التقى العلاَّمة د. يوسف القرضاوي مؤخراً في الدوحة بالمفكر الفرنسي المسلم رجاء جارودي، وقد نفى القرضاوي خلال اللقاء تهمة الردة عن الإسلام عن جارودي، وقال: إن الرجل ما زال على خطه الأول الذي يعبر عن الإسلام الصحيح الذي يدين الحضارة الغربية ويؤيد الشعوب المستضعفة، ويقف فيصف الفقراء ضد الطواغيت المستكبرين في الأرض، فالرجل ضد الظلم والطغيان، ومع العدل والإحسان والرحمة، وهي أخلاقيات من جوهر الإسلام الذي هو رسالة أخلاقية بالدرجة الأولى، وما زال جارودي متمسكاً بها.
وأكد فضيلة د. القرضاوي ما سبق أن أعلن في إحدى خطب الجمعة بالدوحة من أن جارودي مسلم، ويجب ألا نشكك في صحة إسلامه، وقال: أعتقد أن المليار وربع المليار مسلم يقفون مع المفكر المسلم؛ لأنه وقف مع الحق ولم يبال بإرهاب الصهاينة وتهديدهم له.
وتناول د. القرضاوي نقطتين مهمتين في فكر جارودي الذي طرحه في بعض محاضراته بالدوحة؛ الأولى: هي أن حرب الفلسطينيين ضد “إسرائيل” ليست حرباً مقدسة، فقال: إنه يفهم قصد جارودي ويؤيده في أن حربنا مع اليهود ليست حرباً دينية بمعنى أنها ليست من أجل العقيدة، فنحن نحارب اليهود لأنهم استعمروا أرض فلسطين، لا لكونهم يهوداً، فاليهودية دين سماوي يعترف به الإسلام، وقد عاش اليهود في ظل الدولة الإسلامية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى اليوم في حرية لم يجدوها في ظل أي دين آخر، والنقطة الثانية تتعلق بمناداة جارودي بتوحيد المؤمنين في جبهة واحدة لمقاومة الإلحاد والإباحية.
وقد عقَّب القرضاوي قائلاً: البعض ظن أن جارودي يطالب بتذويب الفوارق بين الأديان، وهو ما لم يقله، فلا أظنه يقول: إن الإسلام والمسيحية واليهودية دين واحد، وأظنه يقصد أن اليهود والنصارى كأهل كتاب سماوي أقرب إلى المسلمين من غيرهم، وهو يقصد ضرورة توحيد المؤمنين بإله واحد في جبهة واحدة باسم الدين ضد الإباحية والإلحاد والتكبر والفساد، وأكد فضيلته أنه لا مانع في الإسلام من أن يقف أتباع الديانات السماوية الذين يتبعون إبراهيم الخليل عليه السلام في خندق واحد، وقد يختلفون في بعض الأمور، لكن بينهم من الأصول المشتركة ما يجمعهم ضد الذين ينادون بوحدانية الدولار، ووحدة السوق، ويعتبرون أنه لا إله إلا المادة.
وقد عقب جارودي على كلام د. القرضاوي مبدياً سعادته، وقال: ما سمعته يرفع رأسي بين المؤمنين، ويجمع صفوفنا ضد عُبَّاد المال والدولار.
______________________________________
العدد (1233)، ص18 – 4 رمضان 1417ه – 7/1/1997م.