تساءلت الكثير من الأوساط حول السر في غياب أسماء مسؤولين أمريكيين ضمن فضائح “وثائق بنما”، حيث كانت قليلة واقتصرت على أمريكيين عاديين، ما أثار فرضيات اعتبرت وقوف وكالة الاستخبارات الأمريكية خلف الفضيحة في محاولة منها لزعزعة استقرار بعض الدول.
وهناك من اعتبر أنه توظيف مجانب للصواب لنظرية المؤامرة، اعتادت عليه أوساط عربية وروسية، لحجب أنظار العالم عن الفضيحة بدل مواجهة حقيقتها بما يلزم من الجدية والشفافية.
وقالت مارينا ووكر غيفارا، مساعدة مدير “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين” لـ”فرانس برس”: إن السلطات الروسية ترى أن “السي اي ايه” خلف كل من ينتقدها، وأضافت أن هناك كم هائل من الوثائق، وربما هناك أمر مخفي لم نكتشفه بعد، مؤكدة ان هناك العديد من الأمريكيين، لكنهم بمعظمهم أفراد عاديون.
وقالت صحيفة “فان مينوت” الفرنسية: إن عدم ذكر أمريكا في “وثائق بنما” يعود إلى أن بعض الولايات الأمريكية باتت ملاذات ضريبية آمنة، للمتهربين الأمريكيين، مشيرة إلى إمكانية تورط الاستخبارات الأمريكية في تسريب الوثائق.
وأشارت الصحيفة في عددها الصادر اليوم بحسب ترجمة موقع “الإسلام اليوم” إلى أن هناك فقط مجموعة من الأمريكيين قد تم ذكرهم حتى الآن؛ لأنهم قاموا بنقل جزء من أرصدتهم في الملاذات الضريبية والشركات في الخارج بمساعدة من مكتب المحاماة البنمية الشهير “موساك فونسيكا”، دون أن يكون هناك مسؤول كبير سواء أكان سياسياً أو زعيماً كبيراً أو بنكاً في هذه الفضيحة.
وأكدت الصحيفة أن عدم ذكر الولايات المتحدة في “وثائق بنما” لا يعني شفافيتها، ويمكن تفسيره على أنه تردد من جانب واشنطن في اللجوء في تعاملاتها المالية للدول البعيدة التي تتحدث بالإسبانية، في حين أن الخيارات الأفضل لها هي أن تتعامل مع دول قريبة.
وأشار الصحفي الأوروبي، نيكولا شاكسون، مؤلف مدونة “الملاذات الضريبية.. تحقيق حول المساوئ المالية لليبرالية الجديدة”، إلى أن الأمريكيين لديهم الكثير من الملاذات الضريبية مثل مناطق جزر كايمان وجزر فيرجن البريطانية، ولكن الأمريكيين الذين يريدون الحفاظ على سرية أنشطتهم لا يجبرون في الواقع على مغادرة بلادهم.
ولفتت الصحيفة إلى أن ولايات مثل ولاية ديلاوير توفر الإمكانيات لإنشاء شركات وهمية دون الحاجة إلى تحديد هوية المستفيد الحقيقي.
وأشارت الصحيفة إلى أن عدم ذكر الولايات المتحدة في “وثائق بنما” غذت الشكوك لدى الجميع بأن المخابرات الأمريكية هي من تقف وراء تسريب “وثائق بنما” من أجل زعزعة الاستقرار في بعض الدول وخاصة روسيا.
وأضافت بأنه من الصين إلى روسيا مروراً بالمملكة البريطانية، فإن الكشف عن “وثائق بنما” أوضح تورط العديد من المسؤولين البارزين حول العالم دون أن تشير حتى الآن إلى اللاعب الرئيس في التمويل العالمي وهي الولايات المتحدة الأمريكية.
واختتمت الصحيفة قائلة: إنه على الرغم من التبريرات التي تقدمها الولايات المتحدة حول عدم علاقتها بهذه التسريبات، فإن كل الشكوك تحوم حولها في ظل انتهاجها لسياسة قديمة تقوم على الكشف عن تسريبات قذرة من أجل التأثير على الخصم، وإحداث حالة من القلق وعدم الاستقرار على مستوى العالم، في وقت تحدده هي وفقاً لمجريات الأمور بما يخدم مصالحها.