كاتبة المدونة: منار إبراهيم المقحم (*)
يجب الإدراك بأن للمشاعر الإنسانية والانفعالات كالفرح والحزن، أو الغضب والرضا، تأثيراً جلياً وبالغ الأهمية على حياة كل فرد من عدة نواحٍ، سواءً أكانت تلك المشاعر سلبية أم إيجابية، فشعور الثقة والأمن يختلف تأثيره كليًا على الحياة الشخصية، وذلك يؤثر وينعكس على مظهر الفرد، وأدائه لعمله وواجباته، وصحته الجسدية، ومن جانب آخر، فإن شعور القلق والخوف أيضًا يؤثر تأثيرًا بليغًا على حياة الفرد اليومية، ولكن بمنحى سلبي، مما ينتج عنه بطبيعة الحال نتائج غير سارة له.
تظهر نتائج وآثار تلك المشاعر التي قد تكون سلبية أو إيجابية، مريحة أو مؤلمة، وضيعة أو صالحة، على مسار كل شخص، وقد يمر الفرد بحالة تجمع بين المشاعر السلبية والإيجابية في آن واحد، فعلى سبيل المثال، قد يشعر الفرد بالحزن الخامد لكنه يشعر بالثقة بذاته ولمن حوله، وقد يشعر بالقناعة والرضا رغم معاناته من الضعف، وهذه طبيعة الحياة الإنسانية؛ عدا أن محور حديثنا هنا هو الفحص عن قوة تأثير بعض المشاعر السلبية على الجوانب الشخصية للفرد، كالجانب النفسي أو الانفعالي، والجانب الجسدي أو الصحي، والجانب العقلي أو الفكري، وتظهر العديد من علامات تأثير المشاعر السلبية لدى كل فرد من خلال عدة جوانب، وهي كالآتي:
– لعل من أولى هذه العلامات إهمال الشخص لمظهره ونظافته الشخصية.
– ارتكاب سلوكيات عدوانية سواء بالجسد أو اللفظ تجاه نفسه، أو الآخرين، أو الكائنات الحية الأخرى كالحيوانات والنباتات، أو الممتلكات العامة أو الخاصة.
– اضطراب قوي في الإدراك، أو السلوك، أو العواطف.
– الشعور بالتعب والإرهاق بصورة مفرطة أو مستمرة.
– تغير واضح في نمط النوم، كالنوم لأوقات طويلة، أو المعاناة من الأرق الشديد.
– ظهور تحول في نمط الغذاء، أو تغيرات في الوزن، سواء بالزيادة أو النقصان، أو إصابته بالأمراض نتيجة ذلك التغير.
– حدوث تغيرات في طريقة الحديث والكلام، فقد يصبح كلامه سريعاً على غير العادة، أو بشكل مشتت، أو افتقاده للقدرة على التواصل البصري، كما يفقد سيطرته على عواطفه.
– أن يصاب الفرد بنوبات من الغضب أو العدائية، كظهور سلوكيات عدوانية مثل الصراخ، أو التنمر، أو العنف بمختلف أنواعه.
– تصبح تصرفات الفرد مختلفة وغير معتادة، كأن يتحرك بسرعة، أو ينسحب من المكان سريعًا.
– الإصابة بنوبات الحزن والكآبة، كالدخول في نوبات بكاء شديد أو الشعور بالحزن المستمر، وقد يؤثر ذلك على صحة الفرد، إما بإصابته بالبدانة بسبب اضطراب التغذية (فرط الشهية)، أو النحول والنحافة الشديدة نتيجة فقدان الشهية، وذلك يعود لعامل شعوره بالحزن والإحباط؛ فقد يسبب لديه حدوث مشكلات صحية؛ كمرض السكري، وأمراض القلب، أو ارتفاع ضغط الدم.. إلخ، بالإضافة إلى شعوره بالإرهاق والتعب.
– تؤثر الضغوط والمشكلات النفسية كالاكتئاب أو القلق على احتمالية الإصابة بمتلازمة القولون العصبي، وبالتالي قد لا يستطيع الفرد هنا القيام بأدواره في العمل أو الأسرة بصورة طبيعية.
– يمكن أن يسبب الشعور بالحزن آلاماً جسدية وتشمل آلام المفاصل، أو العضلات، أو الصداع، وقد يصبح الألم مزمنًا، وتشير بعض الدراسات الطبية إلى أن استمرارية الشعور بالحزن يضعف الجهاز المناعي، وتسمى هذه الحالة بالاضطراب المناعي؛ حيث يكون الشخص أكثر عرضة للأمراض.
– يمتد تأثير الحزن إلى إصابة الذاكرة بالاضطراب، وهو ما توصلت إليه دراسة أخرى، فيجد الفرد بأنه من الصعب عليه تذكر كثير من الأحداث السابقة.
إن الوعي والتأمل بتلك التغيرات الصحية، والنفسية، والاجتماعية، والشخصية، وما يصاحبها من آثار سلبية على الجوانب الحياتية للفرد، له أهمية عظيمة، وتكمن تلك الأهمية في محاولة تجنب الأحداث البسيطة التي قد تسبب للفرد الألم النفسي، وإحاطة نفسه بالأشخاص الداعمين له معنويًا وفكريًا وثقافيًا، ولا سيما السعي لمعالجة الجروحات والصدمات النفسية، سواء كانت قد حدثت في الماضي القديم أو القريب، فجميعها مؤثرة بحد ما، إلا أن محاولة إصلاح المشاعر، والتنفيس عن ما يدور بالعقل من أفكار ومعتقدات قد تحدث لدى الفرد مخرجات ذات شعور سيئ، له الدور الأكبر في مضاعفة الشعور بالبهجة والفرح والسرور والتفاؤل ناحية المستقبل.
____________________
(*) اختصاصية اجتماعية.