في تاريخ فلسطين الحافل بالنضال، يبرز رجال تركوا بصماتهم في صفحات المجد والكفاح، أحد هؤلاء الرجال الذين أصبحوا رمزًا للمقاومة هو الشهيد عز الدين صبحي الشيخ خليل.
من شوارع غزة إلى ساحات النضال في لبنان وسورية، خاض معارك لا تُنسى، ولم يكن مجرد قائدٍ عسكري، بل كان رمزًا للفكر والجهاد، مزج بين العلم والدعوة وحمل السلاح دفاعًا عن كرامة الوطن.
هذه سيرة قائد آمن أن المقاومة ليست خياراً، بل واجباً، فكانت حياته شاهداً على تضحياته حتى لحظة استشهاده، وهو لا يزال حيًا في ذاكرة الأجيال.
النشأة والتكوين
وُلد الشهيد عز الدين صبحي الشيخ خليل المكنى بأبي محمد في حي الشجاعية شرق مدينة غزة في 24 يوليو 1962م، ونشأ في أسرة فلسطينية مجاهدة تربى في كنفها تربية إسلامية رسخت بداخله الأخلاق الحميدة وحب الجهاد والمقدسات ومقارعة أعداء الأمة.
تلقى تعليمه الأساسي والثانوي في مدارس غزة، حيث حصل على الثانوية العامة من مدرسة فلسطين الثانوية، بجانب دراسته عمل مع والده في مهنة التجارة.
تابع دراسته الجامعية في كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية في غزة، حيث نال شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية، ثم واصل دراساته العليا وحصل على درجة الماجستير في الشريعة من باكستان.
نشاطه الدعوي والطلابي
بدأ الشيخ خليل مسيرته الدعوية أثناء دراسته في مدرسة فلسطين الثانوية حيث التقى بالشيخ أحمد ياسين في نهاية السبعينيات وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1980م، حيث انخرط في نشاطاتها الدعوية والتربوية والاجتماعية.
كما برز كنشط طلابي خلال فترة دراسته الجامعية، وكان أحد مؤسسي «الكتلة الإسلامية»، الذراع الطلابية لجماعة الإخوان المسلمين في الجامعة الإسلامية.
الدور العسكري والسياسي
سافر إلى الإمارات العربية المتحدة عام 1986م ومنها إلى باكستان ثم أفغانستان حيث التقى بالشيخ عبدالله عزام، وبعد عودته أدى القائد عز الدين دورًا بارزًا في تأسيس العمل العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وساهم في ترتيب وتنظيم المجموعات المسلحة للحركة وإمدادها بالمال والسلاح في غزة، وتوسيع نطاقه إلى الضفة الغربية.
عمل على توحيد المجموعات القتالية المتفرقة في غزة تحت اسم «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، ثم انتقل إلى الضفة الغربية لنقل العمل العسكري وتنسيقه هناك، وعمل على جمع قادة غزة والضفة لأنه كان ينوي السفر إلى الخارج لقيادة الجهاز فكان القائد العام الأول لـ«كتائب القسام».
كما شارك في التخطيط لعدد من العمليات الكبرى ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه، كان أبرزها عملية بئر السبع التي أسفرت عن مقتل 16 صهيونياً، وإلى جانب دوره العسكري، كان عضوًا في القيادة السياسية لحركة «حماس» في قطاع غزة.
اعتبره الاحتلال أحد أبرز القادة العسكريين لـ«حماس»، ووصفه رئيس وزراء الاحتلال الأسبق إسحاق رابين بأنه «رأس الأفعى» والأب الروحي للشهيدين يحيى عياش، وعماد عقل.
الاعتقال والإبعاد
اعتقل القائد عز الدين من قبل قوات الاحتلال لأول مرة عام 1985م بتهمة قيادة مجموعات عسكرية، ثم اعتقل مرة أخرى عام 1992م على خلفية اختطاف الجندي الصهيوني نسيم توليدانو، وفي نهاية عام 1992م، أبعده الاحتلال إلى مرج الزهور في جنوب لبنان مع 415 من نشطاء حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي».
وبعد توفر معلومات للاحتلال تؤكد قيادته لـ«القسام»، قرر عدم العودة إلى غزة، وتوجه إلى سورية ليواصل العمل الجهادي.
يد «الموساد» الغادرة
بعد عملية بئر السبع، هدد رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أرئيل شارون بنقل المعركة إلى سورية لملاحقة قادة المقاومة الفلسطينية.
وبعد مسيرة جهادية مشرفة اغتاله «الموساد»، في 26 سبتمبر 2004م، عبر تفجير سيارته بدمشق ليصبح أول قائد لـ«القسام» يُغتال خارج فلسطين.
وبينما انتهت حياته برصاص الغدر الصهيوني بقي اسمه محفوراً في ذاكرة المقاومة كأحد أبرز رموزها تاركاً خلفه إرثاً لا يُمحى في تاريخ النضال الفلسطيني.
____________________________
1- موقع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
2- موقع «كتائب الشهيد عز الدين القسام».
3- مركز رؤية للتنمية السياسية.
4- وكالة «شهاب» الفلسطينية.