ثورة تقنية جديدة ستغير المشهد الإعلامي في العالم بعد إطلاق “مايكروسوفت” لروبوت الدردشة “تشات جي بي تي”، الذي يقدم خدمات ستعيد تشكيل مفهوم العمل الصحفي البشري.
“تشات جي بي تي” القائم على الذكاء الاصطناعي، الذي تصنعه شركة “أوبن إيه آي”، في كاليفورنيا، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 100 مليون شخص حول العالم استخدموه في شهرين منذ إطلاقه، في نوفمبر الماضي.
والروبوت طور كنموذج قادر على التفاعل مع المستخدمين من خلال المحادثة، ومن ضمن ذلك الإجابة عن الأسئلة حتى المعقدة منها.
وكشف استطلاع للرأي أن نحو ربع الألمان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً استخدموا الروبوت النصي “تشات جي بي تي”، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، في 4 مارس الجاري.
كاتب ومحاور
على الرغم من أن الوظيفة الأساسية لروبوت الدردشة هي محاكاة المتحدث البشري، فإن “تشات جي بي تي” متعدد الاستخدامات، حيث يمكنه التحرير الصحفي، وكتابة المقالات الدقيقة والسلمية لغوياً بكافة اللغات المنطوقة في العالم، وإدارة الحوارات، وتأليف الموسيقى والمسرحيات والحكايات الخرافية، والإجابة عن الأسئلة.
ونجحت نماذج كتابية بعد أن وصل لمنطقة الخليج، حيث أطلقت صحيفة “الراي” الكويتية الكاتب الذكي “كوت بن قرين”، الذي كتب مقالاً عن الأزمة الإيرانية، فيما أطلقت صحيفة “إندبندنت عربية” السعودية الكاتب “ذكي بن مدردش“.
كما أجرت صحيفة “الاتحاد” الإماراتية حواراً حول الإعلام وقضاياه وهمومه مع الروبوت، رد عليها بسهولة ويسر.
وفي فبراير الماضي، أجرى “تشات جي بي تي” حواراً مع مؤسس “مايكروسوفت” بيل غيتس، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، وهو ما اعتبره مراقبون علامة فارقة مهمة في تطوير تقنية الذكاء الاصطناعي.
وقالت صحيفة “بيزنس توداي” الهندية إن الحدث أظهر قدرة خوارزميات التعلم الآلي على الانخراط في محادثات ذكية مع البشر، حيث استخدمت منصة الذكاء الاصطناعي خوارزميات متقدمة لمعالجة اللغة الطبيعية، لتوليد أسئلة للقائدين بناء على خطاباتهما السابقة ومقابلاتهما وبياناتهما العامة.
وبدأ الروبوت أسئلته بسؤال حول تأثير التكنولوجيا على الاقتصاد العالمي وسوق العمل خلال السنوات العشر القادمة، ليرد غيتس قائلاً: “يجب أن نكون أكثر كفاءة، فهناك نقص في الأيدي العاملة في مجالات الرعاية الصحية والتعليم، ولو ذهبت إلى الدول منخفضة الدخل فلن تجد أطباء أو مدرسين كافين، ونأمل أن تساعدنا التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي -الذي طرح هذا السؤال- في أن نكون أكثر كفاءة“.
وعبّر رئيس الوزراء البريطاني عن أمنيته في أن “يتولى عنه الذكاء الاصطناعي مهمة الإجابة عن الأسئلة الروتينية التي يتعرض لها أسبوعياً”، ووصف ذلك بأنه “سيكون عظيماً“.
منافسة
وما إن أطلق الروبوت حتى بدأت المشاريع المنافسة له تجارياً وحتى سياسياً مع الولايات المتحدة.
وبحسب مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، فإن الصين بدأت بالفعل منافسة أمريكية في هذا المضمار، حيث قالت شركة “بايدو”، محرك البحث الرائد في بكين، إنها تخطط لطرح “إيرني بوت”، خلال مارس الجاري، بينما أعلنت شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة الأخرى، مثل “علي بابا” و”جيه دي دوت كوم”، برامج مماثلة.
من جهته قال موقع “ذا إنفورميشن” المعني بأخبار التقنية، إن الملياردير إيلون ماسك تواصل مع باحثين في مجال الذكاء الاصطناعي بغية تأسيس مختبر أبحاث جديد لتطوير بديل لروبوت الدردشة الشهير “تشات جي بي تي“.
