لا تزال الخلافات بشأن حصص خفض الإنتاج متواصلة فيما بين روسيا والسعودية قبيل انطلاق اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” بقيادة السعودية، والدول المنتجة من خارجها بقيادة روسيا، بعد ظهر اليوم الخميس.
وأكد مصدر مطلع على السياسة النفطية السعودية، اليوم الخميس، لـ”رويترز”، أنّ المملكة مستعدة لخفض ما يصل إلى أربعة ملايين برميل يومياً من إنتاجها، لكن فقط من مستويات إنتاجها القياسية التي بلغتها، في إبريل/ نيسان، عند 12.3 مليون برميل يومياً.
وتقول روسيا غير العضو في “أوبك”، إنها تريد أن يجري خفض الإنتاج من مستويات الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار، قبل القفزة الإنتاجية السعودية.
وقال متحدث باسم الكرملين لـ”رويترز”، إنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا يعتزم بحث أسواق النفط، اليوم الخميس، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والقيادة السعودية.
وشرح المتحدث رداً على سؤال بشأن احتمال حدوث الأمر، بأن “لا وجود لمثل تلك الخطط اليوم”.
وأكد مصدران روسيان، للوكالة، أنّ الحد الأقصى لخفض إنتاج النفط الروسي بموجب أي اتفاق عالمي بشأن الإمدادات سيكون مليوني برميل يومياً.
وشدد ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، اليوم الخميس، على أنّ روسيا تريد تحركاً منسقاً مشتركاً لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية.
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت موسكو قد تلقت تأكيدات بأنّ الولايات المتحدة ستشارك في اتفاق، أشار الكرملين إلى تعليقات أدلى بها الرئيس بوتين، الأسبوع الماضي، عن أنّ إبرام اتفاق جديد سيكون ممكناً بالكاد، من دون انضمام دول أخرى.
وقال وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب، للإذاعة الحكومية، إنّ الهدف من اجتماع منتجي النفط، بعد ظهر اليوم الخميس، هو “التوصل إلى اتفاق على خفض كبير لإنتاج النفط”. وأضاف عرقاب أنّ مثل هذا الخفض سيكون من أجل “إعادة التوازن إلى السوق لمصلحة المنتجين والمستهلكين”.
ولفت فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، في تصريحات تلفزيونية، اليوم الخميس، إلى أنّ الدول المستوردة للنفط قد تعلن عن مشتريات للخام لدعم الطلب على الوقود. وقال: “قد نسمع شراء الدول غداً للنفط لبناء (احتياطيات) استراتيجياتها ودعم الطلب”.
وأضاف: “سنشهد تعافياً للطلب تماشياً مع حل هذه المشكلة لعودة الاقتصاد العالمي، لكنني لا أتوقع أن يكون هناك” تعافٍ سريع لأسعار النفط.
وتراجع الطلب العالمي على الوقود بما يصل إلى 30%، بعدما أدت إجراءات مكافحة انتشار الفيروس إلى توقف الطائرات والحد من استخدام السيارات وكبح النشاط الاقتصادي.
وبلغت أسعار خام القياس العالمي برنت أدنى مستوى في 18 عاماً، الشهر الماضي، ويجري تداول الخام بأقل من 34 دولاراً للبرميل، أي عند نصف مستويات نهاية عام 2019، ما وجه ضربة قوية إلى ميزانيات الدول المنتجة للخام وصناعة النفط الصخري الأميركي عالية التكلفة.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، إنه توصل إلى صفقة مع السعودية وروسيا يمكن أن تؤدي إلى خفض الإمدادات العالمية بما بين 10 و15 مليون برميل يومياً، وهو خفض غير مسبوق. لكن واشنطن لم تُبد بعد استعداداً للمشاركة.
وأشارت الرياض وموسكو، اللتان اختلفتا عندما انهار اتفاق سابق على كبح الإمدادات، في مارس/ آذار، إلى أنّ اتفاقهما على تخفيضات جديدة أكبر بكثير، سيعتمد على تخفيض الولايات المتحدة أيضاً للإنتاج.
ويعارض ترامب، حتى الآن، إصدار أوامر بتخفيض الإمدادات المحلية، قائلاً إنّ الإنتاج يتراجع على أي حال بشكل طبيعي؛ بسبب انخفاض الأسعار.
وقالت روسيا، أمس الأربعاء، إن هذه التخفيضات لا تُحتسب كتخفيض ملائم. وفي تعقيد آخر، تسعى موسكو والرياض جاهدتين إلى الاتفاق على المستويات التي ينبغي أن تكون أساساً للتخفيضات، حيث تصرّ المملكة على أن تكون مستويات إبريل/ نيسان، الذي بدأت فيه زيادة كبيرة لإنتاجها، بينما تصر موسكو على مستويات الإنتاج في الربع الأول.
وقال مصدر روسي لـ”رويترز”: “لست متأكداً من الكيفية التي ستسوي بها روسيا والسعودية خلافاتهما اليوم”، وهو ما عبّر عنه مصدران في “أوبك” أيضاً. وقال مصدران روسيان إنّ الحد الأقصى لخفض إنتاج النفط الروسي سيبلغ مليوني برميل يومياً، أي نحو 17% من إنتاجها.
وأكد “غولدمان ساكس” و”يو.بي.إس”، اليوم الخميس، أنّ التخفيضات المقترحة، رغم ضخامتها، لن تكفي لمعالجة التراجع الهائل في الطلب العالمي، وتوقعا إمكانية انخفاض أسعار الخام من جديد إلى 20 دولاراً للبرميل، بل وأقل من ذلك.
ودعا عضوان في مجلس الشيوخ الأميركي، في وقت سابق، البيت الأبيض إلى فرض عقوبات على الرياض وسحب القوات الأميركية من المملكة، وفرض رسوم على واردات النفط السعودي. واجتماع “أوبك+” اليوم الخميس سيعقبه اجتماع، غداً الجمعة، لوزراء الطاقة في دول مجموعة العشرين.
ولتحديد كيفية تقاسم الخفض بين المنتجين، يتعين على موسكو والرياض وغيرهما الاتفاق على مستويات الإنتاج التي ستُستخدم كأساس لحساب التخفيضات.
وأصبحت المسألة ضبابية بفعل حرب بين السعودية وروسيا على الحصص السوقية اندلعت بعد انهيار المحادثات بين أعضاء مجموعة “أوبك+” في فيينا، في السادس من مارس/ آذار.
ورفعت المملكة الإنتاج إلى مستوى قياسي يبلغ 12.3 مليون برميل يومياً، في إبريل/ نيسان من أقل من عشرة ملايين برميل يومياً في مارس/ آذار.
وذكرت وكالة “تاس” الروسية للأنباء أنّ أي تخفيضات ستستمر على الأرجح لثلاثة أشهر بدءاً من مايو/ أيار. وبلغ أكبر خفض للإنتاج توافق عليه “أوبك” على الإطلاق 2.2 مليون برميل يومياً، وذلك في 2008.