طفلي عمره 8 سنوات يرفض الإفطار ويجبر نفسه على صيام اليوم كاملاً، ما العناصر الغذائية التي يجب أن أقدمها له خلال وجبتي السحور والفطور حتى لا تتأثر صحته بسبب ساعات الصيام الطويلة؟
– الإجابة لمستشارة التغذية أسماء دعيس:
من أكثر الأسئلة التي وردتنا منذ بداية الشهر الفضيل: متى يبدأ العمر المناسب لصيام الأطفال؟ ويحتار الآباء في الإجابة بين رغبتهم في زراعة معنى الصيام في عمر مبكر وشعورهم بالشفقة تجاه هذا الطفل خصوصاً إذا كان الطفل راغباً في الصيام.
لنقل أولاً بأنه لا بأس في هذا العمر من تشجيع الطفل على الصيام، خصوصا أنها رغبته، وأنه تقريباً منذ عمر السابعة يمكن للطفل أن يصوم بالتدريج، بحيث يبدأ التدريب من 4 ساعات إلى أن يعتاد على صيام اليوم كاملاً، علماً أن التدريب يستغرق عدة سنوات ما بين السابعة حتى البلوغ.
خلال التدريب يمكن أخذ استراحة بحيث يصوم يوماً ويفطر يوماً حسب مقدرته، مع مراعاة الصحة العامة للطفل وبنيته الجسدية، والتأكد من عدم وجود أمراض أو نقص في العناصر الغذائية التي يمكن أن يؤدي الصيام لتفاقمها، ومراعاة طبيعة البلد والطقس السائد خلال فترة الصيام وعدد ساعات الصيام؛ فمثلاً يمكن تعويد الطفل الذي بدأ الصيام في أشهر الصيف على الصيام عن الطعام، والسماح له بتناول الماء خلال النهار ضمن فترات يتم الاتفاق عليها بين الطفل والأهل.
كيف أتأكد من أن طفلي يحصل على ما يحتاجه من الغذاء؟
– من الضروري مراعاة تقديم وجبات صحية للطفل لضمان تطور صحته، والحصول على احتياجاته من العناصر الغذائية، ونبدأ الحديث عن وجبة السحور، ما مكونات السحور الصحي التي أقدمها لطفلي؟
إن أهم الشروط التي يجب توفرها في وجبة السحور، هي: أن تكون الوجبة مشبعة، وأن تكون بطيئة الهضم وذلك من خلال غناها بمصادر البروتين مثل الألبان والأجبان والبقوليات لأنها تساعد على احتمال الجوع لفترة أطول، إضافة لكونها تدعم تطور نمو الطفل في هذه الفترة.
ويمكن تقديم هذه البروتينات على شكل سلطة خضار مثل سلطة الفول والحمص بالخضار، وذلك لتعزيز محتوى الوجبة من الألياف مع القليل من الشوفان؛ فالألياف تحافظ على مستوى السكر في الدم لأطول فترة ممكنة؛ وبالتالي زيادة قدرة التحمل لدى الطفل ومنع حدوث الإمساك الناجم عن طول فترة الصيام؛ لذا ننصح دائماً بتناول الكربوهيدرات من مصادر الحبوب الكاملة، أي تناول خبز القمح والشعير بدلاً من الخبز الأبيض.
ونود الإشارة إلى نقطة مهمة وهي أن هرمون النمو يعمل بكفاءة أعلى في حال كان هرمون الأنسولين في مستوياته الدنيا (وهذا ما يحدث في حالة الصيام)، وهذا عكس ما هو متداول من معلومات مغلوطة حول تأثير الصيام على النمو، مع ضرورة مراعاة الابتعاد عن الأغذية المالحة والمقلية أو المرتفعة بالسكر كونها تسبب الشعور بالعطش خلال النهار.
كما لا بد من تزويد الطفل بكمية سوائل مناسبة لاحتياجه وعدم الإسهاب بشرب كميات كبيرة أثناء السحور، وشرب الماء خلال فترة الإفطار على فترات وتقديم العصائر الطبيعية أو الفاكهة الغنية بالماء والألبان لأنها تستقر لفترة أطول داخل الجسم وتمنع حدوث الجفاف.
أما وجبة الإفطار، فمن الضروري الانتباه إلى كيفية تناول الغذاء بالتزامن مع نوعيته، فتناول الماء مثلاً يجب أن يكون بكميات متوازنة بحيث لا يشعر بالشبع من مجرد تناوله لكمية كبيرة من الماء، أو يمكن استبدال نوع من العصائر الطبيعية المعدة منزلياً بالماء التي تزود الجسم بالماء والفيتامينات المهمة في آن معاً، كما أنه يحبب تناول التمر حسب السُّنة النبوية لإعادة سكر الدم بعد يوم صيام إلى مستواه تدريجياً ودون ارتفاع مفاجئ في مستوى الأنسولين.
احرصي على أن تكون سفرتك الرمضانية متنوعة وتحتوي على جميع المجموعات الغذائية، وأن تكون صحية قدر الإمكان؛ بحيث تكون بعيدة عن العصائر المصنعة والدهون المشبعة والأطعمة الجاهزة؛ لأن طفلك سيتناول ما توفرينه أنت له وسلوكه الغذائي هو تقليد لأبويه.
لذا، من المهم -وخصوصاً بعد وجبة الإفطار- توفير الأغذية الصحية مثل الفواكه الغنية بالفيتامينات والسوائل بدلاً من رقائق البطاطا والشيبس التي تحتوي على السعرات دون أدنى فائدة له، وتأكدي أن اعتياده على توفر هذه الأطعمة سيجعله يطلبها.
وهنا أنوه بأهمية عدم متابعة الطفل للإعلانات التجارية التي تعرض هذه الأصناف من الأطعمة وضرورة الإرشاد الدائم للطفل بأهمية الغذاء المتوازن لصحة جسمه ونموه.
رمضان من أفضل الأوقات التي يمكن أن تستغليها لغرس العادات الغذائية الصحيحة، فلا تجبري طفلك على الصيام ولا تمنعيه منه، بل الأهم من ذلك هو تشجيعك الدائم له وإطراؤك على سلوكه؛ الأمر الذي يدعم طفلك في غرس قيمه الدينية لتستقر معه وتصبح جزءاً من شخصيته حتى مراحل عمره كلها.