قبل ثلاثة أيام من احتفال المسلمين الهنود بالعيد، في يوم 23 يونيو الماضي، طُعن المواطن الهندي المسلم «جنيد خان» (15 عاماً) حتى الموت على يد مجموعة من المتعصبين في أثناء استقلاله لقطار كان متوجهاً إلى خانداولي، وهي قرية في ولاية هاريانا بشمال الهند، بعد أن اشترى ملابس جديدة للعيد من نيودلهي، يرافقه شقيقه واثنان من أصدقائه، وادعى الغوغاء أنهم تناولوا لحوم البقر قبل طعنهم.
كان العيد في خندولي يوم الإثنين 26 يونيو، كما كان في جميع أنحاء البلاد، ولأول مرة ظهر عشرات من المسلمين في جميع أنحاء البلاد يصلون العيد وهم يرتدون السواد؛ رمزاً للاحتجاج على قتل هؤلاء الشباب، فضلاً عن تزايد الإرهاب ضد المسلمين في أنحاء البلاد، الذي تزايد بشدة منذ تولي رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي» منصبه قبل ثلاث سنوات.
وفي سبتمبر 2015م، ألقي القبض على رجل مسلم يدعى «محمد أخلاق»، في دادري بالقرب من العاصمة الهندية، بسبب شائعات بأنه قتل بقرة محلية وقام بتخزين لحومها في ثلاجة، وبعد شهر قُتل «زاهد رسول بهات» (16 عاماً) عندما هاجمت «جماعات اليقظة» شاحنته بقنبلة في أودهامبور.
وفي مارس 2017م، تم شنق تاجرين للماشية بتهمة الاتجار في البقر هما «محمد مجلوم»، و«آزاد خان»، في لاتهار.
وفي مايو الماضي، ضُرب تجار في ماليجاون ضرباً مبرحاً في ماهاراشترا بتهمة تخزين لحوم البقر.
وفي شهر مايو الماضي أيضاً في جهارخاند رُبط «محمد شاليك» (19 عاماً) في عمود وضرب حتى الموت، بتهمة أنه كان على علاقة مع فتاة هندوسية، وفي نفس الشهر قُتل رجلان مسلمان آخران هما «أبو حنيفة»، و«رياز الدين علي»، بزعم أنهما سرقا ماشية في أسام.
وفي 7 يونيو الماضي هوجم رجل مسلم في دنباد، جرخاند، للاشتباه في نقله لحوم للبقر إلى تجمع لتناول الإفطار.
وقد تم تسجيل حالتين أخريين من جرائم القتل على شائعات ذبح البقر في وقت سابق من الأسبوع الأخير لشهر يونيو الماضي في شرقي الهند.
وقبل زيارته للرئيس الأمريكي «ترمب»، تناول «مودي» الهند من خلال برنامجه الإذاعي «مان كي بات» (حديث من القلب إلى القلب) مواضيع مختلفة، منها اليوجا، والحمامات، والرياضة، واجتماعه مع الملكة، والكتب كهدايا.. ولكنه لم يتطرق لقضايا قتل مواطني الهند المسلمين.
لم يذكر «مودي» أكثر من اثنتي عشرة حالة من جرائم القتل العنصرية في البلاد، معظمها ضد المسلمين، سجلت في الهند منذ سبتمبر من العام الماضي، وخاصة في الولايات التي يحكمها حزبه «بهاراتيا جاناتا»، كما لم يعالج «مودي» عنف جماعات الدفاع عن البقر، الذين غالباً ما يدينون بالولاء لحزبه «بهاراتيا جاناتا» أو لأبيه الروحي الأيديولوجي «راشتريا سوايامزيفاك سانج» (RSS).
وفي الوقت الذي تنمو فيه قائمة القتل والاعتداءات على المسلمين من قبل جماعات الدفاع عن البقر، لم نرَ تغريدة واحدة من رئيس وزراء الهند تدين هذه الاعتداءات في وسائل الإعلام الاجتماعية، الذي يسرع إلى إدانة الفظائع في جميع أنحاء العالم، ويبدو أن صمت «مودي» كان محفزاً لأعمال الشغب التي وقعت في جوجارات وأسفرت عن مقتل أكثر من 1000 شخص معظمهم من المسلمين.
وقد أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً مساء الثامن والعشرين من يونيو الماضي وصفت فيه الوضع بأنه «مقلق للغاية»، واتهمت «مودي» وغيره من قادة حزب «بهاراتيا جاناتا» بعدم إدانة الهجمات، بل قالت: إنهم يبررون الهجمات في بعض الأحيان، وقال «آكار باتيل»، المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في الهند في بيان: إن رئيس الوزراء الهندي وكبار قادة حزب «بهاراتيا جاناتا» وكبار الوزراء يجب أن يكسروا صمتهم ويدينوا الهجمات بشكل قاطع.
ويشير تقرير صدر أخيراً عن مركز دراسة المجتمع والعلمانية ومقره مومباي، ومجموعة حقوق الأقليات الدولية ومقرها في المملكة المتحدة؛ إلى أن هناك زيادة ملحوظة في العداء تجاه الأقليات الدينية في الهند منذ تقلدت حكومة حزب «بهاراتيا جاناتا» التي يقودها «مودي» السلطة في مايو 2014م وبدأت بنشاط في تعزيز القومية الهندوسية.
ووفقاً للتقرير، فإن حالة ولاية أوتار براديش المتقلبة في شمالي الهند، وموقع معبد أيودهيا رام المتنازع عليه حيث شهدت الهند أحد أسوأ أعمال الشغب الطائفية في عام 1992م، شهدت ارتفاعاً في العنف الطائفي منذ تولى حزب «بهاراتيا جاناتا» السلطة في الولاية هذا العام، وقد أفزع الكثير تعيين «يوجي أديتياناث» الهندوسي المتطرف المعروف بآرائه المثيرة للجدل ضد المسلمين، وزير دولة.
وقال التقرير: إن صمت «مودي» على هذه الهجمات شجع الجماعات اليمينية المتطرفة.
وفي رمضان الماضي لم يحضر وزراء حزب «بهاراتيا جاناتا» اجتماع الإفطار التقليدي الذي يستضيفه رئيس الهند كل عام.
والخلاصة أن هناك ذبحاً صامتاً ممنهجاً ومستمراً ضد المسلمين في الهند، ولكن الأوان لم يفُت بعد.
(*) صحفي وكاتب هندي