بينما ينتظر الكثيرون في أنحاء العالم فصل الشتاء، بفارغ الصبر، ليضفي طقوسا وأجواء جميلة على حياتهم، فإن اللاجئين الفلسطينيين، وتحديدا في لبنان، يتمنون أن يجدوا ملاذًا آمناً من البرد القارس، وأن يرحل هذا “الضيف الثقيل” بسرعة.
فالمعاناة الإنسانية، التي يتسبب فيها فصل الشتاء، تحمل مشهدًا دراميًا، بسبب البنى التحتية المتهالكة، وعدم توفر مقومات الحياة، ففي أول منخفض جوي، عجت مواقع التواصل الاجتماعي، بمشاهد غرق مأساوية في مخيمات شاتيلا وبرج البراجنة وعين الحلوة.
أزمة يواجهها اللاجئون الفلسطينيون، منذ سنوات طويلة، وسط غياب للحلول، فيما تزداد تخوفاتهم في هذا العام، نظير الفقر المدقع والغياب التام لمساعدات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وسط تنبؤات جوية بهطولات مطرية غزيرة وعواصف ثلجية.
وفي شتاء العام الماضي، تسببت العواصف التي تعرضت لها المنطقة بالكثير من المآسي الإنسانية للاجئين الفلسطينيين.
بنى تحتية تحتضر!
وأوضح المهندس والناشط الشبابي، محمد ديب، في حديث لوكالة “قدس برس”، أنّ “الصرف الصحي من أساسيات البنى التحتيّة اللازمة لتأمين ظروف حياتية ملائمة وسليمة للإنسان، وأي خلل فيها يؤثر سلباً على النظافة العامة وصحة الإنسان وحياته”.
وأضاف “ديب” أن “الصرف الصحي، واحد من المشكلات التي لا تعد ولا تحصى في المخيمات اللبنانية، إما لجهة قِدمها، وعشوائيتها أو بسبب تنفيذ مشاريع لم تتم وفق المعايير المناسبة، ناهيك على أنها غير مجهزة لاستقبال كميات كبيرة من مياه الأمطار، وافتقارها إلى الصيانة الدورية اللازمة من قبل الأونروا، المعنية بالاهتمام بتلك الشبكات”.
مخيم عين الحلوة نموذجاً
ويقول أحد القاطنين في مخيم عين الحلوة، المهندس أيمن شريدة، “في فصل الشتاء من كل عام، تتكرر مأساتنا نحن القاطنين بالقرب من حاجز النبعة، بنهرٍ من الوحل والطين والأوساخ، مدفوعة بسيول من المناطق الجبلية خارج المخيم، إذ يصل ارتفاعها لأكثر من ٧٠ سم، إذ نبقى ننتظر من أجل الذهاب إلى أعمالنا، أكثر من ساعتين، حتى يتناقص منسوب المياه”.
ويقول الحاج أبو أحمد فضل، مدير مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس في لبنان، لـ”قدس برس”، أن “مخيم عين الحلوة مثل باقي المخيمات الفلسطينية في لبنان يعاني من بنى تحتية مهترئة (ماء، وكهرباء، وصرف صحي)، فالكثير من قنوات ومجاري الصرف الصحي مكشوفة على امتداد المخيم، خصوصاً في أزقة الأحياء”.
دور الأونروا
ويطالب علي هويدي، مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين: “وكالة الأونروا إلى الإسراع وإعلان حالة الاستنفار والبدء في معالجة جذرية للعيوب التي ظهرت في البنى التحتية، بعد كارثة أول منخفض جوي في المخيمات”.
وحذر “هويدي” من خطورة تجمع “جل البحر”، الذي يُعَدّ أكثر التجمعات الفلسطينية في لبنان فقرًا، ويُعاني سكّانه من أزمات عدّة، جراء انعدام مُقوّمات العيش الآدمي، من مياه شرب وبنى تحتية وخدمات أساسية، مطالبا الأونروا باتخاذ خطوات عملية تضمن حياة كريمة للاجئين الفلسطينيين.
وفي الحديث عن الأطراف المعنية بمتابعة هذه الأزمة، أكد “هويدي”، أن الأونروا هي المسؤول الأول عن توفير الخدمات للاجئين، كما يقع على عاتق البلديات المحيطة بالمخيمات، اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تفاقم الأزمة، كما تتحمل منظمة التحرير الفلسطينية، كونها المسؤول الرسمي عن اللاجئين الفلسطينيين، متابعة الملف.
ويعيش 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا، في 12 مخيما و156 تجمعا بمحافظات لبنان الخمس، بحسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبنانية لعام 2017.