ما زالت آثار وفاة الإمام الراحل الشيخ يوسف القرضاوي ممتدة بين تلاميذه وعلماء الأمة، الذين يبحثون عن سد ثغرة رحيله ونشر أفكاره.
وعلمت “المجتمع” بقرب صدور موسوعة علمية ضخمة للعلاَّمة الراحل خلال شهر.
وطالب عالمان أزهريان بارزان بسد ثغرة رحيل الإمام يوسف القرضاوي، مؤكدين حاجة الأمة العربية والإسلامية إلى إمام جديد من مدرسة الوسطية والتجديد التي أسسها الراحل.
د. طلعت: الأمة في حاجة إلى خيار أمثاله
150 مجلداً
وكشف د. جمال عبدالستار، الأستاذ بكلية الدعوة جامعة الأزهر، الوكيل الأسبق لوزارة الأوقاف المصرية، أن الموسوعة العلمية للشيخ القرضاوي تضم أكثر من 105 مجلدًا في طريقها خلال شهر للصدور.
وقال د. عبدالستار، في تصريحات لـ”المجتمع”: إن العشرات الآلاف من تلاميذ الشيخ القرضاوي في العالم قادرون على حمل الأمانة واستحقاق الاستئمان على الدين والعقيدة، وقبل هؤلاء جميعًا فإن إرادة الله العليا هي النافذة التي تحمل في طياتها وعد حفظ الدين والدعوة إلى يوم الدين.
وأضاف أن الأمة في حاجة إلى إمام يسير على درب د. القرضاوي في التجديد ليحمي عقيدتها ويعزز متانة أخلاقها ويحمي هويتها أكثر من أي وقت آخر، مؤكدًا أنه إذا ذهب الإمام في الصلاة فلا بد أن يتقدم من يستحق هذه الإمامة، ولأن إمامة الصلاة أيسر من إمامة الأمة، فهو واجب علماء الأمة الآن لاستحقاق الاستئمان على الراية من بعده.
د. عبدالستار: رحيله ترك فراغًا ونحتاج لمن يحمل الراية
وأوضح د. عبدالستار أن علماء الأمة عليهم واجب سد الثغرة الآن التي كان يقف عليها د. القرضاوي وملء الفراغ الكبير الذي تركه، في ظل عدم قيام العديد من المؤسسات الدينية الرسمية بدورها وبما يمليه عليها الضمير الديني في هذه الأزمنة.
ودعا د. عبدالستار الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى أن يكون على قدر الأمانة التي تركها لهم الشيخ القرضاوي، وأن يقفوا في موطنه بكل عزم وبصيرة، خاصة وأنهم باتوا من اللحظة الأولى من رحيل الإمام في انشغال بهذا وفي اجتماعات لسد هذه الثغرة وحمل الراية من بعده.
وأشار د. عبدالستار إلى أن د. القرضاوي ابن مؤسسة الأزهر واعتز بها طوال حياته وحتى آخر عمره، وإن كان مات بجسده فإن فكره الوسطي النابع من وسطية الأزهر سيزدهر ويتألق.
وأكد وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق أن الأمة ستعرف مصابها في رحيل د. القرضاوي يومًا ما، ولعلها تستفيق عما قريب، وفي تلاميذه الرجاء للقيام بدوره في أرجاء الأمة، وفي وعد الله بحماية دعوته باب طمأنينة كبير بعد رحيل إمام الأمة.
وأضاف أن رحيل فضيلة الشيخ د. يوسف القرضاوي رحيل لإمام الأمة، وجاء في وقت صعب، يتعرض فيه أبرز علماء الأمة للتضييق أو التغييب والتنكيل بينما الأمة لم تكن في حاجة إلى إمام مجدد جديد كحاجتها الآن.
ووصف د. عبدالستار العلاَّمة القرضاوي بأنه كان مرجعية شرعية عليا لأهل الأرض، وكان علماً في العلم استفادت منه مساجد الأرض كلها، فما من عالم إلا وتعلم من علومه وفقهه وكتبه، وما من باحث أو منظر أو مفكر إلا ونهل من فكره حتى وإن اختلف مع بعض ما كتب، فهو مدرسة فكرية جامعة جعله الله مفتاحًا للوسطية وكتب له القبول في الأرض.
الأمة في حاجة إلى خيار أمثاله
من جانبه، أكد العالم الأزهري الكبير وزير الأوقاف المصري السابق العميد السابق لكلية الدعوة بجامعة الأزهر د. طلعت عفيفي أن الأمة في حاجة إلى خيار أمثال د. يوسف القرضاوي.
وقال، في حديث لـ”المجتمع”: قد مُني العالم الإسلامي بحدث جلل ومصيبة عظيمة وهي فقد العالم الجليل د. يوسف القرضاوي، عليه سحائب المغفرة والرحمة، وإن كان السلف الصالح يقول: إن موت العالم نجم طمس وكسر لا يجبر، فإن فقْد عالم كبير وعظيم الشأن كالدكتور القرضاوي يعد خسارة كبيرة وكسراً عظيماً، ونسأل الله تعالى أن يعوّض الأمة علماء أخياراً مثله.
ووصف د. عفيفي، د. القرضاوي بأنه رمز من رموز الوسطية والاعتدال، حيث حافظ على مبادئ الإسلام وقيمه بعيداً عن التشدد أو الميوعة والانحلال، وهو رجل سهل مرن يختار الأسهل عندما لا يتعارض مع الشرع مع المحافظة على الإسلام وقيمه، وهو رائد من رواد الصحوة الإسلامية المعاصرة والعمل الإسلامي العالمي، ومؤسس لكثير من الكيانات الإسلامية التي تخدم المسلمين على مستوى العالم كالمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وله اليد الطولى في تأسيس العديد من المؤسسات الأخرى.
كما وصف العميد السابق لكلية الدعوة بجامعة الأزهر الراحل بأنه خطيب مفوّه ومتميز وصاحب فكر ورؤية ترتبط بالواقع وتعمل على حل مشكلاته برؤية تجديدية تبتعد عن التعصب والميوعة وتتبني الوسطية، كما أنه شاعر له شعر يمتلأ بالحماسة والمعاني الإسلامية.
ويضيف د. عفيفي أن د. القرضاوي رجل باحث وعالم موسوعي قدم العديد من المؤلفات التي طرقت أبوابًا كثيرة في التاريخ والفقه والحضارة الإسلامية وعلاج المشكلات المعاصرة وترشيد العمل الإسلامي والصحوة الإسلامية، وهو رجل يحظى بالقبول من كافة الأوساط العلمية والدعوية في مصر وخارجها.
وثمن د. عفيفي الأثر الطيب الباقي من الشيخ القرضاوي، مؤكدًا أهمية الاستفادة منه، قائلًا: قد استفاد المسلمون جميعًا من رحلاته الكثيرة في بقاع الأرض داعية وخطيبًا، وله كثير من الكتب ترجمت إلى لغات أخرى غير العربية، فاستفاد الجميع من الشيخ، فلا أعتقد أن هناك مسلمًا لم يسمع عنه وعن جهوده في الدعوة إلى الله تعالى، ولذلك فالشيخ قدوة حسنة وأسوة طيبة، وخير شاهد على ذلك جنازته وما استقبل العالم خبر وفاته من ثناء وتراحم عليه.