بقلم: أشريفول آزاد (*)
بعد أسبوعين من العنف الشديد بولاية راخين في ميانمار، حيث قُتل ما لا يقل عن 400 شخص وفرّ 270 ألفاً من الروهنجيا من منازلهم، تحدّثت زعيمة الأمر الواقع في ميانمار، الحائزة على جائزة “نوبل” أونج سان سوو كيي، أخيراً واعترفت بالأزمة، ولكنها أصابت الكثير من وكالات حقوق الإنسان الدولية بخيبة أمل، حيث إنها لم تعارض أعمال الجيش، بل وصفت الأحداث الأخيرة بأنها “جبل جليدي ضخم من التضليل” في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.
وهذا يجعلها على خلاف مع إجماع دولي متنام حول ما يحدث، وقد وصفت “هيومن رايتس ووتش” العنف المتواصل ضد “التطهير العرقي” و”الجرائم ضد الإنسانية” ضد الروهنجيا، التي وصفتها الدراسات التي أجرتها كلية الحقوق بجامعة ييل وجامعة كوين ماري في لندن بأنها “إبادة جماعية”.
لم تتمتع ولاية راخين بأي نوع من السلام لعقود، ويواجه الروهنجيا الذين يعيشون هناك تمييزًا بسبب أصلهم العرقي منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، مع وجود تصاعد للعنف في فترات كثيرة، إذن لماذا نشبت هذه الصراعات مراراً وتكراراً على الرغم من نداءات الهيئات الدولية لحقوق الإنسان؟ ما قضايا السياسة الواقعية التي تعوق عملية السلام؟
لا احترام لحقوق الإنسان
تكشف نظرة فاحصة عن أنه حتى منذ انتقالها إلى الديمقراطية، فإن ميانمار لديها ما يقرب من الصفر من الاحترام والرعاية للمعايير والدبلوماسية الدولية، وقد أخبرت الحكومة الأمم المتحدة مؤخراً أنها لن تصدر تأشيرات لمفتشيها الذين يسعون للتحقيق في اتهامات انتهاكات حقوق الإنسان في ولاية راخين، كما عرقلت محاولات برنامج الأغذية العالمي الممولة من الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الأشخاص الضعفاء.
وفيما يتعلق بالرد البطيء للمجتمع الدولي، يعتقد العديد من الروهنجيا والعديد من البنجاليين أن المجتمع الدولي يميز ضد المسلمين، وأن الرد سيكون أكثر خطورة إذا ما حدث هذا المستوى من الوحشية في أي بلد غربي.
من الصعب التحقق من صحة هذه الاتهامات، لكنها قد تغذي المشاعر المعادية للغرب بين عدد كبير من المسلمين في العالم، ومن بين مجموعات صغيرة من الروهنجيا التي يعتقد أنها تعمل بالفعل.
وهناك تقارير بوجود جماعة متمردة جديدة، هي جيش آراكان روهنجيا (الخلاص- ARSA)، هاجمت الشرطة وقوات الأمن في ميانمار في 25 أغسطس وفي أكتوبر 2016.
مصالح مكتسبة
وما لم تكن تحذيرات المجتمع الدولي مدعومة بتهديد ذي مصداقية، فإن حكومة ميانمار وجيشها، لن يهتموا وسوف يتمادون.
بعد اندلاع الجولة الأخيرة من العنف، طلبت بريطانيا عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي، لكن الصين قاومت مشاركة أقوى من الأمم المتحدة، ومن المتوقع مناقشة القضية في اجتماع الجمعية العامة في سبتمبر.
في مارس 2017، تم حظر بيان مقترح لمجلس الأمن الدولي حول العنف في ميانمار من قبل الصين وروسيا، في عام 2007 تم رفض قرار مجلس الأمن الدولي الذي يطالب بوضع حد للقمع السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان في ميانمار من قبل الصين وروسيا، تشمل المصالح الصينية في ميانمار مشروعاً للموانئ البحرية يبلغ حجمه 7.3 مليار دولار أمريكي كجزء من خطتها الطموحة “طريق واحد”، في ولاية راخين، هناك ميناء “كايوك بايو” Kyauk Pyu، وهو نقطة دخول لخط أنابيب النفط والغاز الصيني.
لكل من الهند والصين مصالح في ميانمار.
تتنافس الهند مع الصين لإقامة علاقات وثيقة مع ميانمار، وفي يوليو زار مين أونغ هلاينغ، قائد القوات المسلحة البورمية التا تماداو، الهند واجتمع مع رئيس الجيش الهندي ورئيس الوزراء ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي.
الهند، بشكل منفصل عن علاقاتها الدبلوماسية مع نايبيداو (العاصمة البورمية)، تستثمرها بشكل كبير في التاتماداو (الجيش البورمي) عبر صادرات الأسلحة الكبيرة، بعد اندلاع أعمال العنف الأخيرة، قام رئيس الوزراء الهندي مودي بزيارة ميانمار حيث دعم بوضوح وجهة نظر حكومة ميانمار بأنها مشكلة “إرهاب” دون انتقاد لعمليات القتل الجماعي ونزوح اللاجئين.
يمكن لرابطة الآسيان، وهي الرابطة الاقتصادية الإقليمية، أن تحسّن الوضع في ميانمار، ومع ذلك، فهي مقيدة بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.
وعلى مستوى الدولة، لم تقدم سوى عدة دول إسلامية بيانات قوية ضد ميانمار، من بينها تركيا وماليزيا وإندونيسيا وجزر المالديف.. بنجلاديش، البلد الأكثر تضرراً من تدفق اللاجئين، لا تظهر مشاركة دولية كافية في هذا الشأن ولا يمكنها توفير الحماية الكافية للاجئين.
لذلك، فإن الانتقادات والتحذيرات والإدانات والتهديدات تكافح من أجل الوصول إلى حكومة ميانمار، ويشعر الروهنجيا أنفسهم بأنهم قليلو التأثير، وعلى هذا النحو، من المرجح أن يستمر التاتماداو (الجيش البورمي) في حملته الوحشية، وهذا قد يدفع الروهنجيا المحبطين لمزيد من راديكالية.
(*) أستاذ مساعد، العلاقات الدولية، جامعة شيتاجونج.
تم نشر هذه المقالة على موقع The Conversation