ما حكم الذهاب للجهاد في الأماكن التي يحارب فيها المسلمون؟
– الأصل أن الجهاد فرض كفاية على المسلمين إذا كان الكفار في ديارهم ونحن في ديارنا لم يحتلوا لنا أرضاً ولم يعتدوا على موقع لنا أو حق لنا؛ (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً) (التوبة: 122).
إنما يكون الجهاد فرض عين إذا دخل العدو أرضاً من أرض الإسلام، حينئذ يجب على أهل هذا البلد أن ينفروا كافة لمقاومة الاحتلال، وقد قال الفقهاء في هذه الحالة (حالة النفير العام): تخرج المرأة بغير إذن زوجها، والولد بغير إذن وليه، والعبد بغير إذن سيده، والخادم بغير إذن مخدومه؛ لأن هذا حق الأمة العامة، وإذا لم يكف دفاع أهل البلد فعلى من يليهم ثم من يليهم، وهكذا حتى تصل الأمة كافة، وعلى المسلمين في أنحاء الأرض أن يعاونوهم بما يمكنهم.
خذ مسألة قضية البوسنة والهرسك، تعرض فيها المسلمون لمذابح جماعية، وحرماتهم انتهكت، وأعراضهم هتكت؛ فهو فرض عين على أهل البوسنة، وعلى المسلمين أن يساعدوهم خاصة إذا احتاجوا متخصصين بتصليح الدبابات أو خبرة عسكرية في حرب العصابات وغيرها، وعلى المسلمين عامة مساعدتهم بالسلاح والمال وغيرهما.
وهذا ينطبق على فلسطين وأكثر؛ لأن قدسية فلسطين أكبر من قدسية البوسنة، فهي أرض النبوات والمسجد الأقصى مكان الإسراء والمعراج والقبلة الأولى، فهذه لها قدسية أكثر من أي أرض أخرى، فواجب المسلمين مع فلسطين أكبر من أي بلد آخر، فهي قضية المسلمين الأولى، ويجب على المسلمين أن يساعدوا أهل فلسطين ليستردوا أرضهم بما يحتاجونه، فاليهود في أنحاء العالم يعتبرون “إسرائيل” دولتهم، وقضية “إسرائيل” قضيتهم، فأولى بالمسلمين أن يعتبروا قضية فلسطين قضيتهم، وأن هذه الأرض لجميع المسلمين وليست أرض الفلسطينيين وحدهم، فعلى الإخوة المسلمين أن يمدوا إخوانهم في فلسطين بمساعدات حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم وأرضهم وأرض المسلمين جميعاً، لذلك أنا أقول: إن هذه الاتفاقات في الحقيقة اتفاقات ظالمة.
والجهاد أنواع؛ إذا أغلق باب فهناك أبواب مفتوحة، فيمكنك مساندتهم بالمال، كذلك مقاطعة البضائع والتحذير منها، فلماذا هؤلاء الذين يتوقون للاستشهاد لا يعملون في مثل هذا، هل نحن جماعة نحسن صناعة الموت ولا نحسن صناعة الحياة؟
مثال لذلك؛ إخواننا في أفغانستان، أحسنوا فن الموت ولم يحسنوا فن الحياة عندما حاولوا بناء الدولة بعد الجهاد، المهم أن الإنسان يصطحب نية الجهاد، كما جاء في الحديث الصحيح: “من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق”، فالجهاد لا يخطر بباله، وقد لا تتاح له الشهادة التي يتمناها.
خالد بن الوليد قال: “شهدت مائة معركة في الجاهلية والإسلام، وما في بدني إلا رمية بسهم، أو طعنة برمح، وأخيراً أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء”.
وفي الحديث الصحيح: “من سأل الله الشهادة بصدق بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه”، فيستطيع أن يأخذ بنيته أجر الشهادة وأجر الجهاد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العدد (1424)، ص58 – 4 شعبان 1421ه – 31/10/2000