ونقل الموقع الإلكتروني عن ثلاثة مصادر وصفها بأنها مطلعة قولها: إن “ماسك تواصل مع الباحثين في الأسابيع الأخيرة، واختار إيغور بابوشكين، الباحث الذي ترك في الآونة الأخيرة وحدة الذكاء الاصطناعي ديب مايند التابعة لألفابت“.
واللافت أن ماسك سبق أن شارك في تأسيس “أوبن إيه آي” مع المستثمر في وادي السيليكون سام ألتمان عام 2015، باعتبارها شركة ناشئة غير هادفة للربح، وترك مجلس إدارتها في 2018، لكنه أبدى اهتمامه بروبوت المحادثة، واصفاً إياه بأنه “جيد بشكل مخيف“.
كما يتوقع خبراء أن الروبوت ينذر بنهاية عصر محرك البحث الأشهر “جوجل”، إذ إن “تشات جي بي تي” يجعل المستخدم يشعر وكأنه يتحدث إلى خبير في الموضوع الذي يُسأل عنه.
نهاية فرص العمل
في المقابل يثير هذا النوع من البرامج الذكية مخاوف اندثار مهن في المستقبل القريب، فيما يتعلق بالصحافة والبرمجة على وجه الخصوص.
والشهر الماضي، ذكرت مجلة “فوربس” الأمريكية أن أبحاثاً أجرتها تتنبأ بأن الذكاء الاصطناعي قد يستحوذ على وظائف نحو مليار شخص على مستوى العالم، خلال السنوات العشر المقبلة، ويؤدي إلى انتفاء الحاجة إلى نحو 375 مليون وظيفة.
وبدون إعادة التدريب والتأهيل للعمل في مجالات أخرى، سيجد الأشخاص العاديون صعوبة بالغة في الحصول على عمل، وفق المجلة، بل وسيزداد ذلك الأمر صعوبة في البلدان التي شرعت في التحول بعيداً عن الاعتماد على البشر.
وتشير المجلة إلى أنه من السهل التنبؤ ببعض المهن والوظائف التي بإمكان “تشات جي بي تي” أن يحل مكانها، أو تقليص القدرة البشرية على الأقل خلال إنجازها؛ من أبرزها التحرير الصحفي والتدقيق اللغوي وكتابة المدونات والمقالات، وخدمة العملاء من خلال التواصل معهم، ومحاولة حل مشكلاتهم، والبرمجة، وكتابة الإعلانات، وأعمال السكرتارية.
صحيح أن التقنيات الذكية المتطورة يومياً مذهلة، ولكن من المهم كذلك التفكير في الآثار السلبية المحتملة للذكاء الاصطناعي، لا سيما على حياة الأفراد وقوتهم، تختم المجلة.
العيوب والمخاوف المرتبطة بـ”شات جي بي تي”
ذكر موقع “سكاي نيوز” أنّ العالم بات على أعتاب ثورة جديدة في مجال محركات البحث من خلال أداة “شات جي بي تي” Chat GPT، وهي تقنية حديثة قادرة على محادثة البشر بطريقة سلسلة وتقديم إجابات مناسبة عن كافة الأسئلة، فضلا عن تميزها بقدرتها على الاعتراف بالأخطاء، ورفض الأسئلة غير المناسبة، معتمدة في ذلك على الذكاء الاصطناعي.
ولفهم طبيعة “شات جي بي تي”، يؤكد استشاري تقنية المعلومات والتحول الرقمي، إسلام غانم، أن الأداة تعمل كمحرك بحث يربط كل البيانات والمعلومات الموجودة على الإنترنت، موضحا أن ما يميزه عن محركات البحث التقليدية ما يلي:
– يعمل شات جي بي تي على فهم ما تكتبه بدقة أيا كانت اللغة التي تستخدمها من خلال تقنية الذكاء الاصطناعي.
– يتعامل شات جي بي تي بطريقة تفاعلية مع المستخدم وكأن شخصا موجودا على الناحية الأخرى من المحادثة.
– تعتمد محركات البحث العادية على النص المكتوب فقط، لكن شات جي بي تي يقوم بتحليل الجملة التي نكتبها، ويعمل على فهم المراد منها، ويحضر الإجابات التي تحتاجها بشكل دقيق.
– يتميز شات جي بي تي بقدرته على تقديم إجابات شاملة بدلا من روابط لمقالات.
– يستطيع شات جي بي تي إعطاء آلاف المعلومات الخاصة بسؤال واحد حال ارتباطها مع في نفس الموضوع.
