يعد العمل الخيري أحد أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي والتضامن الإنساني، وهو يعكس مدى الترابط بين أفراد المجتمع واهتمامهم ببعضهم بعضاً، فمنذ القدم، كان العمل الخيري حاضراً في مختلف الحضارات والثقافات، وساهم في بناء مجتمعات قوية متماسكة.
وفي ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المجتمعات المعاصرة، يزداد دور العمل الخيري أهمية، حيث يساهم في سد الفجوات التي قد لا تستطيع الجهات الرسمية تغطيتها، ويعزز من مشاركة المجتمع لبناء مستقبل أفضل.
العمل الخيري.. وركائز المجتمع
يؤدي العمل الخيري دوراً حيوياً في دعم ركائز المجتمع المختلفة، ولعل النظرة السائدة لدى الغير أن الدور الأساسي للعمل الخيري هو التخفيف من المعاناة للفئات المحتاجة من الفقراء والمرضى والأيتام، وضحايا النزاعات والحروب؛ وذلك من خلال توفير المساعدات الإغاثية العينية والمادية والخدمات الاجتماعية.
حيث يساهم العمل الخيري في تحقيق التنمية المستدامة بخط موازٍ مع الجانب الإغاثي؛ من خلال دعم المشاريع التي تساهم في تحسين مستوى المعيشة، مثل مشاريع التعليم والصحة والبيئة؛ مما يكون له الأثر البالغ الممتد لبناء مجتمع متماسك اجتماعياً، ويعزز من خلاله القيم الأخلاقية والإنسانية.
العمل الخيري.. رافد أصيل للعمل الحكومي
لا يمكن للأجهزة الرسمية مهما بلغت إجادتها للعمل أن تلبي احتياج المجتمعات بشكل عام؛ لذا، فإن العمل الخيري يعتبر رافداً مهماً للدعم الحكومي، يتناول الجانب الإنساني بعمق، ويساهم في سد وتغطية الفجوات لبعض الجوانب التشريعية والقانونية والإجرائية التي قد تغيب عنها اللوائح والقوانين، كتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتوفير الرعاية الصحية المتخصصة واللصيقة للحالات التي لا يمكن أن تخضع للإدارة والمؤسسات الرسمية.
ولعل طفرة تشكيل وإنشاء الجمعيات الخيرية والمبرات التي بدأت في العام 2015م، وقاربت من 160 جمعية ومبرة خيرية، وأكثر من 360 فريقاً تطوعياً، تعد أكبر شاهد على أن المشاركة المجتمعية واجب أصيل لدى عموم الفئات؛ ما يحفز الأفراد والمؤسسات على المساهمة في دعم المجتمع، فضلاً عن تحسين المشروعات زيادة جودة وكفاءة الخدمات المقدمة للمجتمع، وذلك من خلال تبني أساليب عمل مبتكرة، والاستفادة من الخبرات المتخصصة المتراكمة لدى الأفراد.
إن للمؤسسات الإنسانية ومؤسسات المجتمع المدني دوراً كبيراً في تنفيذ المشاريع الخيرية؛ بما لها من خبرة واسعة في مجال العمل الاجتماعي، وقدرة على الوصول إلى الفئات المستهدفة، كما تساهم هذه المؤسسات في بناء الشراكات مع القطاع الخاص والحكومة؛ ما يعزز من فعالية العمل الخيري.
ولعل التطلعات المستقبلية للعمل الخيري التي هي احتياجات مطلوبة بحد ذاتها تساهم نحو تحقيق الأهداف والتحديات التي يواجهها هذا القطاع المهم، ابتداء من تحقيق الاستدامة المالية والبشرية للمشاريع الخيرية، ودعم هذا العمل بقاعدة بيانات واضحة مشتركة من عموم الجهات والمؤسسات والقطاعات خاصة بما يتعلق بفئة المستفيدين بشكل خاص، وتبني أساليب مبتكرة في إدارة وميكنة العمل الخيري، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.
فالعمل وبشكل جاد على تعزيز الشراكات الإستراتيجية طويلة الأمد بين القطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني والدولي مهم جداً لديمومة العمل الخيري، كما أن وجود آليات واضحة لقياس وتقييم الأثر الذي ينتج عن المشاريع والإنجازات لضمان فعالية المشاريع الخيرية أصبح ضرورة ملحة لتحقيق الشفافية ولتقييم أعمال المؤسسة.
لذلك، فإن العمل الخيري يشمل العمل الإنساني والتطوعي، ويعكس قيم المجتمع ومدى اهتمامه بتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وفي ظل التحديات المتزايدة التي تواجه العالم، يزداد دور العمل الخيري أهمية، في عالم مليء بالصراعات والنزاعات والحروب ليتحقق بناء مجتمعات أكثر عدالة وتماسكاً.