الفيضانات التي يشهدها السودان هذا العام لم تكن مسبوقة في التاريخ، حيث أحدثت دماراً كبيراً في ممتلكات المواطنين وزادت الوضع سوءاً على ما كان عليه، وخلقت هذه الفيضانات وضعاً مأساوياً يحتاج لعشرات السنين حتى يتم إزالة آثارها، وأصبح من المستحيل على المواطن تحمل الوضع أو بإمكانه معالجة الدمار الذي حدث.
تلك الأوضاع المأساوية زادت العبء على حكومة الفترة الانتقالية التي يقودها عبدالله حمدوك، فحكومة حمدوك ظلت تعاني من تراكم الأزمات سواء في توفير الخبز للمواطن أو المحروقات أو الأدوية، وصارت هذه الحكومة عاجزة تماماً عن إيجاد الحلول في الوقت الراهن، رغم ما بذلته من جهود واتصالات دولية، وعقدت مؤتمر أصدقاء السودان الذي وعد بتوفير حوالي مليار و800 مليون دولار، ولكن محصلة الالتزام تكاد تكون صفرية.
وأغلقت الحكومة السودانية خلال الفترة الماضية الجوانب التي يمكن الاعتماد عليها في توفير العملة الصعبة خاصة الجانب الزراعي، وظلت تعتمد على الوعود الدولية، ولم تفلح تلك الجهود في خروج البلاد من أزمتها الاقتصادية وضائقتها المعيشية فقامت برفع المرتبات في القطاع الحكومي؛ الأمر الذي أدى إلى انفجار السوق وتضاعف أسعار السلع الأساسية 4 أضعاف؛ الأمر الذي كانت نتيجته زيادة التضخم وارتفاعه إلى نسبة 155%، وزاد الأمر تعقيداً عدم سيطرة حكومة حمدوك على العملة الصعبة؛ مما أدي إلى انهيار الجنيه السوداني، وارتفاع الدولار الرقم القياسي متجاوزاً 250 جنيهاً في السوق السوداء.
هذا الانهيار زاد من معاناة المواطن، وأصبح الكثير من الأسر غير قادرين على مجابهة الوضع؛ مما ارتفعت نسبة الفقر إلى أكثر من 60%، وجاءت الفيضانات وزادت من المعاناة ومن الصعوبات أمام المواطن وأمام الحكومة السودانية التي أعلنت حالة الطوارئ والاستنفار وإعلان السودان بلداً منكوباً، ولكن دون أن يتحرك المجتمع الدولي لإغاثة الشعب السوداني وتوفير المعينات التي تمكنه من الخروج من هذه المعاناة عدا بعض التحركات الفردية من بعض الدول العربية التي سارعت بإرسال مساعدات إغاثية لمساعدة المتضررين من الفيضانات، ولكن هذه المساعدات لا تكفي حاجة أكثر من 100 ألف أسرة متضررة.
آثار ما بعد الفيضان
كثير من المراقبين أبدوا تخوفاً واضحاً من سوء ما سيؤول إليه الوضع بعد انحسار موجة الفيضان الذي بالطبع سيخلف آثاراً صحية كارثية، خاصة بعد ظهور توالد كثير من النواقل، وتهدم كثير من المرافق الصحية، وخلو أرفف كثير من الصيدليات من الأدوية التي عجزت عن توفيرها بسبب ارتفاع أسعار العملات خاصة الدولار وندرته أحياناً، كما أن تلك الأسر التي تضررت فقد فقدت منازلها والمراحيض، وأصبحوا يقضون حاجتهم في العراء؛ الأمر الذي ينذر بكارثة بيئية تؤدي إلى تفشي الكثير من الأمراض.
نداءات عربية لاحتواء أزمة السودان
تأزم الموقف في السودان بسبب هذه الفيضانات دفع كثيراً من الكتَّاب ونجوم المجتمع ومختلف الفئات تدعو إلى ضرورة مساعدة السودان في هذه المحنة قبل فوات الأوان، وهذا يدل على وضع السودان ومكانته وسط أشقائه العرب، وتدعو هذه الأصوات إلى مساندة السودان في محنته، خاصة وأنه ظل يمارس دوراً مهماً في مختلف القضايا.
وهذا الدعم لا يكون بتقديم مساعدات إنسانية وطائرات إغاثية، بل يجب أن تسخر الاستثمارات العربية فيه، خاصة وأنه بلد يتمتع بموارد ضخمة وأراض شاسعة خصبة، يمكن من خلال تسخير الإمكانيات العربية أن يكون فعلاً سلة غذاء العالم.