يقصد بالمجتمع مجموع الأفراد الذين يعيشون في رقعة جغرافيّة مُحدّدة، وتربطهم روابط إنسانيّة وأخلاقيّة وقانونيّة معلومة لغالبيّتهم العظمى!
ويحرص الإنسان السويّ، في أيّ مجتمع مُعتبر، على احترام القواعد والأعراف والعادات والقوانين الناظمة للعلاقات المجتمعيّة لأنّه حريص على البقاء في واحات الاحترام والتقدير والسلوك المنضبط!
وتختلف المجتمعات الإنسانيّة من مكان إلى آخر تبعًا للمواريث الشعبيّة والدينيّة والسياسيّة المرتبطة بالناس، وبالتالي يصعب قياس المجتمع العربيّ بالمجتمع الأمريكيّ أو الألمانيّ أو البرازيليّ أو غيرها من المجتمعات.
وقديماً كانت المجتمعات الإنسانيّة مرتبطة بتقاليدها ومحافظة بشكل واضح على عاداتها؛ وبالتالي كانت هنالك مساحات إنسانيّة راقية قائمة على الاحترام والتراحم والتكاتف والتعاون!
واليوم هنالك صراع واضح المعالم بين الخير والشرّ، والنقاء والتلوّث، والجمال والقبح، والسلام والحرب، والعائلة والضياع، والتكاتف والتناحر، والمحبّة والكراهية، والحياة والموت!
وتعتبر الخطابات السياسيّة والإعلاميّة، وربما، انضمّ إليها مؤخّراً الرياضيّة من أكثر المؤثّرات الفكريّة في مجتمعاتنا!
والخطر الأبرز أنّ الفئة المجتمعيّة المستهدفة بالدرجة الأولى هم الأطفال والشباب لأنّ المتحكّمين بهذه السياسات يعلمون بأنّ تدمير هذه الفئات هو تدمير للدولة والمجتمع، وبالتالي لا توجد أيّ حاجة للدخول في صراعات مباشرة مع هذا المجتمع الإنسانيّ أو ذاك!
ويعدّ الشباب القوّة الحقيقيّة والأساسيّة لبناء أيّ مجتمع، وهم عنوان العنفوان والتحدي والصمود والإبداع والرقيّ، ومن هنا نجد التركيز عليهم في البرامج الخبيثة الهادفة لضرب مجتمعاتنا!
ولهذا يفترض العمل لبناء مصدات قويّة وصلبة لحماية القيم المجتمعيّة، وهذا يتطلب، بداية، الثقة بالنفس في القدرة على تجاوز هذه الحرب الخبيثة المتلوّنة بألوان زاهية كونها ليست مثل الحرب الطاحنة في غزّة، بل معارك تُحقّق ذات الأهداف، ولكن بأدوات ناعمة، مليئة بالخداع والتضليل والوهم!
وهذه الصراعات ليست من فراغ، بل هي مخطّطات مدروسة ظاهرها الجمال والحضارة، والتقارب والتعاون، والتعاطف والبناء، وباطنها القبح والهمجية، والتباعد والتناحر، والكراهية والهدم، وهذا ما تحاول غالبيّة سائل الإعلام المعادية، وأخواتها المتحالفة معها، أن تبثّه في مجتمعاتنا خصوصاً، وربّما نجحت في جعل غالبيّة الناس عاكفين على شبكات الإنترنت، والإدمان على استخدامها!
وهنالك العديد من القيم النقيّة التي يفترض المحافظة عليها وأهمها المنظومة الأخلاقيّة القائمة على احترام الكبير والعطف على الصغير، وتقدير العلم والعلماء.
وكذلك الوقوف بوجه أيّ محاولات شاذّة لضرب الأمن والحفاظ على العدالة القانونيّة وحماية الضعفاء من الأقوياء والمتسلّطين!
وينظر للعمل الرسميّ والشعبيّ والدعويّ بأنّه من أهمّ أدوات الحفاظ على المجتمع، والقادرة على وقف التراخي في التعامل مع العنف الفكريّ، الناعم والقاتل في الإعلام، والهادف لتخريب المجتمع، واعتقال العقول وتكبيلها ورميها خلف قضبان وشِباك القدوات الوهميّة!
وهذا لا يكون إلا بالدولة الرصينة التي تضرب بيد من حديد كافّة الدعوات الهابطة والبهيميّة، وتدعم بصدق كافّة الدعوات الراقية والإنسانيّة!
وصدق ابن خلدون بقوله: إنّ «الإنسان مدنيّ بطبعه»، وهذه المدنيّة تتطلب الحفاظ على النقاء الإنسانيّ وعدم الهبوط للدركات البهيميّة والحيوانيّة، ولهذا حينما نكون وسط بيئة عادلة وآمنة يمكن أن ندعو للخير والتسلُّح بالقيم النبيلة، أما إن كنّا في بيئة ظالمة ومرعبة فلا يمكن نشر أبسط القيم الإنسانيّة الصافية!
لنحافظ على مجتمعاتنا من المنشورات الشاذّة الهادفة لنشر التحرّش، والعنف المنزليّ، والمخدرات، والقدوات المزيّفة، والتراخي أمام الرذيلة، والتركيز على نشر الحشمة، والتراحم، وإبراز القدوات الحقيقيّة، والوقوف بحزم أمام الدعوات لنشر الفساد الأخلاقيّ!
حافظوا على مجتمعاتنا من الفاسدين والمخرّبين والأعداء والقوى الناعمة الخبيثة لأنّ خراب المجتمع يعني خراب الإنسان، وخراب الإنسان يعني خراب الحياة والأمل والحاضر والمستقبل!