاتفاق بين دول النزاع، استضافت الولايات المتحدة اجتماعاً للدول الثلاث في واشنطن الشهر الماضي.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في منتصف يناير، في بيان مشترك مع الدول الثلاث والبنك الدولي، أنهم اتفقوا على ملء خزان سد النهضة، على مراحل خلال الموسم المطير، على أن يأخذ ذلك في الحسبان التأثير على المخزون المائي لدى دول المصب.
وفي نهاية يناير، قال وزراء من مصر وإثيوبيا والسودان: إنهم سيوقعون اتفاقاً نهائياً بحلول نهاية فبراير بشأن سد النهضة الإثيوبي الذي أثار أزمة دبلوماسية امتدت لسنوات بين القاهرة وأديس أبابا.