أعادت قوات حكومة الوفاق الوطني تمركزها غرب مدينة سرت الساحلية (وسط ليبيا) في ظل مقاومة تبديها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعومة بطيران أجنبي، لكنها أكدت أن اقتحام المدينة مسألة وقت، في حين يتواصل الحراك السياسي إقليمياً ودولياً سعياً لوقف القتال والتوصل لتسوية للأزمة الليبية.
فقد قال مصدر عسكري إن قوات الوفاق أعادت التمركز في منطقة مفرق النخلة غرب سرت (450 كيلومترا شرق طرابلس).
وأضاف المصدر أن هذه الخطوة جاءت لتفادي قصف قوات حفتر بالمدفعية الثقيلة الموجهة بالليزر.
وسيطرت قوات الحكومة الليبية المعترف بها دوليا في الأيام القليلة الماضية على مناطق الوشكة وبويرات الحسون غرب سرت، وجارف والقبيبة جنوبيها، لكنها تعرضت لغارات من طائرات حربية نفاثة تردد أنها روسية، وأخرى مسيرة زودت بها الإمارات حليفها حفتر، وتسببت تلك الغارات في مقتل نحو 20 من قوات الوفاق بالإضافة إلى سبعة مدنيين.
وكان آمر غرفة عمليات سرت-الجفرة العميد إبراهيم بيت المال قد قال أمس إن قواته على بعد كيلومترات من وسط سرت، وإن استعادتها “مسألة وقت”، في حين أعلن رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا وقادة ميدانيون تصميمهم على استعادة المدينة التي سيطرت عليها قوات حفتر مطلع العام الماضي، بالإضافة إلى قاعدة الجفرة التي تقع جنوباً.
وحديثا، ذكرت قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) أن روسيا نشرت فيها أخيراً سرباً من الطائرات دعماً لحفتر بعد خسارته كل معاقله في الغرب الليبي وعلى رأسها ضواحي طرابلس الجنوبية ومدينة ترهونة.
ألغام روسية
وعن مخلفات القتال في ضواحي طرابلس الجنوبية، قال المتحدث باسم إدارة الهندسة العسكرية التابعة لحكومة الوفاق العقيد عمر الرطب إن الألغام التي زرعها المرتزقة الروس في منازل النازحين تتشابه مع الألغام التي زرعها تنظيم الدولة الإسلامية سابقاً في مدينة سرت.
وأضاف أن بعض منازل النازحين بها أكثر من أربعة ألغام تختلف في شكلها وقوتها.
وفي الأيام القليلة الماضية قتل عدد من النازحين وأصيب آخرون جراء انفجار ألغام في منازلهم جنوبي طرابلس، كما قتل أفراد من الوحدات المكلفة بإزالة الألغام والمتفجرات.
ورغم كل الأدلة التي تثبت أن مئات المرتزقة الروس كانوا يقاتلون مع قوات حفتر جنوبي طرابلس، فإن ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي نفى صحة المعلومات بشأن وجود مرتزقة شركة “فاغنر” الروسية في ليبيا.
وقال بوغدانوف في تصريحات صحفية: إن معظم هذه المعلومات مبنية على ما وصفها ببيانات مزورة لا يمكن إثبات صحتها، وتهدف إلى تشويه سمعة روسيا السياسية على الساحة الليبية.
وتحدث المسؤول الروسي عن بيانات خاطئة ومزيفة بشأن الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية في ليبيا، وقال إن معظم المعدات المستخدمة في ليبيا أرسلت منذ مدة طويلة.
المبادرة المصرية
سياسياً، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الجزائرية اليوم استعداد بلاده لاحتضان حوار بين الأطراف الليبية المتصارعة، مشيراً إلى أن هناك مبادرة جزائرية قائمة بهذا الشأن.
وفيما يتعلق بالمبادرة التي أعلن عنها رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي السبت الماضي، والتي تتضمن وقفاً لإطلاق النار كان يفترض أن يسري بداية من يوم أمس، قال المتحدث الجزائري إن بلاده ترحب بكل مبادرة غايتها وقف إطلاق النار في ليبيا مهما كان مصدرها، وأنها تلتزم الحياد في الأزمة الليبية.
وكانت كل من السعودية والإمارات وروسيا والكويت والأردن واليونان قد رحبت بالمبادرة المصرية، في حين اعتبرها مسؤولون بحكومة الوفاق الوطني محاولة لإنقاذ حفتر، مؤكدين أنه لا يمكن استئناف الحوار السياسي إلا بعد استعادة مدينة سرت وقاعدة الجفرة.
وتسارعت في اليومين الماضيين وتيرة الاتصالات بين دول جوار ليبيا، كما جرت مباحثات بين الرئيسين التركي والأمريكي، وبين وزيري خارجية روسيا وتركيا، وبين المستشارة الألمانية والرئيس المصري، سعياً لوقف القتال في ليبيا والعودة للعملية السياسية.
حقول النفط
على صعيد آخر، نقلت وكالة رويترز عن مصادر تأكيدها استئناف الإنتاج في حقل الشرارة النفطي (جنوبي ليبيا) بعد ساعات من إغلاقه من قبل مجموعة مسلحة موالية لحفتر.
وفي وقت سابق اليوم، أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط حالة القوة القاهرة على صادرات خام حقل الشرارة الذي ينتج 300 ألف برميل يومياً، محذرة من أن تعطيل إنتاجه قد يكلف ليبيا وشركاءها مالاً ووقتاً وجهداً، مما يجعلها غير قادرة على إعادة الإنتاج إلى سابق عهده.
كما أكدت تقديم بلاغ إلى النائب العام الليبي والشرطة الدولية (إنتربول) ولجنة العقوبات الدولية إذا تم تهديد المؤسسة وموظفيها.
وكانت المؤسسة أعلنت أمس رفع حالة القوة القاهرة عن حقلي الشرارة والفيل النفطيين، وذلك بعد اندحار قوات حفتر من ضواحي طرابلس ومن مدينة ترهونة ومناطق أخرى تقع جنوباً.