شهدت أحداث «طوفان الأقصى» تغييرًا جذريًا في المفاهيم والتصورات لدى الكثيرين، حيث أعادت صياغة نظرة الشعوب نحو النصر والحرية، لقد جعلت هذه الأحداث الأمل أقرب بعون الله، ورسخت في الأذهان حقيقة أن النصر لا يأتي بالتمنيات، بل بالتضحيات والالتزام.
مشاهد مؤلمة تؤسس جيلًا عقائديًا
رغم المشاهد اليومية المؤلمة التي نتابعها عبر الشاشات، فإنها تحمل في طياتها تأسيسًا لجيل جديد، جيل أكثر تمسكًا بعقيدته، ووعياً بأهدافه وحقوقه، إنها تربية في ميادين الواقع، حيث يتعلم هذا الجيل معنى الصمود، والإصرار على تحقيق الهدف الأسمى.
لقد أتيحت لي فرصة الاستماع إلى قصة عميقة التأثير، رواها أحد الأشخاص عن زيارته لغزة ولقائه بأحد سكانها، سأل ذلك الشخص أهل غزة عن أدواتهم للتحرير، وعن البرامج التي يعتمدون عليها لتحقيق أهدافهم، كان الجواب بسيطًا ولكنه عظيم في معناه: «الوعد قبل الفجر».
استغرب الزائر من الإجابة، لكنه وافق على متابعة الأمر، اصطحبه أهل غزة إلى مساجدهم في ساعات الفجر المبكرة، كانت المفاجأة غير المتوقعة؛ وجد المساجد ممتلئة عن آخرها بالشباب والشيوخ والنساء، وجد أجواء إيمانية تعج بذكر الله، وقلوبًا معلقة بآمال التحرير، ونفوسًا مستعدة للبذل والعطاء.
أخبره مرافقيه: «هذه هي أدواتنا، وهذه هي برامجنا»، كان المشهد بمثابة رسالة قوية مفادها أن التحرير يبدأ من الإيمان، وأن الصلاة والدعاء والتربية الروحية أساس الصمود والانتصار.
لم تكن «طوفان الأقصى» مجرد معركة ميدانية، بل امتد أثرها إلى كل الجوانب الحياتية، بما في ذلك تعزيز وعي الجيل بأهمية المقاطعة الاقتصادية والثقافية، وأصبح الجيل أكثر وعيًا بالمواجهة على جميع المستويات، بدءًا من ساحة القتال، وصولًا إلى ساحة الأسواق وميادين الإعلام، ارتفع الفهم العام لمعنى النضال الشامل، وأصبح الجميع يدركون أن كل فرد يمكن أن يسهم في المعركة بطريقته.
دروس مستفادة
أحد أبرز الدروس التي نتعلمها من «طوفان الأقصى» هو أن الكيان الصهيوني، رغم كل ما يملكه من آلة عسكرية وإعلامية، يظل عدوًا ضعيفًا أمام صمود الشعوب المؤمنة بقضيتها، المعركة لم تعد فقط بين طرفين، بل تحولت إلى صراع بين إرادة الحرية والظلم، بين أصحاب الحق والمعتدين.
الأثر التربوي لـ«طوفان الأقصى»
«طوفان الأقصى» ليست مجرد حدث عابر، بل محطة تاريخية مليئة بالدروس التربوية والتعليمية، فلقد أظهرت للعالم أن النصر يتطلب إعدادًا روحيًا وجسديًا متكاملاً، وأن بناء الإنسان الواعي المؤمن هو المفتاح الحقيقي للتحرير، فالأجيال التي تُربى على الإيمان والصمود هي التي تصنع المستقبل، وهي التي ستكتب فصول الحرية بأحرف من نور.
«طوفان الأقصى» رسالة عظيمة لنا جميعًا: أن الطريق إلى النصر يبدأ من التربية الإيمانية والعمل الجاد، وأن كل جهد، مهما بدا صغيرًا، يمكن أن يكون جزءًا من مشروع التحرير الكبير.. لنستمر في التعلم من هذه الأحداث، ولنغرس في قلوبنا وقلوب أبنائنا قيم الصمود، والإيمان، والعمل من أجل الحرية.