- والدي ووالدتي فارقا الحياة، ولم يؤديا فريضة الحج، فهل يجوز لي أن أنيب عنهما أحداً في تأدية هذه الفريضة؟
– الأصل في العبادات، وبخاصة العبادات البدنية، أن يؤديها المرء بنفسه إن أمكن، وإلا يؤديها أولاده من بعده، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “إن أولادكم من كسبكم”، وولد الإنسان جزء منه، وهو جزء من عمله، ويعتبر امتداداً لبعد وفاته، كما جاء في الحديث: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” (رواه مسلم، والبخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة).
فالولد الصالح امتداد لحياة أبيه ووجوده، ومن هنا يجوز للأبناء أن يؤدوا الحج عن آبائهم، فإذا لم يؤدوه أمكنهم أن يوكلوا من يؤديه عنهم، وقد سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم أن أباها أدركته فريضة الحج شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستقل على الراحلة، ومات، أفتحج عنه؟ قال: “نعم، حجي عنه”، وامرأة أخرى –كما ورد في حديث ابن عباس– سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتحج عن أمها وقد نذرت أن تحج لله وماتت؟ فقال: “حجي عنها، أرأيت لو كان عليها دين، أكنت قاضيته؟”، قالت: نعم، قال: “فاقضوا، فالله أحق بالوفاء”، وفي رواية: “فدين الله أحق أن يُقضى”.
فكما أن للولد أن يقضي دَين أبيه في الشؤون المالية، كذلك الأمر في هذه الشؤون الروحية، وشؤون العبادة، فتستطيع البنت، ويستطيع الولد، أن يحج عن أبيه، أو على الأقل يوكل من يحج عنه، على أن يحج عنه من بلده، أي من البلد الذي عليه أن يحج منه، فإذا كان من قطر مثلاً فإذا وكَّل أحداً، فليحج من قطر لا سواها، وإذا كان من الشام يحج من الشام، وهكذا.. إلا إذا عجزت مالية المتوفى –إذا كان سيحج من ماله– فمن حيث أمكن تحقيق هذا، فإذا كان الولد هو الذي سيوكل من يحج من ماله الخاص، فعلى حسب ما يمكن من ماله، ومن حج عن الغير، فيشترط أن يكون قد حج عن نفسه أولاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العدد (1440)، ص58 – 4 ذو الحجة 1421ه – 27/2/2001م.