فوجئ مزارعو البصل في اليمن، أثناء حصاد منتجهم، بتجار ومصدرين يطرقون أبوابهم لحجز ما تبقى من كميات جاهزة لم يتم التعاقد عليها في الأسواق المحلية، وشرائها منهم وترتيبها على عجل لتصديرها إلى بعض الدول، خصوصاً إلى دول الخليج العربي، التي تعاني أسواقها من نقص حاد في البصل، مثل الكويت وسلطنة عمان والسعودية.
وينتج اليمن كميات كبيرة من الخضروات مع اكتفائه الذاتي من منتجاته في هذا المجال منذ سنوات وتصدير كميات كبيرة للخارج، فيما يعد البصل ثاني محصول زراعي ينتجه مع نحو 227 ألف طن، بعد البطاطس (281 ألف طن)، وذلك من مساحة زراعية تبلغ 15.5 هكتاراً.
لكن مع تفاقم الحرب وما فرضه التحالف السعودي ــ الإماراتي من حصار بري وبحري شامل، وفق حديث حمدي الجبلي، وهو مستثمر في سهل تهامة الزراعي الشهير في غرب اليمن، لم تعد الصادرات اليمنية تجد طريقا للخارج، لذا يسوق المزارعون منتجاتهم في الأسواق المحلية التي تخضع لضغط العرض والطلب واختلاف الأسعار بصورة مستمرة.
وأضاف الجبلي لـ”العربي الجديد”، أن التحالف قطع اتصال المنتجات اليمنية، خصوصاً الزراعية، بالأسواق الخارجية في دول الخليج العربي وغيرها، لهذا كشف فيروس كورونا وتبعاته من خلال نقص المعروض من بعض السلع الزراعية، عن هذه المشكلة المتعلقة بتضييق الخناق على الصادرات اليمنية وإغلاق المنافذ أمامها منذ نحو خمس سنوات.
وكانت الكويت من أولى الدول التي استقبلت أسواقها البصل اليمني أخيراً وبكميات كبيرة لتغطية النقص في المعروض من هذا المنتج مقابل ارتفاع الطلب عليه من قبل المستهلكين، حسب ما أفاد تجار ومسؤولو جمعيات زراعية يمنية معنية بالتصدير لـ”العربي الجديد”، فيما دفع نقص المعروض دولا أخرى مثل السعودية لطلب كميات عاجلة من البصل اليمني.
وبعد وصول دفعة تقدر بنحو 120 طنا إلى دولة الكويت، يستعد تجار لتصدير دفعة ثانية منه تقدر بنحو 150 طنا خلال الأسبوع القادم، إضافة إلى كميات كبيرة سيتم تصديرها إلى السعودية وتركيا وماليزيا، مع استمرار تدفق البصل اليمني، خصوصاً الحضرمي الأحمر، بشكل معتاد إلى سلطنة عمان لكن بكميات أكبر.
ويسود تخوف في اليمن من تأثير سحب البصل بكميات كبيرة وتصديره للخارج، لناحية حصول نقص في المعروض أمام الأسواق المحلية وبالتالي ارتفاع سعره بعد أن كان أكثر الخضروات المتوفرة وبسعر يناسب المستهلكين خصوصاً محدودي الدخل.
وقال المواطن إبراهيم عبد الله، وهو من سكان صنعاء، إن البصل والخضروات من الركائز الأساسية في المنظومة الاستهلاكية للمواطنين اليمنيين وسلعة رئيسية لمحدودي الدخل، مؤكداً أن فتح المجال لتصديرها للخارج بكميات كبيرة قد ينعكس تراجعا في المعروض وارتفاع أسعارها، وبالأخص مع اقتراب شهر رمضان الذي يرفع الطلب على الخضروات بشكل عام في اليمن.
وطبقاً لبيانات التقرير السنوي للغرفة التجارية والصناعية في حضرموت، فإن صادرات البصل تبلغ سنوياً 26.185 ألف طن، بقيمة إجمالية تقارب 530 مليون ريال في العام قبل الماضي.
وعزا المسؤول في جمعية الخير الزراعية بوادي حضرموت، أحمد بامريد، في حديث لـ”العربي الجديد”، سبب تحسن الإنتاج من البصل وانتعاش الزراعة بشكل عام، إلى قيام الفلاحين بتأسيس جمعية متخصصة بالمزارعين تضم أكثر من 650 فلاحا من مزارعي حضرموت كمساهمين ومالكين للأراضي الزراعية، إضافة إلى تنظيم العمل الزراعي واعتماد طرق حديثة في الزراعة واستخدام تقنيات حديثة في البذور والري، وهو ما أدى إلى زيادة المنتج من مختلف المحاصيل الزراعية.
ويعد البصل ثاني أهم السلع الزراعية اليمنية المصدرة إلى الخارج بعد الفواكه، رغم انخفاض الصادرات اليمنية بسبب الحرب والحصار المفروض من قبل التحالف السعودي ــ الإماراتي.
وبلغت صادرات اليمن من البصل، بحسب أحدث بيانات رسمية لعام 2018، نحو 63 ألف طن، بقيمة 1.6 مليار ريال، بعد أن كانت تتجاوز الـ100 ألف طن قبل الحرب المستمرة منذ ما يزيد على خمس سنوات.