في ذكراها الثالثة، ما زالت نشوة الانتصار التي انبعثت من صدى عملية إيتمار البطولية بالقرب من مدينة نابلس في 1 أكتوبر 2015، تلقي بظلالها على واقع المواطن في الضفة الغربية المحتلة الذي لطالما تعطش لعمليات المقاومة للرد على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومحاولات استئصال الأعداء أو ذوي القربى للمقاومة في الضفة.
وبحسب كثير من المتابعين والكتاب، فإن عملية إيتمار التي نفذتها مجموعة من كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، من مدينة نابلس، كانت باكورة انتفاضة القدس، وعاملاً مهمًّا في تأجيج العمل المقاوم ضد الاحتلال في السنوات الثلاث الأخيرة بأشكاله كافة.
بداية لمرحلة جديدة
الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين، يؤكد أن عملية إيتمار جاءت لتدشن مرحلة جديدة من العزة والكرامة، وتنهي مرحلة من الإهانة والذل حاول الاحتلال فرضها من جهة، وأجهزة أمن السلطة من جهة ثانية.
وأوضح عز الدين لصحيفة “فلسطين”، أن العملية جاءت باكورة انتفاضة القدس، وسبباً في تأجيج العمل المقاوم، سواء عمليات الطعن أو الدهس أو إطلاق النار، وأنها جاءت في ظرف سياسي وميداني محتقن، لا سيما بعد جريمة إحراق المستوطنين عائلة دوابشة نهاية شهر يوليو 2015، أثناء نومهم في منزلهم بقرية دوما قضاء نابلس.
وبحسب عز الدين، فإن عملية إيتمار كانت الصدمة سواء للاحتلال وأجهزة مخابراته، أو السلطة التي لم تترك وسيلة إلا استخدمتها للقضاء على المقاومة والمقاومين في الضفة.
وعدّ الباحث في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع، عملية إيتمار، سلسلة في مسيرة نضال الشعب الفلسطيني، وأنها كانت ردًّا طبيعيًّا على جرائم المستوطنين وخصوصاً على جريمة حرق عائلة دوابشة.
وأكد مناع لصحيفة “فلسطين” أن العملية كانت الروح لانتفاضة القدس، وأكدت أن المقاومة هي الخيار الذي يجمع عليه الشعب، وأنها عكست أخلاق المقاوم الفلسطيني الذي لم يستهدف أطفال الاحتلال، مع أن الأخير يتعمد قتل الأطفال الفلسطينيين.
ونفذ العملية البطولية راغب عليوي، ويحيى الحج حمد، وسمير كوسا، وكرم المصري، وزيد عامر، بإطلاق النار على سيارة تقل عدداً من المستوطنين في الشارع المؤدي لمستوطنة “إيتمار” شمال نابلس، ما أدى لمقتل اثنين هما: إيتام هكنين (ضابط احتياط بوحدة هيئة الأركان الخاصة وضابط استخبارات وحاخام)، وزوجته “نعماه هكنين” (ابنة ضابط كبير بوحدة هيئة الأركان)، فيما لم يُقدم المنفذون على المساس بأربعة أطفال في سيارة المستوطنين.
وفي الخامس من الشهر نفسه بعد العملية بأيام قليلة، أعلن جهاز “الشاباك” الإسرائيلي، عن اعتقاله المقاومين المشاركين في تنفيذ العملية.
انتقام صهيوني
وبالعودة لمناع، قال: إن العملية كان لها وقع لا مثيل له على الاحتلال في تلك الفترة، حيث مارس حالة انتقامية سريعة من عوائل منفذي العملية تمثلت بهدم منازلهم وإصدار أحكام عالية بحق كل من ساهم في تنفيذها.
من جهته، عدّ الكاتب سليمان محمد، عملية إيتمار انتهاءً لحقبة زمنية شابها اليأس والإحباط نتيجة جرائم الاحتلال ومحاولات الطمس للعمل المقاوم من السلطة، وبداية مرحلة جديدة لإعادة الضفة للواجهة من جديد، والوقوف في وجه الاحتلال الذي استنفر كل قواته فيما بعد لمواجهة عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار التي تدحرجت ككرة اللهب.
وأكد محمد لصحيفة “فلسطين” أن عملية إيتمار، بعد ثلاث سنوات على مرورها، ما زالت تنعش الآمال في الضفة بأن هناك دوماً أناسا في الخفاء قد نذروا أنفسهم للدفاع عن المقدسات وكرامة المواطنين وحقوقهم.
ويرى أن استمرار الاحتلال في جرائمه، وتدهور الأوضاع الإنسانية والميدانية في قطاع غزة، والتلويح بتطبيق “صفقة القرن” التصفوية، وما يجري من محاولات تهويد كما هو الحال في تجمع الخان الأحمر شرقي القدس المحتلة، سيكون سبباً كافياً لتكرار ما حصل في “إيتمار”، بحسب “المركز الإعلامي الفلسطيني”.