التعالي معلوم حيث يتعالى الإنسان على الغير وهو مهما كان ليس جديراً بهذا العلو المزعوم كما يتصور المغرور.
ماذا يعني التعالم؟
التعالم أن يتشدق من يدعي العلم في هذا الموضوع أو ذاك، وأنه يعلم الحقيقة بهذا الأمر وهو لا يعلم إلا الشيء القليل منها، وهذه المسألة تكون من الأمور الخطيرة أحياناً على المجتمع والأجيال، إلا أن المتعالم لا يلتفت إلى هذه الخطورة ويتكلم مدعياً بها العلم وهو جاهل بها وبنتائجها.
هكذا نفهم أن التعالم والتعالي وليد الكبر والغرور، نعم هو كذلك، أخذ المتعالي والمتعالم الغرور في بعض المعلومات التي استسقاها حول الموضوع من هنا وهناك، واغتر بشهاداته التي يحملها، أو أنه يغتر أنه من تلاميذ المفكر الفلاني أو الشيخ الفلاني ومن ثم يتحدث مع المقابل أو العوام بحديث ومصطلحات العلماء لطلبة العلم! والعوام لا تفقه منه شيئاً، وإن حدثته بتغيير أسلوبه رماك بما توحي له نفسه المتعالية والمتعالمة من صغار وقلة عقل وأدب وركاكة منطق.
هذه النوعية من أدعياء العلم والمعرفة إذا تحدثوا أساؤوا فلا يعدلون ولا ينصفون، وطبيعتهم التنقيب عن سوء أو مساوئ المقابل وهفواته الإنسانية كإنسان، وترك الكثير والكثير من إيجابياته وحسناته أو فكرته وفكره الأصيل المتزن الذي يحمله بشكل عام، ويدعون أن العمل بالتوازن في ذلك ليس من الدين، ويتجاهلون كتاب الله تعالى الذي دائماً يقدم الخير على الشر، ودائماً يقدم العمل بالمعروف على النهي عن المنكر، بل حتى أهل الكتاب قدم أخيارهم على السيئ منهم، نعم قدم الخير والمديح ثم ذكر أهل العيوب والسوء.
كثيراً ما نلاحظ المتعالم الذي يتعالى بادعاء العلم والمعرفة في هذا الأمر أو ذاك الموضوع، كثيراً ما نجدهم يعتمدون على الزوايا العمياء ثقافياً للمقابل سواء مجموعة كانت أم أفراداً، ودائماً يتم تركيزهم على علوم الإعلام الخطيرة مثل “الحيل الإعلامية” أو “التأطير للبرمجة”، وهي عملية تحتاج إلى التخطيط الممنهج بالنفس والأمد الطويل.
لقد لاحظنا هذا التأطير في السنوات الأخيرة، حيث التركيز على سلبيات العلماء والدعاة، وبالمقابل التركيز على إيجابيات من هم خارج إطار الاعتدال إسلاماً ودعوة إلى الله تعالى.
حينما نذكر هذا الإنسان المعوج أو صاحب الفكر الهابط الذي ينادي بالزندقة والخروج عن الدين والأخلاق سرعان ما تجد هؤلاء المتعالمين المتعالين يتقافزون بحثاً عن إنسانيته، وحنانه، وبعض إيجابياته، التي أحياناً كثيرة ليس لها دخل في فكره وانحرافه، وتكون في جوانب إيجابية إنسانية مطلقة، يجعلونها هي العنوان الرئيس نقاشاً ويتحدثون عن إنجازه هذا، وأن الناس فيها الخير وفيها ما هو صالح، ولا ينبغي التعميم في السلبيات، وهكذا نصروا الزندقة وصرفوا النظر عن أصل ما يحمله الرجل وسطحوا الكفر باسم هذه الإنسانية! ولكن..
حينما نذكر أحد الصالحين وأعماله الصالحة والخيرية الكثيرة، التي كرس حياته لها والعمل لأجلها، سرعان ما نجد نفس الجوقة ونفس الجنادب، تتقافز تنقيباً في تاريخ هذا الصالح والداعية لصيد موقف سلبي له أو خطأ إنساني لا فكري ولا عقائدي ليجعلوه سبباً في فساد فكره ودعوته التي يحملها وشيطنتها، وتجد حتى ألفاظهم تكون دون المستوى في هذا الرجل الصالح أو الداعية، ولكن في حديثهم عن ذاك الزنديق أو الملحد كانوا شديدي التحفظ في انتقاء اللفظة وتركيب الأسلوب للمدح من أجل صرف النظر عن الأصل الذي يحمله من فكر منحرف وعقيدة معوجة، أو سرقته للعباد والبلاد، ولا يذكرون له إلا ما هو إيجابي، وحينما تدخل معهم بحوار حول ذلك تجد أن المسألة مبرمجة وتطرح بكثافة في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام كتابة وسمعًا ومشاهدة من أجل البرمجة لذلك، وأيضاً نجد نفس الأسلوب يطرح من أجل تشويه وتسطيح الصالحين والدعاة إلى الدين، ونجد هذا المنهج معمماً على كثير من وسائل الإعلام العربية والعالمية، وهذا ما يجعلنا نوقن أن المسألة مدروسة ومبرمجة فنياً لنشرها كثقافة، وجني ثمارها مع الزمن، فحينما نجد التشنيع على أخطاء إنسانية بشرية، والتطبيل لأعمال أيضاً إنسانية ولكن يتم تجييرها وتسييرها لنصرة فكر أو عقيدة معوجة، ومقابلها العكس مما يؤدي إلى تسطيح الدين والإسلام والخلق والدعاة الصادقين للدين هنا يجب أن نعلم أن الأمر مدروس ومبرمج، وله أثره السلبي الخطير مع مرور الزمن، وبالأخص إذا ما وجدنا هذا الأمر يعمل به وله من هو محسوب على العلماء والدعاة للدين الذين تخرجوا في مدارس الدعوة الأمريكية وجامعاتها! ومن جامعات مشبوهة ومن “تل أبيب، ومن تأثر بالصوفية المبتدعة والباطنية الموغلة في الشرك والبدع، والسلفية الحديثة المزيفة، حتى وصلت بهم الحال في طرح أخطاء العلماء الكبار في التاريخ من أجل التشكيك فيهم وفي دعوتهم التي انطلقت من كتاب الله تعالى وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومناهج السلف الصالح الحق، فهؤلاء المتعالمون والمتعالون هم أصحاب نبتة “الخنفشار”.
واليوم “الخنفشاريون” أصبح لديهم موقع بل مواقع من أجل تسطيح الأصل ودعم “الخنفشار” الذي يدعون!