عن عمر قارب التاسعة والثمانين عاماً، انتقل إلى رحمة الله تعالى فضيلة الشيخ السيد عبدالمقصود محمد عسكر (1934- 2023) بمدينة طنطا في محافظة الغربية (وسط الدلتا) يوم الجمعة 6 يناير الجاري، بعد حياة حافلة بالعلم والجهاد من أجل خدمة المجتمع الإسلامي داخل مصر وخارجها.
ولد الراحل في قرية ميت الرخا بمركز زفتى بالغربية، وتخرج في كلية أصول الدين، وحصل على درجة التخصص عام 1960، وشارك الشيخ عسكر في وظائف أزهرية كثيرة تخص الدعوة والوعظ والعمل الإسلامي، فأشرف على الإدارة العامة للبحوث والتأليف والترجمة والنشر، والإدارة العامة للمصحف، والإدارة العامة للوافدين، والإدارة العامة للبحوث، والبعثات الخارجية.
وكان وكيلاً لبعثة الأزهر في لبنان سنة 1983 ثم رئيسًا لها سنة 1985، ومديراً عاماً للدعوة والإعلام الديني بالأزهر من سنة 1992، وسافر إلى اليمن مع القوات المسلحة 1964، وأمريكا الشمالية 1987، وكوالالمبور بماليزيا 1993، وصار أميناً عاماً مساعداً لمجمع البحوث الإسلامية سنة 1996، بالإضافة إلى أنشطة أخرى في هيئات اجتماعية ونقابية وتربوية.. كما كان عضواً مؤسساً بجبهة علماء الأزهر ووكيلاً لمجلس إدارتها.
وتجلى نشاطه في الميدان السياسي في مجلس الشعب، فقد زوّرت الانتخابات مرتين في دائرته كي لا يكون عضواً بالمجلس، وكان ضمن مجموعة الخمسين من قيادات الإخوان المسلمين الذين اعتقلوا وحوكموا أمام المحاكم العسكرية عام 1995 للحيلولة بينه وبين الترشح في تلك السنة، وسبق ترشحه لمجلس الشعب على قائمة التحالف الإسلامي عام 1987، وأُعلن نجاحه بالصحف ثم زُوِّرت النتيجة في اليوم التالي، وزورت الانتخابات مرة أخرى لصالح اللاعب السابق والمعلق الرياضي أحمد شوبير في انتخابات عام 2010 التي أدت إلى ثورة يناير 2011، ولكنه اكتسح في أول انتخابات نزيهة عام 2012 واختير رئيساً للجنة الشؤون الدينية بالمجلس.
يذكر أنه تم اعتقاله أيضاً في مايو 2005م بسبب مشاركته في مظاهرة العلماء أمام مسجد المحافظة بطنطا احتجاجاً على جريمة إهانة المصحف الشريف على يد الأمريكيين.
وشارك الشيخ عسكر في محاربة الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وشن حملات ضارية على المفسدين في وزارات مختلفة طوال حياته، وفي أثناء عضويته بمجلس الشعب، كما شارك في ثورة 25 يناير وحضر في ميدان التحرير، ومن أقواله: “الثورة المصرية من صنع الله، احذروا من سرقة الثورة.. فتش عن المتضرر منها”، ولم يتوقف عن إصلاح ذات البين في محيط محل إقامته بمدينة طنطا، والمشاركة في تنمية المنطقة علمياً وثقافياً.
وقد عمل رئيسًا لتحرير مجلة «نور الإسلام» التي أصدرتها الإدارة العامة للدعوة والإعلام الديني في الفترة التي عمل فيها مديرًا عامًا لتلك الإدارة، وقد أصدر مجموعة مهمة من الكتب، منها: “سيرة أبي بكر الصديق”، “سيرة عمر بن الخطاب”، “بستان الدعاة”، “أنواع النكاح في الجاهلية والعلاقات الأسرية”، “خواطر حول سورة الإخلاص”، “صيحة الحق”.. وغيرها، يرحمه الله تعالى.