أما أبرز المجالات التي يمكنها الاستفادة من محرك شات جي بي تي فبحسب إسلام غانم هي:
– حل المسائل الرياضية
– كتابة الأكواد البرمجية
– تصميم التطبيقات
– حل المشاكل الاجتماعية
– التحليل المالي والاقتصادي
– العلوم المختلفة بشكل عام
– النقد السينمائي
– الشعر
ويبين إسلام غانم أبرز العيوب والمخاوف المرتبطة بشات جي بي تي، إذ يخشى من تقديم شات جي بي تي معلومات مضللة بعض الشيء للمستخدمين.
ويقول إنّ “منظومة الأخلاق والقيم التي يتبناها شات جي بي تي تعتمد على الشركة التي أنتجت الأداة“.
ويُضيف: “يعاني شات جي بي تي من قصور واضح في الأحداث التي وقعت بعد عام 2021، وبالتالي قدرة الأداة أضعف في الإجابة عن الأحداث الجارية، مع الأخذ في الاعتبار أنه يتم تحديث الأداة لسد هذه الفجوة“.
ويخشى من أن نظام شات جي بي تي قد يقتل الإبداع الفكري من خلال الاعتماد عليه بشكل كبير في حل المسائل المعقدة.
ويقول: “هناك مخاوف من قدرة الذكاء الاصطناعي على القضاء على المهارات واحتلاله مكان الإنسان في الأعمال المختلفة بشكل عام“.
ويُشير إلى أنّ “المهتمين بالبحث العلمي قد يعتمد بعضهم على الحصول على المعلومات من خلال تشات جي بي تي بدلا من التوجه لمراكز البحث العلمي“.
ويلفت إلى أنّ “اعتماد الأطفال بشكل كبير على شات جي بي تي يضعف قدرتهم على الإبداع والتفكير الخلاق”.
مميزات استخدام روبوت المحادثة لتعزيز الأداء والإنتاجية
ونشر موقع “فوربس” (Forbes) مقالا للكاتب روي غولدبرغ، المؤسس المشارك لشركة “أوبن ويب” (Openweb) التي أطلقت “شات جي بي تي”، تحدث فيه عن مميزات استخدام روبوت المحادثة لتعزيز الأداء والإنتاجية.
وقال إن “شات جي بي تي” وسيلة الآلات لفهم اللغة البشرية، حيث تم “تدريبه” على كمية هائلة من النصوص العامة عبر الإنترنت بحيث يمكن بعد ذلك استخدام هذا النموذج لإنشاء محتوى يبدو أنه كتبه شخص حقيقي، بما يشمل جميع أنواع المحتوى بدءا من الإجابة عن الأسئلة وحتى فهم التعليمات البرمجية.
وأفاد الكاتب بأنه بغض النظر عن جنون واهتمام وسائل الإعلام والنقاش الفلسفي حول الآثار المترتبة على هذه التكنولوجيا الجديدة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، فإن “شات جي بي تي” يقدم استخدامات عملية هائلة لأي شركة تقريبا، حيث يمكن للناس في المبيعات والتسويق والهندسة والدعم والموارد البشرية الاستفادة من الروبوت.
واستعرض الكاتب عددا من الأفكار حول كيفية استفادة الشركات من روبوت المحادثة:
المبيعات
يمكن أن يكتب “شات جي بي تي” رسائل البريد الإلكتروني، فإذا كان فريق المبيعات الخاص بك يريد إرسال رسائل بريد إلكتروني متنوعة إلى العملاء المحتملين، فبدلا من إضاعة الوقت في صياغة نسخ مختلفة للبريد الإلكتروني، فإن روبوت المحادثة يمكن أن يساعد في ذلك عن طريق وضع نسخة واحدة من البريد الإلكتروني الذي كتبته والطلب منه تغيير اللهجة أو تقصير النص أو تحسينه أو حتى إنشاء نسخة جديدة تماما، كما يمكن البناء على الاستجابات السابقة للتطبيق عن طريق الاستمرار في مطالبته بإجراء تغييرات حتى تحصل على الإصدار الذي تريده.
التسويق
يمكن لروبوت المحادثة طرح أفكار للمحتوى وإنشاء مواد، فأيا كان المحتوى الذي تريده، فإن “شات جي تي بي” مساهم جيد في العصف الذهني، فبدلا من قضاء ساعات في تصفح الويب بحثا عن أفكار للمحتوى، ما عليك سوى أن تطلب منه تقديم أفكار للموضوع الذي تريده.
