لم يكن مشهد ظهور “تواضروس الثاني”، بطريرك النصارى الأرثوذكس، ليتلو بيان عزل الرئيس المسلم “محمد مرسي”، اعتباطياً.. كان الثالث من يوليو 2013م إيذاناً بإعلان حرب صليبية تترية بكل ما تحمله العبارة من معانٍ وملابسات.. كان المشهد يبدو حصاداً لأكثر من أربع
لم يكن مشهد ظهور “تواضروس الثاني”، بطريرك النصارى الأرثوذكس، ليتلو بيان عزل الرئيس المسلم “محمد مرسي”، اعتباطياً.. كان الثالث من يوليو 2013م إيذاناً بإعلان حرب صليبية تترية بكل ما تحمله العبارة من معانٍ وملابسات.. كان المشهد يبدو حصاداً لأكثر من أربعين عاماً ظل خلالها “شنودة الثالث”، البطريرك الراحل، يحارب الإسلام بكل ما أوتي من قوة.. ها هو ابنه وتلميذه “تواضروس الثاني” يعلن عزل الحاكم المسلم.. وأول رئيس منتَخَب في تاريخ مصر منذ آلاف السنوات.
عانق الخيال الواقع.. حلم “الدولة القبطية” صار جاهزاً الآن! مليشيات الانقلاب أغلقت الفضائيات والصحف الإسلامية.. وأعملت القتل والترويع والاعتقال ضد كل من يرفض هذا الانقلاب “الصليبي”.. ضد كل من يرفض دخول مصر عصر “حُكم البابا”.. استهداف تام لكل ما هو إسلامي.. السماح بالتنصير في كل مكان.. إقامة مجازر عديدة ضد المسلمين كان أعنفها وأبشعها “الحرس الجمهوري”، و”رابعة العدوية”، و”النهضة”، و”رمسيس”.. مجزرة تلو مجزرة.. حرق من يعارضون الانقلاب الصليبي أحياء.. اقتحام المساجد وتدنيسها وحرقها.. لا خطوط حمراء لدى هؤلاء.. هي ذات عقلية الصرب الأرثوذكس في التعامل مع المسلمين في يوغسلافيا وكوسوفا والبوسنة والهرسك.. هي ذات عقلية الأرثوذكس في التعامل مع المسلمين في الحبشة (إثيوبيا).
وفي إطار هذه الحرب الصليبية المعلنة التي يدعمها الغرب والشرق.. كان لابد لعسكر الانقلاب أن يقدموا على فعل كل ما يجعلهم ينالون بركة “البطريرك” الذي يُحرك رعاياه في أمريكا للتظاهر وتأييد الانقلاب ومخاطبة أعضاء الكونجرس الأمريكي للضغط على الحكومة الأمريكية لتقدم مزيد من الدعم للعسكر الذين انقلبوا وخانوا.
يأتي في هذا السياق ما فعله العسكر من فض تظاهرة حاشدة انطلقت من أمام مسجد الفتح بميدان رمسيس.. في الجمعة التالية للفض الإجرامي النازي لميدان رابعة العدوية والنهضة 14 أغسطس 2013م.. أقام العسكر مجزرة للمتظاهرين في ميدان رمسيس.. ثم حاصروا الذين لاذوا بالفرار واعتصموا ببيت الله.. مسجد الفتح.. في صباح السبت 17 أغسطس بدأ دك المسجد بالرصاص الحي والجرينوف وقنابل الغاز.. واعتقال وسحل كل من اعتصموا بالمسجد من الشيوخ والنساء والأطفال والشباب والإعلاميين.. وبعدها بساعات أصدروا فرماناً بإغلاق المسجد الذي ما زال مغلقاً حتى كتابة هذه السطور في سبتمبر 2014م.. أي منذ أكثر من عام!
منذ أكثر من عام.. ومسجد الفتح مغلق.. يفترش أمامه باعة الملابس والأحذية والمنشطات الجنسية ولعب الأطفال.. ويُقيم حوله الشبيحة والبلطجية الذين يتربصون بأي تظاهرة قد تخرج على حين غفلة.. فهؤلاء في عرف الانقلاب “مواطنون شرفاء”!
على بعد عشرات الأمتار من مسجد الفتح برمسيس.. تقع الكاتدرائية المرقصية بالعباسية.. التي تعد إحدى القلاع العسكرية التي لا يجرؤ العسكر أن يهمس بجوارها.
في عام 2004م، اندلعت أزمة “وفاء قسطنطين” المسيحية التي أشهرت إسلامها.. حشدت الكنيسة أتباعها وطالبوا أمريكا بالتدخل.. وهتفوا لـ”شارون”، رئيس الوزراء الصهيوني الراحل: “بالروح بالدم نفديك يا شارون”، وأطلقوا الرصاص والخرطوش ضد الشرطة “الشجاعة.. الباسلة”..! ومع ذلك لم تقتحم الشرطة الكاتدرائية.. ولم تصدر قراراً بتشميعها! إنما قاموا بخطف “وفاء قسطنطين” وسلموها لـ”شنودة”!
الكاتدرائية تقرع أجراسها في كل وقت.. ومسجد الفتح مغلق بأمر “تواضروس”.. الذي لا يُريد للقاهرة إلا أن تسمع صوت الأجراس.. وعسكر الانقلاب يستدعون الآن نموذج مسجد “آيا صوفيا” الشهير بتركيا.. الذي حوّله المجرم “مصطفى كمال أتاتورك” إلى متحف عام 1934م.
إن دلالة غلق مسجد الفتح برمسيس توضح بجلاء أن ما حدث في 3 يوليو لا يعدو إلا أن يكون حرباً صليبية إجرامية تستهدف الإسلام والمسلمين.