تحت عنوان “السلطة الفلسطينية سفينة غرق”.. سلطت كاتبة فلسطينية الضوء على المعاناة التي تعيشها السلطة الفلسطينية عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن خطة السلام المعروفة بـ”صفقة القرن”، مشيرة إلى أن تلك الخطة تكتب السطر الأخير في حياة السلطة.
وقالت الكاتبة في مقال نشرته بصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، بحسب “مصر العربية”: إن الفلسطينيين كانوا غائبين بشكل صارخ خلال الإعلان عن “صفقة القرن”، وبينما كان ترمب ورئيس وزراء “إسرائيل” بنيامين نتنياهو يبشران بالخطة، القيادة الفلسطينية رفضت الخطة بـ “ألف لا”.
أعلن الرئيس محمود عباس، الذي لم يتم التشاور معه حتى أثناء صياغة الخطة، أن حكومته ستنهي جميع العلاقات مع الولايات المتحدة و”إسرائيل”، وشمل ذلك قرارًا بإنهاء التنسيق الأمني للسلطة مع “إسرائيل”، ظاهرياً، قد يبدو هذا موقفًا صارمًا، لكن هذه ليست المرة الأولى التي ينفذ فيها عباس هذا الوعد، وبالنسبة للعديد من الفلسطينيين، فإن هذه التهديدات جوفاء بالنظر إلى فشل السلطة المتكرر في وقف ضم “إسرائيل” الفعلي للأرض الفلسطينية.
تكشف خطة ترمب مرة أخرى عدم تناسق القوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو خلل يتجلى في الحرمان المنهجي لحقوق الفلسطينيين وتمكين التوسعية الإسرائيلية، ومع ذلك، فقد يكون ذلك بمثابة نقطة تحول، إنه سيشكل نهاية لمهزلة القيادة الفلسطينية والاستقلال الذاتي من خلال إثبات أنه حتى عندما يستسلم الفلسطينيون ويتعاونون مع المحتلين لعقود من الزمن، فإنهم سيبقون مغلقين.
وأوضحت الكاتبة أن توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 أعطى الفلسطينيين استقلالاً جزئياً على أجزاء من أراضيهم في شكل السلطة الفلسطينية، التي كانت ستحل محل منظمة التحرير الفلسطينية كممثل رسمي عن السلطة الفلسطينية.
وبمساعدة الولايات المتحدة، صنعت “إسرائيل” وصادقت قيادة فلسطينية “معتدلة” في شكل السلطة، التي كان التحرير يقوم عليها بناء الدولة، وبناء الدولة والبيروقراطية الذي تستلزمه على 22% من فلسطين التاريخية.
وبدلاً من العمل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، أصبحت القيادة الفلسطينية عنصراً أساسياً في ذلك، وأصبح التنسيق الأمني مع الجيش الإسرائيلي، الذي تم كتابته في اتفاقيات أوسلو، هو الواجب الأساسي للسلطة الفلسطينية، فهي تستهلك أكثر من ميزانيتها من قطاعات التعليم والصحة والزراعة مجتمعة.
وأدى ذلك إلى تآكل ثقة الفلسطينيين بالسلطة، وحفز الفساد والمراقبة في المجتمعات الفلسطينية، وبعد 25 سنة، فشلت السلطة في تحقيق السلام والعدالة وتقرير المصير للفلسطينيين.
وتحت ستار السعي وراء السلام، مكّن التنسيق الأمني “إسرائيل” من الاستمرار في اقتحام الأراضي الفلسطينية المحتلة من جهة وترسيخ واقع الدولة الواحدة من ناحية أخرى، بعد أكثر من نصف قرن من بدء الاحتلال وربع قرن من توقيع اتفاقات أوسلو، فلا عجب أن تستعد “إسرائيل” الآن بشكل رسمي تقريباً لضم جميع مستوطناتها ووادي الأردن (الذي يشكل بالكامل ما يصل إلى 30% من الضفة الغربية).
وأوضحت الكاتبة أن الدرس الحقيقي هنا هو مدى استعداد الشريك الفلسطيني، بغض النظر عن مدى رضائه، وتهميش السلطة الفلسطينية من قبل ترمب، ونتنياهو أظهر مرة واحدة وإلى الأبد أن الفلسطينيين ليس لهم مكان في أي خطط مستقبلية.
وهذه الديناميكية لا تنفرد بها الإدارة الحالية في واشنطن، رغم أنها كانت واضحة بشكل خاص بها، واتبع الرؤساء الأمريكيون من كلا الطرفين سياسات تجاهلت الزعماء الفلسطينيين وأضعفتهم على مدى عقود، كما كانت الحال في المفاوضات قبل أوسلو، فإن الخيارات المتاحة للفلسطينيين تقتصر إما على قبول الاحتلال الدائم، أو فرضه عليهم رغماً عنهم، وتبين خطة ترمب للسلام ورد عباس أن الفلسطينيين ليس لديهم وسيلة لمحاسبة المحتل من خلال قيادتهم السياسية الحالية.