وفي تقرير آخر نشره موقع”ستيفانيني” (Stefanini) حدد المزيد من الفوائد لتطبيق “شات جي بي تي” في الأعمال التجارية ومنها:
الهندسة
يمكن لروبوت المحادثة شرح الكود البرمجي وتوثيقه والتعليق عليه، فإذا كان المطورون البرمجيون يضيعون وقتا طويلا في فهم كود لم يكتبوه، وجعل الكود الخاص بهم واضحا لأقرانهم، فإن “شات جي بي تي” يساعد في كل ذلك، فقط ألصق الكود ذا الصلة واطلب منه شرحه أو التعليق عليه أو توثيقه.
الدعم
تعتبر أداة الذكاء الاصطناعي هذه ممتازة في أتمتة دعم العملاء، حيث يمكن أن تحاكي محادثة مع وكيل دعم العملاء عن طريق الإجابة عن استفسارات العملاء بسرعة وبدقة، وعلى الرغم من عدم تدريبه على قاعدة معرفية معينة للشركة، فإنه يوفر إجابات لائقة أفضل بكثير من روبوتات المحادثة المتوفرة في سوق تكنولوجيا الدعم.
الموارد البشرية
يسهم “شات جي بي تي” في كتابة الوصف الوظيفي لأي منصب، حيث يمكن الحصول منه على مخرجات جاهزة للنشر تقريبا تبدو وكأنها قد أعدها متخصص في الموارد البشرية، فقط حدد مجال عملك وحجم شركتك للحصول على استجابة أكثر تخصيصا، وبعد أن ينتج الوصف الوظيفي، يمكنه أيضا مدك بالأسئلة للمقابلة بهدف الاختيار من بينها.
واختتم الكاتب المقال بالتأكيد على أن مخرجات “شات جي بي تي” ليست صحيحة دائما؛ حيث يمكن اعتباره كأداة تقوم بـ80% من العمل بدلا من إكمال المهمة نيابة عنك، ولهذا ينصح بمتابعته ومراجعة ردوده وتعديلها وفق المطلوب.
الذكاء الاصطناعي يضرب 20 وظيفة في مقتل
رسمت دراسة علمية حديثة صورة سوداوية لما ينتظر العالم، بسبب تطور الذكاء الاصطناعي، وحذرت من أنه يهدد بالقضاء على مستقبل مئات الملايين من العاملين في 20 مهنة.
أجريت الدراسة بواسطة فريق من الباحثين تقوده جامعة برينستون في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، وأفادت أن أكثر المهن المعرضة لخطر الانقراض، هي التسويق عبر الهاتف والمعلمين وعلماء النفس في المدارس والقضاة.
ونقلت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية عن الدراسة، إن حالة الذعر بين موظفي العالم زادت مؤخرا بعد إطلاق برنامج ChatGPT وقدرته على أداء المهام المهنية للإنسان بشكل مخيف، مثل كتابة رسائل البريد الإلكتروني والسير الذاتية.
وتتضمن تطبيقات الذكاء الصناعي العشرة: الألعاب الاستراتيجية المجردة، وألعاب الفيديو في الوقت الفعلي، والتعرف على الصور، والإجابة على الأسئلة المرئية، وتوليد الصور، وفهم القراءة، ونمذجة اللغة، والترجمة، والتعرف على الكلام، والتعرف على المسار الفعال.
وتظهر قائمة نمذجة اللغة العديد من الموضوعات المتعلقة بالتعليم. ويشير الفريق في الدراسة إلى أن “المهن في مجال التعليم من المرجح أن تتأثر نسبيا بالتقدم في نمذجة اللغة أكثر من المهن الأخرى“.
ويبدو أن هذه النتائج تتماشى مع ChatGPT المستخدم لإنتاج الواجبات المدرسية المنزلية.
ويمكن لـ ChatGPT الذي تم تدريبه على عينة ضخمة من النصوص من الإنترنت، فهم اللغة البشرية وإجراء محادثات مع البشر وإنشاء نص مفصل قال الكثيرون إنه يشبه الإنسان ومثير للإعجاب للغاية.
قائمة الوظائف المعرضة للخطر
الاستشارات النفسية
المدققون الماليون.
المسوقون عبر الهاتف.
وكلاء الشراء.
محللو الميزانيات.
قضاة الصلح والكتبة.
المحاسبون.
المدققون.
علماء الرياضيات.
كتبة القانون القضائي.
المسؤولون التربويون.
وظائف الاستشارات السريرية.
المديرون الماليون
محللو الوظائف.
مصرحو الائتمان.
معلمو التاريخ والجغرافيا.
علماء الأوبئة.
المحللون الإداريون، والوسطاء.