أفتى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بوجوب المقاطعة الشاملة للعدو الصهيوني المحتل ومن عاونه في ظل ما يتعرض له أهل غزة من عدوان بربري منذ أكثر من شهر.
وقال الاتحاد في الفتوى الصادرة عن لجنة الاجتهاد والفتوى، اليوم الخميس: إن ما يجري على أرض فلسطين المباركة من حرب طاحنة منذ السابع من أكتوبر 2023م بين المسلمين والعدو الصهيوني المحتل يوجب على الأمة كافة أن تجاهد بكل ما تملك جهاداً شاملاً يُحدث كسرًا لشوكة العدو المحارب.
وأضافت اللجنة أن أرض المسلمين واحدة، وأن أي شبر يُحتل منها يوجب على المسلمين الأولى فالأولى والأقرب فالأقرب دحرُ المحتل وتحرير هذا الشبر، ومما يشترك فيه عموم المسلمين وخواصهم، حكامهم ومحكوموهم، نوع ميسور ومتاح للجميع وهو المقاطعة الشاملة.
وأكدت أن مقاطعة العدو الصهيوني ومن عاونه في هذه الظروف واجبة شرعاً للأدلة الآتية:
أولاً: المقاطعة الشاملة وسيلة أقرها الشرع الشريف؛ فالصحابي الجليل ثمامة بن أثال – كما أخرج البخاري في صحيحه – لما أسلم وقَدِمَ مَكَّةَ قَالَ له قَائِلٌ: “صَبَوْتَ! قَالَ: لَا، ولَكِنْ أسْلَمْتُ مع مُحَمَّدٍ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَا واللَّهِ، لا يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ”. وأقره رسول الله على ذلك.
ويقول الله تعالى: ﴿وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [التوبة: 120].
والمقاطعة تضعف العدو، وفيها إغلاظ عليه من جهة إضعافه سياسياً ومالياً واقتصادياً وعسكريًّا، والضغط عليه شعبيًّا، وتفويت مصالحه الشاملة.
والله سبحانه يقول ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [التوبة: 73]
ويقول تعالى في حق اليهود لما نقضوا العهود ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الحشر: 5]
ثانياً: أمر الله تعالى الأمة أن تجاهد أعداءها المعتدين بأنفسها وأموالها وألسنتها، يقول عليه الصلاة والسلام: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) رواه أبو داود.
ونهى سبحانه الأمة عن أن يتعاونوا على الإثم والعدوان، ولا شك أن البيع والشراء والترويج لسلع العدو ومعاونيه زيادة في قوتهم، ومعاونة على الإثم والعدوان، والله يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]
ثالثاً: إن المقاطعة الشاملة تفعيل لأطياف الأمة كافة، وانخراطها في المقاطعة نوع من الجهاد المبرور، وهذا من الميسور المقدور عليه؛ وفقا للقاعدة الفقهية: “الميسور لا يسقط بالمعسور”. وقد تقرر في الشرع أن للوسائل أحكام المقاصد، ولما كان مقصد إضعاف العدو واجبًا كانت كل وسيلة مشروعة تحقق ذلك واجبةً، ومن بينها وسيلة المقاطعة، وقد أثبت الواقع والتاريخ الأثر البالغ لها.
رابعاً: إن من مقاصد الشريعة إضعاف العدو إضعافاً شاملاً، بحيث ينكفُّ وينقطع شره عن الأمة.
خامساً: إن عدوان الاحتلال هذه الأيام على غزة يعد نقضاً لكل الاتفاقيات والمعاهدات – على فرض صحتها- مع هذا الكيان؛ لأنه بهذه التصرفات قد نقضها بنفسه ابتداء، من خلال ممارساته في المسجد الأقصى بحق المرابطين والمرابطات، وما يقوم به من مجازر وحشية في غزة والتصرفات في كافة القدس وسائر الأراضي الفلسطينية، لذلك على الدول الإسلامية التي لها علاقات رسمية مع العدو المحتل إلغاؤها أو تجميدها وذلك لأن ذمة المسلمين واحدة.
وقالت اللجنة: إن المقاطعة التي نفتي بوجوبها في هذا العدوان، تتجلى في: المقاطعة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية والسياحية والتعليمية والرياضية وغيرها بما يضعف العدو؛ حيث يجب شرعاً على الدول والشعوب الإسلامية أن تقطع العلاقات مع هذا العدو.
وأشادت بالمواقف السياسية والشعبية التي أعلنت مقاطعتها للعدو، داعية كل جهة معنية في العالم الإسلامي أن تحذو هذا الحذو، كما طالبت من الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلاميين وكتاب الرأي القيام بواجبهم في ذلك.